منذ مطلع القرن المنصرم حتى اليوم، يستمر الكيان الصهيونيّ الغاشم بقمع الشعب الفلسطينيّ واستعمار أرضه دون رقيب أو عتيد بسبب فشل الحكومات العربيّة والدوليّة في محاسبته على جرائمه المتزايدة، وبالرغم من استمرار بعض الشركات والمؤسسات العالميّة بمساعدته في انتهاكاته للقانون الدوليّ، نجد حكومة “بنيامين نتنياهو”، تعتبر حركة مقاطعة الكيان الصهيونيّ (BDS) تهديداً استراتيجيّاً لوجودهم غير الشرعيّ في فلسطين، حيث أقرّت لجنة رسميّة صهيونيّة بفشل جهود وزارة الشؤون الاستراتيجيّة في حكومة الاحتلال بالقضاء على حركة المقاطعة العالميّة (BDS) المناهضة لكيانهم الغاصب.
الحركة العالميّة لمقاطعة الكيان الصهيونيّ (BDS)
هي حركة فلسطينيّة المنشأ تأسست عام 2005م، وامتدت لتصبح عالميّة بعد ذلك، تسعى لمقاومة الاحتلال الصهيونيّ وتوسعاته الاستيطانيّة، من أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين وصولاً إلى حقّ تقرير المصير للشعب الفلسطينيّ داخل البلاد وخارجها، وتسعى حركة (BDS) لسحب الاستثمارات من الكيان الصهيونيّ وفرض العقوبات عليه، وتتناول مطالب وحقوق وطموحات كلّ مكوّنات الشعب الفلسطينيّ التاريخيّة.
وتُصنف الحركة على أنّها حركة مقاومة سلميّة غير إقصائيّة مناهضة لكلّ أشكال العنصريّة بما في ذلك الصهيونيّة ومعاداة المجموعات الدينيّة والعرقيّة، وتحظى بدعم من قبل اتحادات ونقابات وأحزاب ومؤسسات المجتمع المدنيّ الدوليّ بالإضافة إلى حركات شعبيّة تمثل الملايين من الأعضاء حول العالم، كما تؤيّدها شخصيات مؤثرة في الرأيّ العام العالميّ.
ومن الجدير بالذكر أنّ “حركة مقاطعة إسرائيل” نجحت في بداية عزل الكيان الصهيونيّ أكاديميّاً وثقافيّاً وسياسيّاً، واقتصادياً إلى حد ما، حتى بات الصهاينة يعتبرون هذه الحركة من أكبر الأخطار الاستراتيجيّة المحدقة بهم، وإنّ تأثير الحركة يتصاعد بشكل ملموس بفضل الحملات العالميّة الممنهجة والاستراتيجيّة بشكل مباشر وغير مباشر.
خلافات حادّة
أوضح الخبير العسكريّ الصهيونيّ، “عامي دومبا”، أنّ لجنة مراقبة الكيان، وهي لجنة رسميّة صهيونيّة، عقدت اجتماعاً برئاسة عضو الكنيست، “عوفر شيلح”، وبحضور رئيس الوكالة اليهوديّة، ومدير وزارة الشؤون الاستراتيجية، للحديث عن نتائج جهود الكيان الصهيونيّ في مواجهة ما أطلق عليها محاولات “نزع الشرعية” عنه.
كذلك، نقل عن “شيلح” قوله إن هناك انتقادات شديدة لتوزيع الصلاحيات في وزارة خارجيّة الاحتلال على مختلف الوزارات، لأسباب متعددة بعضها حزبيّة وسياسيّة، ما ألحق الضرر بوزارة الشؤون الاستراتيجيّة المكلفة بهذا الملف.
فيما أوضحت مواقع إخباريّة نقلاً عن مدير مكتب مراقب الكيان، “يوفال شاي”، أنّ تقرير المُدقق يشير إلى عدم صياغة السياسات والتعاون بين وزارتيّ الخارجيّة والشؤون الاستراتيجيّة في حكومة الاحتلال.
وفي هذا الصدد، قدّم مدير عام وزارة الشؤون الاستراتيجيّة، “رونين مانليس”، لمحة عن حملة “نزع الشرعية عن الكيان”، مبيّناً أنّ الاحتلال يواجه عدداً من التحديات المهمّة، منها القرار الجنائيّ المتوقّع للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وتزايد “معاداة السامية” عبر الإنترنت، بجانب الأزمات الصحيّة والاقتصاديّة العالميّة التي تعدّ أرضاً خصبة لظهور الإجراءات المعادية للكيان الصهيونيّ، بحسب موقع arabi21.
وأوضح مانليس، أنّ ميزانيّة الوزارة لعام 2019م كانت تبلغ 120 مليون شيكل، وتم منح إحدى الشركات المتخصصة لمحاربة “نزع الشرعية” مبلغ 128 مليون شيكل، لمدة 3 سنوات، لكن أداءها لم يكن مرضياّ، وفي النهاية تم استخدام 18 مليوناً فقط، بحسب زعمه.
وفي هذا السياق، كشف النائب الأول لرئيس الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجيّة، “ناعوم كاتس”، عن التوتر الكبير بين وزارتي الخارجيّة ووزارة الشؤون الاستراتيجيّة، موضحاً أنّ وزارة الشؤون الخارجيّة تتعامل مع مجموعة كاملة من المصالح تجاه الدول الأجنبيّة، وجهود “إضفاء الشرعية” جزء منها.
في النهاية، يدرك الاحتلال الغاشم وأعوانه أنّ الشرعيّة التي يحاولون إضفاءها على كيانهم، هي شرعيّة زائفة تُشتتها الحقيقة في كلّ لحظة، وإنّ المبالغ الخياليّة التي تُنهب من أرض فلسطين وتصرف لخلق الشرعيّة للمحتل لا يمكن أن تكون سبباً في ذلك، فكلمة الحق مسموعة ومرعبة مهما ارتفعت أصوات الجنات والمجرمين، وما الرعب الذي أصاب الكيان من حركة (BDS) إلا غيضٌ من فيض الهزيمة والقلق الداخليّ الذي يعيشه الصهاينة هذه الأيام أو الذي سيعيشه في المستقبل.