العدوان السعودي الأمريكي الغاشم لم يكتف فقط بسفك دماء الصيادين وتدميره الممنهج لقواربهم التقليدية البسيطة التي تمثل مصادر أرزاقهم الوحيدة بل تعمد منذ بداية عدوانه ولا يزال وهو في العام السادس من عدوانه الهمجي يضرب ويصب جام أحقاده على مرافق البنية التحتية للقطاع السمكي ويسعى بكل ما أوتي من قوة لتدمير الثروة البحرية والعبث والنهب المنظم لها والقضاء على البيئة البحرية بمختلف الوسائل والأساليب “القذرة”.
الثورة / حمدي دوبلة
جرائم متعددة ومستمرة
حفلت السنوات الخمس الماضية من العدوان السعودي الأمريكي الصهيواماراتي بجرائم وانتهاكات عديدة ومتنوعة استهدفت بشكل ممنهج ومنظم الثروة السمكية التي تزخر بها الشواطئ اليمنية الممتدة على طول 2500 كيلومتر، ناهيك عن آلاف الجزر التي وضعها ضمن نطاق استهدافاته للاستيلاء على خيراتها وتدمير ما لا يستطيع الاستفادة منه على المدى المنظور ليقوم وما يزال بجرائم وانتهاكات جسيمة تخالف كل الأعراف الإنسانية والشرائع السماوية و القوانين والأنظمة الدولية من خلال شن هجمات متكررة على مراكب الصيادين التقليديين في المياه والسواحل الإقليمية اليمنية ليزهق أرواح المئات من أولئك البسطاء الكادحين ويصيب أمثالهم بإصابات مختلفة وإغراق قواربهم في عرض البحر فضلا عن قيامه باحتجاز واختطاف أعداد كبيرة من الصيادين وتعذيبهم بصورة وحشية مخالفة لكل المعاهدات والمواثيق الدولية والإنسانية واقتياد عدد منهم إلى السجون والمعتقلات السرية منها والمعلنة سواء في الأراضي اليمنية أو في أراضي دول العدوان واعتبارهم أسرى حرب.
ولا تقف ممارسات العدوان على امتداد السواحل اليمنية التي يسكنها مئات الآلاف من الصيادين وعائلاتهم واعتمادهم على البحر في لقمة عيشهم على جرائم الاستهداف المباشر لحياتهم بل عمد بشكل خبيث وممنهج إلى تدمير وتلويث الجزر اليمنية وشعابها المرجانية والبيئة البحرية بشكل يجسد مدى الحقد الذي يكنه الغزاة والمعتدون على الشعب اليمني بكافة فئاته وشرائحه الاجتماعية.
ظاهرة نفوق الأسماك
آخر ما ظهر من آثار ممارسات العدوان الإجرامية إزاء الثروة البحرية في اليمن كان الأسبوع الماضي عندما شاهد الصيادون نفوق أعداد هائلة من الأسماك على شواطئ الصليف بمحافظة الحديدة وذلك نتيجة استخدام شباك ومواد ممنوعة سمح العدوان بإدخالها إلى اليمن.
وإزاء هذه الظاهرة الناجمة عن ممارسات العدوان قام فريق إشرافي من اللجنة الزراعية والسمكية العليا ومعهم خبراء في علوم البحار، بالنزول إلى ساحل الصليف لتقصي ظاهرة نفوق الأسماك الصغيرة، وأرجع الفريق أسباب النفوق إلى الصيد العشوائي والجائر من قبل الصيادين باستخدام شباك إسرائيلية ممنوعة كان العدوان قد تعمد إدخالها إلى البلاد.
وأشار الفريق إلى أن أنشطة الاصطياد الجائر والعشوائي للأسماك تنامت في الفترة الأخيرة نتيجة لحاجة الصيادين لتأمين قوت يومهم بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية جراء استمرار العدوان والحصار وانعدام المشتقات النفطية.. وقد استغل العدوان ذلك ووجهه لتحقيق مآربه في تدمير الثروة البحرية.
واكد الفريق أن هذه الظاهرة تشكل تهديدا للأحياء البحرية والمخزون السمكي في المياه اليمنية، لافتا إلى أن غياب الوعي لدى معظم الصيادين أحد أسباب الصيد الجائر على طول الشريط الساحلي للبلاد، حيث يلجأ بعض الصيادين إلى استخدام شباك صيد ضيقة أو أضواء ممنوعة تؤدي إلى تدمير البيئة البحرية.
على صعيد متصل بهذه الظاهرة بشواطئ الصليف شمال مدينة الحديدة ناقش الفريق الإشرافي المكلف من اللجنة الزراعية والسمكية العليا مع المعنيين في الحديدة، السبل الكفيلة بالحد من هذه الظاهرة التي تهدد البيئة البحرية والمخزون السمكي في البحر الأحمر.
وتم الاتفاق على جملة من المعالجات لمنع الصيد العشوائي أبرزها تنفيذ حملة توعية للصيادين عبر غرفة طوارئ الصيادين بمساندة مؤسسة بنيان التنموية وإشراف اللجنة السمكية العليا.
وشدد الفريق على ضرورة حصر شباك الصيد وتحديد المخالف منها عبر اللجنة العليا ومؤسسة بنيان، وتعزيز دور المشاركة المجتمعية في الرقابة وتكليف قوارب رقابة عبر الهيئة العامة للمصائد بالتنسيق مع الجهات المعنية وبإشراف ميداني من البحرية والدفاع الساحلي والجهة الإشرافية بالمديرية.
التجريف والتلويث المتعمد للبيئة
لم تدع دول تحالف العدوان وسيلة للإضرار بالبيئة البحرية اليمنية إلا وأقدمت عليها، وتشير تقارير رسمية إلى أن البوارج الكبيرة التابعة للعدوان تقوم بتفريغ زيوتها في المياه اليمنية وهو ما يؤثر على الأسماك بشكل كبير كما تنفذ مراكب الصيد التجاري والاستثماري وتحت أنظار العدوان وبمباركته تجريفاً واسعاً ناهيك عن تعمد بحرية تحالف العدوان باستخدام أسلحة محرمة تتسبب بنفوق الأسماك بصورة غير مسبوقة وبكميات كبيرة وهو ما انعكس مؤخرا في الشواطئ اليمنية سواء في البحر الأحمر أو على سواحل البحر العربي وخليج عدن في المناطق الجنوبية والشرقية حيث تم مشاهدة كميات من الأسماك النافقة وقد ألقت بها الأمواج إلى الشواطئ في صورة تدمي القلب وتعكس مدى الأجرام الذي يمارسه العدوان بحق اليمن وشعبه وثرواته الطبيعية العدوان .
وتوضح الرقابة البحرية بوزارة الثروة السمكية بأنها تتلقى بلاغات باستمرار عن قيام سفن تابعة للعدوان أو تجارية دخلت بإذن قوى الاحتلال برمي ملوثات كيميائية في البحر الأحمر وفي البحر العربي أيضا.
ويؤكد المختصون أن هذه الملوثات الكيميائية التي تُرمى في المياه الإقليمية اليمنية من قبل هذه السفن تحت نظر قوات تحالف العدوان تمثل خطرا على صحة المستهلك اليمني والعالمي وتتسبب بشكل مباشر في نفوق كميات كبيرة من الأسماك على سواحل البحر الأحمر والبحر العربي.
ثروة واعدة وتدمير ممنهج
الثروة البحرية الواعدة التي تمتلكها اليمن والتي اعتبرها خبراء اقتصاد بانها تشكل ركيزة أساسية في النهوض الحضاري والتنموي المنشود في البلاد يفسر الاستهداف الممنهج والمستمر من قبل تحالف العدوان لهذا القطاع الحيوي.
ويوجد في المياه الإقليمية اليمنية أكثر من 400 نوع من مختلف أصناف الأسماك ومئات الأصناف الأخرى من الكائنات البحرية ويقول مختصون في البيئة البحرية بأن هذا التنوع والثراء في الثروة البحرية اليمنية يعود إلى وجود المواد الغذائية من الشعاب المرجانية النادرة التي تعد الغذاء الأمثل للأسماك وهي متوافرة بشكل كبير في البحرين الأحمر والعربي كما تنتشر على مقربة من سواحل الجزر التي يبلغ عددها 151 جزيرة تابعة لسيادة الجمهورية اليمنية لذلك فقد جعلها العدوان في راس قائمة أهدافه الخبيثة ومخططاته الإجرامية بهدف القضاء عليها وتدميرها بشكل نهائي وبحيث يكون التعافي من هذه الممارسات شبه مستحيل حسب ما يرى المختصون وخبراء البيئة.
هذه الأهداف تبدو جلية في ممارسات السفن السعودية والإماراتية والمصرية والتي تم إعطاؤها الحق في العبث كما يحلو لها في مياه اليمن الإقليمية والتصريح لها بممارسة الاصطياد الجائر والتجريف المدمر للسواحل والأحياء البحرية والشعاب المرجانية ابتداء من سواحل المهرة وصولا إلى شواطئ ميدي في انتهاكات صارخة لكل الأنظمة والقوانين والمواثيق الدولية في هذا الجانب.
معاناة الصيادين التقليديين
في الوقت الذي تمنح فيه سلطات الغزو والاحتلال والعدوان السفن والبوارج ممارسة العبث في مياهنا الإقليمية على نطاق واسع وبدون أي حواجز أو قيود فإنها في المقابل باتت تشدد الخناق على الصيادين المحليين وجعلت قواربهم الصغيرة أهدافا مشروعة للطائرات والبوارج والزوارق البحرية التي قتلت وجرحت آلاف الصيادين ودمرت مئات القوارب بدون ذنب أو جريرة إلا انهم حاولوا ممارسة حقهم في الاصطياد ومزاولة مهنتهم التي يعتاشون منها.
ويروي الصيادون على طول الساحل الغربي حكايات وأحداث ومواقف إجرامية ارتكبها الغزاة بحق الصيادين حيث تم قتل أعداد من هؤلاء البسطاء بدم بارد ومنهم من اغرقوا قواربهم وجعلوهم يموتون غرقا أمام أعينهم ومن هذه الجرائم المشهودة جريمة إبادة ضباط إماراتيين وسعوديين لـ18صيادا من أبناء قرية الكدح بمديرية الخوخة حيث قاموا بإحراق القاربين اللذين كانوا على متنهما قبل أن يقوم بقتل الصيادين بنيران أسلحتهم بصورة متعمدة، وهذه الجريمة رواها الصياد الوحيد الذي نجا من المجزرة بأعجوبة لكن آلة القتل السعودية والإماراتية قامت بتصفيته بعد ملاحقة له دامت اكثر من سنة لينجح قبل عدة اشهر بقتله من خلال حادث سير مدبر في الخوخة ظانا من القتلة بأن تصفية الشاهد الوحيد على المجزرة من شانه أن ينهي الجريمة ويجعلها في ملفات النسيان والضياع.
هذه الجريمة كما يقول الصيادون المحليون في أحاديثهم لـ”الثورة” ما هي إلا نموذج بسيط جدا من حجم وهول ما يتعرض له الصيادون اليمنيون على أيدي ضباط وجنود العدوان المرابطين في البوارج والزوارق البحرية على امتداد المياه الإقليمية وهناك وبعيدا عن الأنظار ووسائل الإعلام ترتكب المجازر والانتهاكات الفظيعة بشكل شبه يومي
وبحسب إحصائيات رسمية غير نهائية فقد بلغ أعداد ضحايا الاستهداف المباشر لطائرات العدوان وبوارجه من الصيادين أكثر من 442 شهيداً وجريحاً خلال الخمس السنوات الماضية كما تم احتجاز ما لا يقل عن 115 صيادًا من دون تهم منهم 3 أطفال في السعودية لفترات تراوحت بين 40 يومًا وأكثر من سنتين ونصف وقد تعرضوا خلال الاحتجاز للتعذيب والمعاملة السيئة ومنعوا أيضًا من الاتصال بأهاليهم، وبحسب تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية فقد نفذت طائرات وبوارج العدوان الكثير من الهجمات القاتلة على قوارب صيد يمنية منذ مطلع 2018م، بالإضافة إلى مشاركة مروحيات تابعة لتحالف العدوان في هجمات أسفرت عن مقتل العديد من الصيادين اليمنيين بينهم أطفال..
وتبقى هذه الأرقام والإحصائيات مجرد تقديرات مصغرة لا تلامس حقيقة ما يتعرض له الصيادون والثروة البحرية اليمنية من جرائم وانتهاكات يندى لها جبين الإنسانية.