“الأمم المتحدة ” ..من الوساطة إلى المساومة
إكرام المحاقري
عندما نشبت نيران العدوان الغادرة في اليمن تحركت “الأمم المتحدة” بسرعة فائقة لتلعب دور الوسيط المحايد والعاقل الفاهم المتدارك لعواقب الأمور .. مضت الأيام ومضت الشهور حتى مضت السنوات وخرجت حقيقة الأمم المتحدة من شرنقة العملاء، ليقدموا أنفسهم جهة معادية للشعب اليمني، وليس بالضرورة حمل السلاح فالسياسة أشد فتكا…
لعبت “الأمم المتحدة” لعبة الإنسانية بصيغة محكمة ولسان هو أقرب إلى لسان النفاق, وتنقلت باللعب بالورقة السياسية من الكويت إلى جنيف إلى عمان إلى السويد، ومن ثم الى مأرب مؤخرا..
ولأن الوضع أصبح حساساً بالنسبة لدول العدوان ولكل من يرضع نفطها تحركت “الأمم المتحدة” كعدو متناسية العناوين التي وجدت في اليمن من أجلها ومتغافلة عن حقيقة وظيفتها كمنظمات إنسانية حقوقية إغاثية محايدة تتحرك ضمن نصوص ومضامين خطوها بأيديهم، وها هي تشهد عليهم..
ولأن الوقت داهم قوى العدوان ولم تنفعهم ورقة الشرعية ولا فتنة زعيم الخيانة “عفاش” ولا انقلاب العواضي في محافظة البيضاء, ولأن أراضي مارب بدأت تتحرر يوماً بعد آخر، كُشف الستار عن شيء لم يكن مستوراً لكن سترته القوى الوطنية في يوم تغاضت عنه وقدمت ورقة الوطن والشعب على كل الأوراق..
وفعلا تحركت الأمم المتحدة كخصم للشعب اليمني وبدأو المساومة على منع صرف نصف راتب لموظفي الدولة قبل عيد الفطر المبارك، وإلا فإنهم سيمنعون دخول سفن المشتقات النفطية.
لم تأبه القيادة الوطنية لمثل هكذا مساومة بل إنها تجاهلت هذه الشروط المتآمرة على لقمة عيش الشعب اليمني، وقاموا بصرف نصف الراتب، ونفذت “الأمم المتحدة” تهديدها بحجز سفن المشتقات النفطية كطرف معادٍ لا يقل حقارة وعمالة عن قوى تحالف العدوان التي تمثلت في 17 دولة في البدلية و3 دول في نهاية المطاف..
لا ننكر وجود الأزمة النفطية في المناطق اليمنية التي تعيش تحت حماية الجيش واللجان الشعبية, لكن ما يسهل علينا إثباته هو الفشل الذريع الذي ألم “بالأمم المتحدة” والفضيحة المدوية التي ألمت بعناوينهم الإنسانية منذ بداية العدوان وحتى اللحظة, فالذي لم تغيره غارات مقاتلات قوى العدوان لم يغيره احتجاز سفن المشتقات النفطية بالنسبة للشعب اليمني الحر الصامد, ولن يكونوا أكثر دهاء من غيرهم، فالوعي هو سيد الموقف ومعرفة العدو هو الأهم..
ومن جديد عادت “الأمم المتحدة” للمساومة بالسماح لسفن المشتقات النفطية بالدخول مقابل عدم صرف نصف راتب لموظفي الدولة, وكأنهم يلعبون لعبة المتاهة ويعودون بأفكارهم وعمالتهم إلى نفس الحَلقة, ولن يحققوا أي نتيجة.
بل إنهم فقدوا كرامتهم ومصداقيتهم وإنسانيتهم المفقودة من قبل, ولسنا هنا في مقام المساوم، بل نحن في مقام صاحب الحق، وهم يعون حقيقة ذلك جيدا, فلا داعي هنا لكثرة الكلام، حيث أن الحسم سيكون في الميدان، وليكن العدو من يكن، فالنصر من عند الله.