د. تقية فضائل
دأب السيدُ القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي-سلام الله عليه- في كُـلّ خطاباته، على أن يتحدّثَ عن قضايا الأُمَّــة العربية وَالإسلامية وما تعانيه من ظلم واستهداف لدينها ومقدراتها وأراضيها من أعدائها التاريخيين، اليهود والنصارى وعملائهم وأدواتهم من الخونة والمنافقين الموجودين في أوساط الأُمَّــة.
وهذا الاهتمام الكبير بقضايا الأُمَّــة يرجعُ إلى أن المسيرة القرآنية تحَرّكت من منطلقات عامة، وهي ليست مؤطرةً بإطار جغرافي أَو سياسي؛ لأَنَّ الأُمَّــة العربية والإسلامية أُمَّـة واحدة، ولديها مسؤولية واحدة وينبغي أن تكون يداً واحدة، ولأن العدوَّ واحد وهو يشكل خطورة على الأمة جمعاء، وقد تطرق إلى ما قام به النظامُ السعودي العميل الذي يتجند لصالح أعداء الأُمَّــة، ويظهر ذلك بجلاء في وصفِ النظام السعودي العميل للمقاومة الفلسطينية والمجاهدين في فلسطين بالإرهابيين، وكذلك شنه حملات إعلامية مشوهة للشعب الفلسطيني والمجاهدين في فلسطين، وقد اعتقل مؤخّراً مجموعة من الفلسطينيين بدون ذنب، وكل ما يتهمهم به هو مواجهتهم للعدوِّ الإسرائيلي ورفضهم للتنازل عن بلادهم ومقدساتهم وحقوقهم المشروعة، وهذا يدعو إلى العجب فعلاً، كيف وصلوا إلى هذا المستوى من العمالة والخيانة للأُمَّـة وقضاياها.
وقد أكّـد السيد القائد أن هذا الأمرَ يعودُ إلى قدرة الأعداء على اختراق الأُمَّــة من الداخل بتحريك بعض أبناء هذه الأُمَّــة لخدمة أهدافها الاستعمارية التخريبية، ويكون اختراق الأُمَّــة أَيْـضاً من خلال استغلال مشاكل الأُمَّــة وانقساماتها وسلبياتها، ويسعى العدوُّ وعملاؤه إلى صناعة المزيد والمزيد من المشاكل والأزمات وتوظيف الكثير من العناوين ذات الطابع الاستقطابي لخداع الناس، لتصلَ إلى ما تريدُ من خلالهم، ومن هذه العناوين الطائفية والمناطقية والمذهبية وغيرها ولا يستجيب لهذه العناوين إلا من عنده قصور في الوعي.
وعاد السيد للحديث مجدّدًا عن قضية فلسطين التي تعد قضية المسلمين الأولى، فأرض فلسطين هي جزء من البلاد الإسلامية، ومقدسات فلسطين العظيمة هي مقدساتنا ولها موقعها في انتمائنا الإيماني والديني، والعدوّ الإسرائيلي يواصل عدوانه وإجرامه ضد الشعب الفلسطيني، ويضم المزيد من الأراضي الفلسطينية ويقتل ويأسر ويخرب ممتلكات الشعب الفلسطيني، ويستهدف الانتماء الديني للمساجد وللصلاة وللشعائر الدينية، وهو يستفيد في هذا كلِّه من الحماية الأمريكية، والسبب في ذلك أن أمريكا وإسرائيل هما وجهان لعُملةٍ واحدة؛ ولأن السياسة الأمريكية يصنعها اللوبي اليهودي في أمريكا وهو أَيْـضاً من يصنع السياسات في معظمِ دول الغرب.
وقد تطرّق السيدُ إلى أوضاع الشعب السوري والمؤامرات الخطيرة التي يتعرّض لها الشعب ونظامه الذي بقي وفياً مع شعبه ومع أمته طوال سنوات الحرب الظالمة، ويتضحُ جليًّا الدور الأمريكي والإسرائيلي فيما يعانيه أبناء الشعب السوري منذُ سنوات، وعلى سبيل المثال: نجد الأمريكي يأتي في بعض المناطق السورية التي سيطر عليها العملاء الخونة لشعبهم وبلدهم بعد أن بذلوا الكثير من التضحيات والدماء والأموال، يأتي الأمريكي بكل سهولة ليبسط سيطرته المباشرة على حقول النفط ويسرقها وينهب ما فيها، وهنا يتجلّى غباءُ العملاء اللامحدود وطمع الأمريكي في خيرات الشعب السوري.
أما الشعب اللبناني فهو يعاني الحصارَ الاقتصادي والمؤامرات على اقتصاده ومعيشته، بعد أن فشل الأعداءُ على المستوى العسكري في مواجهة حزب الله، وَأَيْـضاً فشلوا على المستوى السياسي، فاتّجهوا إلى الجانب الاقتصادي، وإن شاء الله سيفشلون في مؤامراتهم على المستوى الاقتصادي، وكما يسهم دائماً الموالون لأمريكا في معاناة الأُمَّــة في كُـلّ المستويات ومنها المستوى الاقتصادي: نجد مثلاً في لبنان هناك بعض الأحزاب والتيارات السياسية الموالية لأمريكا وهي تتفاعل مع السياسات الأمريكية، وتتجاوب معها وهذه السياسات مستهدفة لاقتصاد لبنان، ثم يلقي هؤلاء الخونة بالملامة على حزب الله وأحرار لبنان وهم في حقيقة الأمر هم المسؤولون عن انهيار الاقتصاد في لبنان، ولكنهم يستغلون بعض المغفلين ويؤلبونهم على حزب الله للقيام ببعض الأنشطة التخريبية وإطلاق الهتافات المعادية لحزب الله والمتهمة له بأنه سبب ما يعانونه، ويعقب السيد أن الحلَّ الحقيقي لما يعيشه اللبنانيون هو حزب الله وما يقدّمه حزبُ الله من معالجات وليس شيئاً آخر، وهكذا تدار الأمور في جميع البلدان الإسلامية.
ولأن كَثيراً مما تقره أمريكا من الإجراءات والتدخلات تلتزم به حكومات وأنظمة من أبناء الأُمَّــة، فعندما تفرض أمريكا على بلد إسلامي حظراً اقتصادياً مثلاً تتجاوب معه الأنظمة والحكومات، وهذا يؤثر على وضعه الاقتصادي وقد يأتي من أبناء ذلك البلد نفسه أحزاب أَو جهات أَو سلطة ما لتتبنى تلك السياسات المضرة بشعبها وبلدها ضرراً اقتصادياً بالغاً، والشعب الإيراني يرزح تحت حصار اقتصادي ومعظم الدول الإسلامية التزمت بالسياسات الأمريكية والموقف الأمريكي ضد الشعب الإيراني المسلم، ومن المعلوم أن إيران تحارب؛ لأَنَّها خارجة عن الهيمنة الأمريكية وتتجه الاتّجاه الحر والشريف والمستقل وهو الاتّجاه الصحيح..
في نهاية هذا المقال، نستطيع القول إن السيدَ عبد الملك أكّـد أن المسيرة القرآنية مشروع عالمي تنطلق من منطلقات عامة، وهي ليست مقصورة على المستوى المحلي فقط بل تهتم بالأمة العربية والإسلامية؛ لأَنَّها أُمَّـة واحدة ومسؤولياتها واحدة وعدوها واحد، وقد حدّد المشاكلَ الأَسَاسية للأُمَّـة الإسلامية بأنها أُمَّـة مستهدفة من أعدائها على كُـلّ المستويات ومخترقة من داخلها بوجود العملاء والمنافقين الذين يسهلون مهام الأعداء في أوساط الأُمَّــة، ويتواطؤون معهم لإخضاع الشعوب لهم بشتى الوسائل، وكذلك من أهمِّ مشاكل الأُمَّــة غياب الوعي المستمد من القرآن الذي ركّز في معظم آياته للتعريف بأعداء الأُمَّــة وَخطورتهم عليها، وكيف يمكن مواجهتهم لكفِّ شرهم وأذاهم.