الاعتداءات الإريترية على الصيادين اليمنيين.. مسلسل انتهاك السيادة مستمر
السعودية والإمارات تفتحان شهية إسرائيل للسيطرة على حنيش عبر إريتريا
ما مدى انتقاص قرار محكمة التحكيم الدولية الخاص بالنزاع اليمني- الإريتري على جزيرة حنيش من السيادة اليمنية؟
(العرب لا يقرأون) مقولة لرئيس وزراء إسرائيل موشي ديان لا يزال العرب يتمثلونها حتى اللحظة ولو على حساب أمنهم القومي
معركة اليمنيين من أجل السيادة الوطنية معركة مقدسة
تكررت في الآونة الأخيرة الاعتداءات الإريترية على الصيادين اليمنيين الذين يمارسون مهنة الاصطياد في المياه الإقليمية اليمنية في البحر الأحمر حول جزيرة حنيش وغيرها من الجزر بقوارب الصيد التقليدية، وتأتي الاعتداءات الأخيرة للبحرية الاريترية على الصيادين اليمنيين لتضاف إلى سلسلة من الاعتداءات التي قامت بها الدولة الجارة والمستقلة حديثا لتذكرنا بحقبة طويلة من التواجد الإسرائيلي في البحر الأحمر الذي بدأ في السبعينيات ولا يزال والذي توطد أكثر بمد إسرائيل جسور العلاقات بدولة إثيوبيا ودولة اريتريا وكان من نتائج علاقتها باريتريا ما حدث من احتلال لجزيرة حنيش اليمنية في العام 1995م والذي صدر بشأن هذا النزاع حكم التحكيم الصادر من محكمة التحكيم الدولية الصادر في 9 سبتمبر 98م وقضى بأحقية اليمن لجزيرة حنيش وصدور قرار ترسيم الحدود في العام 1999م.
“الثورة ” وفي إطار اهتمامها ومتابعتها لما حصل من اعتداءات اريتريا على الصيادين اليمنيين الذين يقومون بالاصطياد في المياه الإقليمية اليمنية كعمل مشروع وفقا للقوانين اليمنية وقواعد الملاحة الدولية تذكر بمحطات من العلاقات اليمنية الاريترية التي كانت حنيش مقياس تلك العلاقة وما مدى ارتباط وجود إسرائيل في البحر الأحمر وعلاقتها مع اريتريا ودعمها لاحتلال جزيرة حنيش في العام 1995م وعلاقتها بما يحصل من اعتداءات على الصيادين اليمنيين في الوقت الحالي وكيف ساعد احتلال السواحل اليمنية والجزر من قبل السعودية والإمارات في فتح شهية إسرائيل عبر اريتريا في محاولات احتلال الجزيرة مرة أخرى وهل ساهمت الثغرات الموجودة في حكم محكمة التحكيم الدولية التي أشركت الاريتريين بحق الاصطياد في المياه اليمنية حول حنيش وغيرها من الجزر حولها من الانتقاص من السيادة اليمنية على جزيرة حنيش كل تلك التساؤلات وغيرها نجيب عليها من خلال هذا التقرير:الثورة / خاص
أمن البحر الأحمر
كانت اليمن في بداية السبعينيات أول من تبنى قضية أمن البحر الأحمر عبر رئيسها المغدور به إبراهيم الحمدي، حيث أدرك الرجل مبكراً خطر وجود إسرائيل في البحر الأحمر إلا أن تلك القضية رغم أهميتها الاستراتيجية على الأمن العربي وتحديداً أمن الدول المطلة على البحر الأحمر لم تجد من يقف معها لا من قبل النظام الحاكم في اليمن الذي جاء بعد إبراهيم الحمدي ولا من قبل الدول العربية المطلة على البحر الأحمر والتي ركنت لعلاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية ووجدت في هذه العلاقة ما اعتقدت أنه سور حماية على أمنها وهي القشة التي قسمت ظهر البعير وجعلت إسرائيل الطفلة المدللة للأمريكان في الشرق الأوسط حاضرة وبقوة في البحر الأحمر حيث نسجت علاقتها مع إثيوبيا واريتريا.
استقلال اريتريا عن أثيوبيا
مثَّل استقلال اريتريا عن إثيوبيا في 24مايو 1993م مكسباً للشعب الإريتري بعد مسيرة 30عاماً من النضال لنيل الاستقلال من إثيوبيا حيث وقفت الكثير من الشعوب مع استقلال الشعب الإرتيري وكان شعبنا اليمني أول الشعوب الذي بادر وساعد ودعم نضال الشعب الإرتيري من أجل نيل استقلاله عن إثيوبيا حيث استقبل الكثير من المعارضين الاريتري في صنعاء بل إن الجزر اليمنية ومنها جزيرة حنيش ظلت منطلق الثوار الاريتريين لنيل الاستقلال كما أن اليمن كانت لها علاقة دبلوماسية متميزة مع اريتريا بل إن بعض الصحف الحزبية في التسعينيات نشرت الكثير من المعلومات عن مساهمة المؤسسة الاقتصادية العسكرية سابقا وأنها دعمت ونفذت الكثير من المشاريع دعما للدولة الوليدة ومن أبرز هذه المشاريع تقديم وتنفيذ تجهيز وتأثيث القصر الرئاسي في اريتريا وغيرها.
وبمقدار دعم ومساعدة اليمنيين للدولة الوليدة كان مقدار غدرها وتنكرها لليمن حكومة وشعبا حتى وصل إلى احتلال جزيرة حنيش اليمنية وهو الاحتلال الذي كان لا يمكن أن يكتب له النجاح دون الدور الإسرائيلي والدعم اللوجستي لاريتريا في البحر الأحمر ووجود علاقات بين الكيان الإسرائيلي والدولة المستقلة، حيث وصلت العلاقات بين إسرائيل واريتريا لدرجة إجراء عملية جراحية للرئيس الإريتري “أسياسي أفورقي” في الدماغ بمستشفى في تل أبيب إلا أن التبعية العمياء للولايات المتحدة الأمريكية وسفيرها في صنعاء في ذلك الوقت جعل النظام الحاكم يحمل مسؤولية احتلال جزيرة حنيش اليمنية لارتيريا الدولة العاجزة حينها عن امتلاك زورق بحري واحد، ويغض الطرف عن دور إسرائيل في احتلال الجزيرة ويرضى بطريق التحكيم الدولي لحل قضية احتلال اريتريا لجزيرة حنيش.
قرار التحكيم انتقاص للسيادة اليمنية
رغم صدور قرار محكمة العدل الدولية المتعلق بأحقية اليمن لجزيرة حنيش في لندن في التاسع من أكتوبر 1998م وصدور القرار بترسيم الحدود بين البلدين في 17ديسمبر 1999م الذي مثل انتصاراً لليمن ونجاحاً للجنة اليمنية للدفاع عن حنيش الذي تشكل من رجال القانون والمختصين في الجغرافيا والتاريخ ورجال الدبلوماسية اليمنية وهو الحكم الذي تطابق مع حقائق التاريخ والجغرافيا والمؤيد بالعديد من الوثائق اليمنية لسيادة اليمن على الجزيرة إضافة إلى ما استدلت به لجنة التحكيم اليمنية من أدلة تمثل إقرار اريتريا بملكية الجزيرة لليمن ومن ذلك الخرائط الموجودة في المنهج الدراسي الاريتري التي أقرت بأن جزيرة حنيش يمنية
إلا أن حكم التحكيم في مرحلته الثانية انتقص من سيادة اليمن على جزيرة حنيش والجزر المجاورة لها رغم عودتها الفعلية للسيادة اليمنية بتاريخ 31 اكتوبر 1999م والاحتفال عبر وحدات رمزية من القوات المسلحة اليمنية بالعودة الفعلية للجزيرة إلى السيادة اليمنية في 1نوفمبر 1999م حين قرر حكم محكمة التحكيم أن الاصياد حول الجزيرة وغيرها من الجزر المجاورة حق لليمنيين والاريتريين بنص المواد (103) (109) (110) من حكم محكمة التحكيم وهو القرار الذي علق عليه وزير الخارجية الاريتري حينها “هيلي ولد تنسائي ” بأنه يعرب عن تقديره للحكومة اليمنية بسبب التزامها بقرار محكمة التحكيم الدولية في مرحلته الأولى وكذلك في مرحلته الثانية الصادر في 17 ديسمبر 1999م بترسيم الحدود.
كما علَّق مصدر في وزارة الخارجية الاريترية في العام 2000م بالقول “الحكم الصادر من محكمة التحكيم الدولية في مرحلته الثانية بهذا الخصوص في مضمونه لصالح ارتيريا” ويقصد إعطاء اريتريا حق الاصطياد في جزيرة حنيش اليمنية مع الصيادين اليمنيين بشرط أن يكون الاصطياد تقليدياً أي عبر قوارب الصيادين الصغيرة والتقليدية.
هذه الثغرة في حكم محكمة التحكيم الدولية تستخدمها اريتريا وحليفتها إسرائيل المتواجدة بشكل دائم في هذه المنطقة بحكم علاقتها مع حليفتها اريتريا وما تقدمه من خدمات لوجستية للبحرية الاريترية وهذا ما يفسر الاعتداءات المتكررة على الصيادين اليمنيين في جزيرة حنيش حيث وصلت العلاقات الإسرائيلية الاريترية الى مرحلة متينة من العلاقات المتبادلة.
فقد أوضحت صحيفة “يديعوت احرنوت” من خلال تقرير مفصل لها أن عشرات الشركات الصهيونية تعمل تحت غطاء شركات أوروبية على أرض هذه الدولة الفقيرة في عدة مجالات بدءاً من المجالات الأمنية مروراً بالأدوية ومناجم الماس وانتهاء بالزراعة والتجارة.
وأضافت “يديعوت أحرونوت” أن إريتريا تكن احتراماً وتقديراً كبيرين للكيان الصهيوني، وأن العلاقة الأمنية بينهما متينة للغاية، حيث أن عدداً من كبار الضباط الصهاينة يشرفون على تدريب وحدات الجيش والشرطة وكذلك الوحدات الخاصة “الكوماندوز” هناك.
وكشفت يديعوت احرنوت أنه يوجد للكيان الصهيوني في اريتريا قاعدتان عسكريتان، الأولى متخصصة في الجانب الاستخباري وجمع المعلومات والثانية قاعدة تزويد للغواصات الألمانية التي يستخدمها الجيش الصهيوني.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن هناك العشرات من الصهاينة يقيمون اليوم في اريتريا، ويعملون في الزراعة لصالح شركات أوروبية.
ونقلت يديعوت عن المحامي الصهيوني “عدى برونشتاين” مستشار جمعية الصداقة الإسرائيلية الإفريقية أنه طرأ ارتفاع هائل في حجم النشاطات بين كل من تل أبيب وأسمرة خلال السنوات الخمس الماضية، كما نقلت الصحيفة العبرية عن أحد العمال اليهود الذين يعملون في إريتريا قوله “إن الصهاينة يحبون هذا النوع من الدول الناشئة” حيث إمكانيات العمل هائلة، من تزويد الأدوية والسكر والبطاطس وحتى جلب السمسم والكاكاو إلى الكيان الصهيوني.
ومن مجمل ما ذكرنا وبشكل مفصَّل عن العلاقات الاريترية الإسرائيلية فإن الاعتداءات على الصيادين اليمنيين ستسمر، لأن الهدف أكبر من مجرد اعتداء على الصيادين فالهدف هو احتلال جزيرة حنيش مرة أخرى.
صمت المرتزقة على الاعتداءات الاريترية
لا يمكن تبرير صمت المرتزقة من اليمنيين وعدم إدانتهم الاعتداءات الاريترية على الصيادين اليمنيين وهذا الصمت المطبق يندرج في إطار أن هؤلاء لم يعوا حتى اللحظة حقيقة الصراع الحاصل منذ بداية العدوان على اليمن ولا يزالون يقفون مع أدوات إسرائيل في المنطقة من السعوديين والإماراتيين ومؤخراً الإريتريين.
المزايدة بحنيش وتسليم السواحل والجزر اليمنية للسعودية والإمارات
بعض المرتزقة في الساحل الغربي يقولون إنهم يدافعون عن جزيرة حنيش في حين أن نفس هؤلاء هم من سلّم -ولا يزال- السواحل والجزر اليمنية للمحتل السعودي والإماراتي على طبق من ذهب وشتان بين من يدافع على سيادة وطنه وبين من يريد السيطرة الشكلية على الساحل الغربي لاستعادة نشاط شركات استيراد الخمور وبيع السلاح والقرصنة للسفن التجارية وناقلات النفط وحتى نسمي الأشياء بمسمياتها ثمة أحكام قضائية صدرت ضد يمنيين وصوماليين قبل سنوات بجرائم قرصنة لسفن وناقلات نفط تجارية في البحر الأحمر اتضح بعد ذلك أن من حكم عليهم كانوا مجرد أدوات تعمل ليحيى محمد عبد الله صالح وآخرين في النظام السابق تركوا ليواجهوا مصيرهم المحتوم بعد القبض عليهم، أما المجرمون الحقيقيون فظلوا ولا يزالون بعيدين عن العدالة وبالتالي فإن المرتزقة يتحملون مسؤولية أمن جزيرة حنيش اليمنية والتفريط فيها.
غياب الوعي العربي بخطر وجود إسرائيل في البحر الأحمر
قال موشي ديان رئيس وزراء إسرائيل السابق “أن العرب لا يقرأون” ولهذا القول ما يؤكده وهو عدم إدراك العرب خطورة إسرائيل على أمنهم القومي وهو سبب ما يعانيه العرب اليوم، ويظهر عدم الوعي بخطورة التواجد الإسرائيلي في البحر الأحمر واضحا بما يقوم به مرتزقة العدوان من اليمنيين في الساحل الغربي وخطورة ما قاموا به ولا يزالون من تسليم السواحل والجزر اليمنية للاحتلال السعودي الإماراتي تحت ذريعة خرقاء هي استعادة ما يسمى بشرعية الرئيس الفار هادي وهو الاحتلال الذي فتح شهية الكيان الإسرائيلي للسيطرة على جزيرة حنيش عبر أدواتها اريتريا مستغلة حالة الانقسام اليمني القائمة وكون هذه المناطق تحت سيطرة مرتزقة العدوان فإسرائيل وحدها تعرف قيمة وأهمية جزيرة حنيش الاستراتيجية ويؤكد ذلك ما يظهر على السطح من اعتداءات على الصيادين اليمنيين أو في محاولات احتلال جزيرة حنيش مرة أخرى.
اليمنيون ومعركة النفس الطويل لاسترداد الحقوق المسلوبة
إن معركة اليمنيين من اجل السيادة الوطنية على كل شبر من اليمن هي معركة طويلة وهي معركة وطنية خالصة لا مكان فيها للمساومة، ويعرف اليمنيون واليمنيات الكلفة الباهظة لهذه المعركة لكن لا يوجد أمام اليمنيين إلا خوض هذه المعركة المصيرية حتى النهاية والانتصار فيها لتعلقها بحاضر ومستقبل اليمن أرضا وإنساناً، أمّا المشاريع الصغيرة فمصيرها الهزيمة والزوال على أيدي المخلصين من أبناء اليمن فحين نحمّل المرتزقة مسؤولية ما تواجهه الجزيرة من اعتداءات اريترية لا نتخلى عن مسؤوليتنا في الدفاع على الصيادين اليمنيين وحماية سواحلنا وجزرنا لكن نذكر من كان السبب في هذه الاعتداءات -ولا يزال- حين رمى بنفسه إلى حضن دول العدوان ضد المصالح الوطنية لليمن أرضا وإنساناً.