باريس تتهم أنقرة بالاعتداء على سفينة تابعة لها في الناتو
وفد تركي كبير يزور طرابلس لتثبيت وقف إطلاق النار من جديد في ليبيا
طرابلس / وكالات
وصل وفد تركي كبير إلى العاصمة الليبية طرابلس وسط حراك دبلوماسي متسارع لنزع فتيل تصعيد عسكري جديد في ليبيا. وبينما اتهمت باريس أنقرة بالتحرش بإحدى سفنها في البحر المتوسط، تسعى حكومة الوفاق الوطني إلى تحقيق دولي في جرائم الحرب التي تتهم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بارتكابها.
وضم الوفد التركي الذي وصل أمس الأربعاء وزيري الخارجية مولود جاويش أوغلو والمالية براءت البيرق، ومدير المخابرات هاكان فيدان، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالن.
وأشارت وسائل الإعلام إلى أن المسؤولين الأتراك سيجتمعون مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراح وأعضاء آخرين بالمجلس، ومع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري لبحث التطورات الأخيرة في ليبيا.
وتأتي زيارة الوفد التركي وسط دعوات دولية لوقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية، في ظل محاولات تبذلها بعض الدول لمنع قوات حكومة الوفاق من إطلاق عملية عسكرية لاستعادة مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) وقاعدة الجفرة الجوية التي تبعد 650 كلم إلى الشرق من العاصمة.
كما تأتي وسط أنباء عن سعي تركيا لتعزيز تعاونها العسكري مع حكومة الوفاق من خلال نشر قوات في قاعدة الوطية الجوية غربي البلاد، وفي قاعدة مصراته البحرية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتفق سابقا مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على ضرورة تعزيز عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في ليبيا لإيجاد حل للصراع هناك.
من جانب آخر قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس الأربعاء إن بلاده ترحب باستخدام واشنطن نفوذها من أجل إرساء وقف لإطلاق النار في ليبيا.
ومن المقرر أن يلتقي وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في أنقرة، وسيبحث الطرفان تعزيز العلاقات الثنائية كما سيتناولان الوضع في ليبيا.
وتعد تركيا أحد الداعمين الرئيسيين لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا، كما تصنف إيطاليا ضمن المحور المساند لهذه الحكومة رغم أنها أجرت في السابق اتصالات مع حفتر، وموقفها المعلن هو ضرورة وقف إطلاق النار في ليبيا واستئناف العملية السياسية.
اتهامات فرنسية
في هذه الأثناء، وفي ظل توتر شديد بين باريس وأنقرة على خلفية التطورات في ليبيا، اتهمت وزارة الدفاع الفرنسية البحرية التركية بانتهاج سلوك عدواني ضد سفينة فرنسية تقوم بمهمة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في البحر المتوسط.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول في وزارة الدفاع الفرنسية قوله إنه لا يمكن لحلف الناتو أن يدفن رأسه في الرمال كالنعام والتظاهر بعدم وجود مشكلة بخصوص تركيا يجب التعامل معها.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر الجزيرة بأن هناك سبع قطع بحرية تركية قبالة السواحل الليبية، وسبق لقطعة بحرية فرنسية محاولة الاقتراب من سفن شحن قادمة من تركيا، إلا أن القطع البحرية التركية منعتها أكثر من مرة من الاقتراب من أي سفينة قادمة إلى ميناءي طرابلس أو مصراته في ليبيا.
وشهدت الأيام الماضية تراشقا بالاتهامات بين تركيا وفرنسا، فبعد أن وصفت باريس الدور التركي في ليبيا بالعدائي، ردت أنقرة باتهام باريس بدعم حفتر في مسعاه للإطاحة بالحكومة الليبية الشرعية، لتعقب الأخيرة باتهام تركيا بإشاعة الفوضى في ليبيا.
جرائم حفتر
على صعيد آخر، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الليبية محمد القبلاوي إن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج طلب في رسالة موجهة للبعثة الأممية في ليبيا تقديم المساعدة اللازمة للتحقيق في جرائم حفتر بمدينة ترهونة التي سيطرت عليها قوات الوفاق قبل عشرة أيام.
وقال السراج في رسالته إنه من المفيد أن تُقدم َالبعثة مساعدةً فنية، على أن تكون في صورة مشورة في مجال حقوق الإنسان وتوثيق هذه الانتهاكات وجمع الأدلة.
وأكد القبلاوي أن حكومة الوفاق تسعى للتحقيق في جرائمِ المقابر الجماعية في ترهونة، وزرع ِالألغام جنوب العاصمة، ومعاقبة مرتكبيها بكل شفافية.
وكانت حكومة الوفاق بعثت في وقت سابق برسالة إلى مجلس الأمن بشأن المقابر الجماعية في ترهونة وزرع الألغام في ضواحي طرابلس الجنوبية من قبل قوات حفتر وداعميها من المرتزقة الروس.
في هذا السياق، كشف ناصر غيطة مستشار وزير العدل الليبي لحقوق الإنسان مساء أمس عن مساع دولية جارية حاليا لتشكيل لجنة تقصي حقائق في انتهاكات قوات حفتر.
وقال غيطة إن بلاده توثق الانتهاكات وتجمع الأدلة لملاحقة المتورطين في تلك الانتهاكات سواء على المستوى الوطني أو الدولي، مشيرا إلى أن ذلك يشمل المحكمة الجنائية الدولية إذا عجز القضاء الوطني عن محاكمة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
جثث وألغام
في هذا السياق، انتشل فريق تابع لجهاز الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة بحكومة الوفاق جثثا عديدة من منطقة مشروع الهضبة جنوبي طرابلس، حيث دارت اشتباكات عنيفة لأكثر من عام خلال الحرب.
وقال مصدر من جهاز الإسعاف والطوارئ إن جلّ الجثث المنتشلة مجهولة الهوية، وبعضها وجدت متفحمة بالكامل، كما أن منها ما وجد هيكلا عظميا داخل إحدى السيارات.
وأوضح المصدر أن جميع ما عثر عليه من الجثث نقل بالتنسيق مع وزارة الداخلية إلى ثلاجة الموتى بمستشفى طرابلس المركزي.
من جهته قال خالد جبريل رئيس قسم التوعية ومساعدة الضحايا بالمركز الليبي للأعمال المتعلقة بالألغام ومخلفات الحروب، إن 39 شخصا قتلوا وأصيب 71 نتيجة الألغام جنوبي طرابلس.
وأضاف جبريل في مؤتمر صحفي أن مناطق صلاح الدين وعين زارة وطريق المطار ومشروع الهضبة والخلة شهدت نحو 35 حادث انفجار للألغام منذ 22 من الشهر الماضي وحتى منتصف الشهر الحالي، مما أسفر عن سقوط هذا العدد من الضحايا.
من جانبه، قال رئيس الغرفة الميدانية لنزع الألغام بجهاز المباحث الجنائية العميد أحمد بعيو إن الألغام التي زرعت جنوبي طرابلس تفوق عدديا ونوعيا نظيرتها التي زرعها عناصر تنظيم داعش في سرت.