الاسرة/ إيناس عبدالحليم
عندما يقترب طفلك من سن البلوغ، تبدأ الكثير من التغيرات في جسمه فهو لم يعد طفلاً صغيراً ولكنه مازال طفلاً.. قد تتسم هذه المرحلة بالكثير من الخلافات، فطفلك الآن يسعى لأن يكون أكثر استقلالية عنك هو يدرك أنه يمكنه الاختلاف عن أهله ويبدأ بتكوين معتقداته الخاصة به، كما أن التغييرات الهرمونية في جسده قد تسبب له الكآبة والعصبية والبكاء.
في هذه المرحلة يتأثر الطفل كثيراً بأصدقائه ويمضي معهم الكثير من الوقت ويرغب في عمل ما يعملونه حتى إذا لم يوافق الأهل على ذلك.
قد تشعرك هذه المرحلة بالعجز والقلق على سلامة طفلك ومستواه الدراسي وتورطه في المشاكل المختلفة وتعرضه لضغوطات الأصدقاء.
عليك في هذه المرحلة احترام حاجته للاستقلالية والحرص على بناء علاقة متينة معه، يمكنك ذلك من خلال:
– قضاء وقت خاص معاً، يمكنك انجاز الأمور العائلية معاً و التحدث معه عن أصدقائه ومشاكله ومدرسته واهتماماته.
– ابتعدي عن النقد ولاحظي إنجازاته ومهاراته ومواهبه.
-شجعيه ليؤمن بقدراته الخاصة وأنه يستطيع.
– ساعديه على اكتساب حسه الخاص للتمييز بين الصواب والخطأ، تحدثي معه عن الأمور الخطرة مثل التدخين مثلاً وناقشي معه لماذا وكيف يتجنب هذه الأمور.
– تعرفي على أصدقائه والتقي بعائلاتهم وشاركيهم أنشطة تهمهم.-
كوني قريبة منه واعرفي اين يذهب ومع من ولكن احترمي حاجته للاستقلالية واكدي له أنك تثقين به وتؤمنين بقدرته على التصرف.
-علميه تحمل المسؤولية بإشراكه في المهام المنزلية وعملية اتخاذ بعض القرارات حول المنزل.
-ساعديه على اكتساب التعاطف تجاه الآخرين بإشراكه في أعمال الخير..
– ساعديه في التفكير بالمستقبل ووضع أهداف خاصة، شجعيه ليمتلك حلماً لما يمكن أن يكوّنه في المستقبل.
بشكل عام طفلك بهذه المرحلة يحتاج -فن الاعتذار …
أحمد قل أنا أسف … احمد اعتذر لقد ضربت صديقك .. احمد يجب ان تعتذر لقد أخطأت، احمد إن لم تعتذر سأعاقبك.
أحمد ما الذي سيقوله عنا الناس إن لم تعتذر!!
هذه الجمل نقولها لأطفالنا مرارا وتكرارا عندما يخطئون أو عندما يضعونا في موقف محرج مع أطفال أصدقائنا ونجد أنفسنا محل مراقبة كيف سأتصرف مع طفلي كي أظهر بأني ام جيدة.
كما أننا سنضطر لإجبار الطفل على الاعتذار لأنه لا يقبل أن يعترف بخطئه وربما قد نجبر أطفالنا على الاعتذار كي نصلح أخطاء أطفالنا أو حتى لنجعل الطفل الآخر يهدأ.
أو ربما سنجبر أطفالنا على الاعتذار لقناعتنا بأن الأطفال يجب أن يتعلموا أن يعتذروا وأسباب كثيرة قد تجعلنا نجبر أطفالنا على الاعتذار.
ما الذي سيحصل لأطفالنا إن أجبرناهم على الاعتذار؟
اجبار الطفل على الاعتذار غير مجدٍ بالكلمات فقط لن يتعلم الطفل على تحمل المسؤولية والانضباط الداخلي والرغبة في تصحيح الأخطاء.
كما انه قد يشعر الطفل بالإحباط والخجل أو انها قد تصبح تذكرة الطفل المجانية للتخلص من مسؤولية افعاله فبمجرد اعتذاره انتهى الموقف.
ان اجبار الطفل على الاعتذار قد يوصل للطفل رسائل سلبية مفادها ان رأيك غير مهم وأن إرضاء الآخرين هو الأهم وقد يدفع الطفل للكذب والقاء المسؤولية على الآخرين لتجنب العقاب والإهانة.
هل هذا ما نريد لأطفالنا أن يتعلموه؟
إذاً ما الحل نريد لأطفالنا أن يتعلموا ثقافة الاعتذار ولا نريد أن نجبرهم أو نرسل لهم رسائل سلبية.
الحل كالتالي:
1 – كوني قدوة .. كي يتعلم طفلك ثقافة الاعتذار اعترفي بخطئك -اعتذري عنه – وقدمي الرغبة بالبحث عن الحلول سويّة.
2 – كوني صبورة وتذكري هدفك بعيد المدى الا وهي تعليم الطفل اصلاح الخطأ وليس تكرار كلمات لا يشعر بها لإرضاء الآخرين أو أنفسنا.
3 – تجنبي أسلوب اللوم والإهانة واستخدمي مهارة التواصل قبل التصحيح دائما إن رغبت ان تكسبي تعاون طفلك بدلا من التحدي أو العناد إبدأي أولا بالتواصل مع طفلك عبر مراعاة مشاعره واعطائه مجالاً لسرد ما حدث بإصغاء واهتمام.
4 – تذكري بأن الطفل متعاون ومتعاطف بالفطرة فبدلا من استخدام أسلوب الأمر يدخل من اذن ويخرج من الأخرى، جربي استخدام أسلوب الأسئلة الاستفهامية الفضولية عن مشاعر الطفل حول الموقف وأيضا حول مشاعر الطفل الآخر.
مثال (يا ترى كيف تشعر حيال ما حدث؟ كيف تعتقد ان صديقك قد شعر عندما حدث ذلك؟ برأيك كيف يمكنك تصليح الخطأ؟).
5 – بدلا من التركيز على العقاب كون الطفل رفض الاعتذار أو التهديد بالعقاب ركزي على الحلول لإصلاح الخطأ (البداية بالاعتذار الشفهي جيد ، لكن التفكير بإصلاح الخطأ بطرق فعلية هو أفضل بالتأكيد.
6 – تذكري بأن الطفل قد يحتاج للوقت حتى يهدأـ ويعيد التفكير في الموقف من جديد (لاحظت أنه عندما تهدأ ابنتي تأتي لتعتذر من نفسها).
7 – عندما يهدأ الطفل جربي مهارة لعبة الأدوار مع الطفل وذلك بأن تعطي لطفلك المجال بإعادة تمثيل الموقف وبالتالي اعطائه فرصة لإعادة التفكير في الموقف ومن ثم التفكير في طريقة جديدة ليستخدمها ان تكرر الموقف مرة أخرى.
8 – استخدمي أسلوب التشجيع لتعزيز السلوكيات الإيجابية عند الأطفال.
مثال (لقد رأيت كيف اعتذرت لأختك عن خطئك اليوم .. هذا تصرف يدعو للسرور .. لابد أنك فخور بما فعلت).
9 – أخيرا … لا تسمحي للآخرين بالتأثير على هدفك الأساسي لتربية طفلك وتذكري أن تفصلي ذات طفلك التي تستحق الاحترام عن أفعاله وتصرفاته، تجنبي إهانة الطفل أو معايرته وشجعي استخدام مهارة التعبير عن المشاعر باستخدام (انا) بدلا من (انت).
مثال: (أنا أشعر بالسوء حيال ما حدث، أنا متأكدة بأنك ستفكر بحلٍ من نفسك).
-ما يهم .. هو أن نعلم أطفالنا أن الأخطاء هي فرص للتعلم .. وبأنها قابلة للإصلاح.
– ما يهم .. هو أن نعلم أطفالنا بأن المهم أن نكون صادقين ونتحمل مسؤولية اخطائنا وهذا لن يحدث الا إذا تعلمنا تقبل اخطائهم وفتحنا باب الحوار بيننا وبينهم.
-قد يكون من الأسهل أن نجبر أطفالنا على الاعتذار.. لكن تذكري بأن الاعتذار النابع من قلوبهم مع التفكير في كيفية إصلاح الخطأ هي مهارة ستبقى معهم أبد الدهر ويوما ما سيعتذر رجلك الصغير\فتاتك الصغيرة دون خجل لأنهم تعلموا منك المعنى الحقيقي للمسؤولية وعندها فقط سيقطف الثمر.
* مدربة تربية إيجابية معتمدة واستشارية
قد يعجبك ايضا