الشهيد الصماد رجل المسؤولية

 

عبدالفتاح علي البنوس

لا نبالغ عندما نصف الرئيس الشهيد صالح علي الصماد طيب الله ثراه ، بأنه رجل المسؤولية الأول في اليمن ، فالرجل الذي رأس المجلس السياسي الأعلى والذي جاء محصلة للتوافق الوطني بين أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام والقوى المناصرة لهما والمتحالفة معهما ضد العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي الصهيوني الغاشم ، عقب عملية تبادل سلمية للسلطة بين رئاسة الثورية العليا ورئاسة المجلس السياسي الأعلى ، سلم خلالها الأستاذ محمد علي الحوثي رئيس اللجنة الثورية السلطة للرئيس صالح علي الصماد رئيس المجلس السياسي الأعلى ، والذي حظي بحالة من الإجماع والتوافق بين أعضاء المجلس على تسميته رئيسا للمجلس بعد أن رأوا فيه الكفاءة والحنكة القيادية والمؤهلات الإدارية التي تؤهله لقيادة البلاد ، وإدارة ورعاية شؤون ومصالح الشعب اليمني .
كانت المسؤولية بالنسبة له مغرما لا مغنما ، وتكليفا لا تشريفا ، لا يشعرك بأنه المسؤول الأول في البلاد بتواضعه ودماثة أخلاقه ، وبساطته ، وقربه من المواطنين ، واستشعاره للمسؤولية المنوطة به ، فكان منذ ساعات الصباح الباكر حتى ساعات متأخرة من الليل ، في عمل دؤوب من أجل تعزيز الصمود والثبات وإسناد المقاتلين ومتابعة أخبارهم أولا بأول ، في الوقت الذي يعمل على متابعة كافة الملفات المتعلقة بأوضاع المواطنين في المحافظات ، ومستوى أداء السلطات المحلية والأمنية فيها ، وكان رحمة الله تغشاه أكثر القادة الذين تعاقبوا على حكم اليمن واقعية ومسؤولية ، فعرف بشفافيته ، وجرأته ، وصراحته ، فكانت مكاشفاته للقوى الوطنية أثناء ظهور بعض الشطحات والوقوع في بعض الهفوات ونشوب بعض الإشكاليات أشبه بالبلسم الذي يطبب الجراح ويلامس الوجع ويصف العلاج الناجع .
وعلى الرغم أنه كان يشغل منصب رئيس المكتب السياسي لأنصار الله ، إلا أن رئاسته للمجلس السياسي الأعلى اتسمت بالمسؤولية الوطنية ، المجردة من الولاءات والانتماءات الحزبية والمناطقية والمذهبية ، فكان رئيسا لكل اليمنيين ، وكانت معايير الكفاءة والنزاهة والمؤهلات الإدارية هي الطاغية على القرارات التي تصدر عنه كرئيس لليمن ، وكان يرى بأن مسح الغبار من على نعال المجاهدين أشرف وأغلى من كل مناصب الدنيا ، في دلالة على فهمه وإدراكه للمسؤولية الحقيقية التي يجب على كل من يتحملها في أي مرفق أو مؤسسة حكومية أو خاصة التحلي بها وأن يكون على وعي وبصيرة بمقتضياتها ومتطلباتها وما عليه من واجبات تجاهها ، فالمسؤولية ليست سيارات مدرعة ، وزجاجات معكسة ، وطابور (طويل عريض) من المرافقين (المقعشين) و ( تفاحيط ) سيارات المرافقين المكشوفة ، واستعباد واستبداد الناس والتسلط على رقابهم .
تعامل مع مرافقيه وموظفيه ومن حوله بمسؤولية الأب والأخ والصديق ، ولم يشعرهم بأنه أكبر منهم مكانة ، ولا أكثر منهم أهمية ، فكان حريصا عليهم أكثر من حرصه على نفسه ، من باب (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) في الأعياد اعتدنا بأن الرؤساء ينتظرون صبيحة يوم العيد في قصورهم الرئاسية تحت الحراسة المشددة لاستقبال المهنئين لهم من كبار مسؤولي الدولة بالعيد ، ولكن الرئيس الشهيد صالح الصماد كان له سياسة مغايرة ، فكان يقضي إجازة العيد في زيارة رجال الرجال في الجبهات وتبادل التهاني معهم والسلام عليهم ، مقدما إياهم على أولاده وأسرته ، في تجسيد عملي للمسؤولية التي يجب أن يتحلى بها المسؤول .
بالمختصر المفيد، لقد أعاد الرئيس الشهيد صالح علي الصماد (رجل المسؤولية) للمسؤولية قيمتها ومكانتها وطبيعتها ، وقدم لمن سيأتي خلفه من الرؤساء والقادة ، تجربة فريدة من نوعها ، كفيلة بمن يسير وفقها ، ويعمل على تطبيقها ، بالأخذ بأيديهم نحو النجاح والتميز في المهام والمسؤوليات الموكلة إليهم ، وتمنحهم رضا الله ورضوانه ، وتكسبهم محبة وتأييد وثناء الشعب عليهم في حياتهم وبعد مماتهم ، فأنت كمسؤول عليك أن تقدر المسؤولية التي أنت فيها ، وتحترم نفسك ومن حولك ، لتبادل منهم بذات الشعور ، لا تصنع الحواجز بينك وبينهم ، ولا تحتجب عنهم ، وتتعالى عليهم ، فمن يحب الرئيس الشهيد صالح الصماد عليه أن يقتدي به في سيرته وتعامله وأخلاقه ومسؤوليته ونزاهته ونظافة يده وبطنه ولسانه ، ويتحرك كما تحرك ، باليمني الصريح نريد محبة عملية ميدانية ، لا محبة شفوية ، نظهرها مع حلول ذكرى استشهاده التي تصادف يوم غد .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم .

قد يعجبك ايضا