“سلة غذاء اليمن” مهددة !!

حين كان المستشارون في علم الإحصاء والبيانات من الخبراء المحليين والأجانب ومن المفوضية الأوربية يشرفون على تنفيذ المسح القاعدي للأمن الغذائي بالحديدة كانت الصورة المرسومة لديهم أنها “سلة غذاء اليمن ككل” لكنهم صدموا حين أظهرت النتائج في العام 2010م أن الوفرة الغذائية المحلية بهذه المحافظة الزراعية تتناقص ويمكن أن تتحول في يوم ما إلى محافظة يسودها الجوع.
ووفقا للمؤشرات الأهم في المسح والخاصة بإنتاج الغذاء في المحافظة اتضح أن ملكية الأراضي الزراعية متمركزة بدرجة عالية في أيدي 29.7% من الأسر فيما استطاع 36.7 % فقط من الأسر الريفية من التي حصلت على أراضُ زراعية في العام 2009م زراعة محصول واحد أو أكثر وعلى الرغم من أن متوسط المساحة الكلية هو 2.9 هكتار للأسرة لأولئك الذين يملكون أراضُ فإن متوسط حجم الحقول التي تزرع الحبوب يقدر بنحو 0.4 هكتار (14.1% من متوسط المساحة الكلية للأسرة المالكة للأرض) وهذا غير كاف حتى لمصدر دخل زراعي واضح.

الحصول على الغذاء
ما يثير القلق أن حصول الأسر الزراعية على الغذاء يعتمد على قدراتهم الشرائية للحصول على الطعام من الأسواق أكثر من اعتمادهم على إنتاجهم الذاتي ويبدو أن استراتيجية الإنتاج تركز على المحاصيل النقدية والخضراوات والأعلاف لكسب المال الذي يشترون به المواد الغذائية من الأسواق.
كما يوضح المسح أن 36.6% من الأسر في المحافظة تقع تحت الخط الوطني للفقر الغذائي في اليمن (19.3% للأسر الحضرية و42.4% للأسر الريفية) والأسر الفقيرة هي تلك التي لا تملك أراضي وتعتمد على التوظيف الحضري أو الريفي كمصدر أساسي للدخل ويبدو أن الحوالات أيضا تشكل مساهمة مهمة في الدخل والأسر المتوسطة المكونة من سبعة أفراد تنفق 44% من دخلها الشهري على دقيق القمح.
ويرفع السكان ممن تم إجراء مقابلات شخصية معهم في المجتمعات المحلية أصواتهم بالقول إن أسواق الغذاء تلقى اهتماما ملحوظا وأن قلة فرص العمل وأسعار الغذاء المتقلبة تمثل تهديدا كبيرا للعديد من الأسر فيما يتعلق بأمنها الغذائي ويشكون من أن المساعدة التي تقدمها الحكومة للفقراء لا تغطي سوى 5.6% من جميع الأسر في المحافظة مقارنة بنسبة 36.3% من الأسر تحت خط الفقر الغذائي.
الاستفادة من الغذاء
ما يزيد على 14% من الأسر تفتقر إلى إمكانية الوصول إلى مصادر لمياه شرب آمنة وحوالي 37.5% لا يملكون نظاما للصرف الصحي السليم وهذان العاملان يعتبران تهديدا كبيرا للصحة وعلى الأخص بالنسبة للمواليد والأطفال والحوامل والمرضعات وتعتبر المجالس المحلية أن انعدام الصرف الصحي المناسب واحد من المعضلات الرئيسية.
الحالة التغذوية
يوضح قياس الحالة التغذوية أن 15% من الأطفال في المحافظة يعانون من سوء التغذية وأن 27.4% آخرين معرضون لخطر سوء التغذية وسوء التغذية منتشر بين الإناث أكثر في المناطق الريفية مما هو عليه في المناطق الحضرية وبنفس القدر على الأطفال الذكور في المناطق الريفية أكثر منه في المناطق الحضرية.
واتضح أن 34.5% من الأسر يعتبرون أنفسهم في وضع انعدام أمن غذائي و38% في وضع انعدام أمن غذائي حاد ومن هم في الحالة الأخيرة اعتادوا على تخفيض حجم وجباتهم أو تقليل عدد الوجبات في اليوم بشكل إجباري.
الفقر
وبالرغم من المزايا النسبية والفرص التي تتميز بها المحافظة في دعم سبل كسب العيش المحلية إلا أن نسب الفقر ما زالت عالية فمازال حوالي 32% من سكانها يعيشون تحت خط الفقر 36% في المناطق الريفية و11% يعيشون تحت خط الفقر الغذائي 13% في المناطق الريفية وفي عام 2009م وصلت المساعدات الاجتماعية للحكومة اليمنية فقط لحوالي 4.7% من سكان المحافظة .
ويكشف المسح عن استخدم الأرض بصورة متزايدة لزراعة محاصيل نقدية والتي غالبا ما تحتاج إلى مزيد من المياه وهو أمر يثير قلق المحللين من النظرة الخاطئة للمزارعين في اتجاههم لزراعة لا تؤمن لهم الغذاء بالمقام الأول.
ومن النتائج المذهلة للمسح تلك التي تشير إلى استمرار المزارعين في زراعة المحاصيل النقدية مثل الموز الذي يمثل متوسط مساحة الأرض نصف هكتار هو الذي يقضي على المياه لأنه يحتاج كمية كبيرة منه كان يمكن الاستفادة منها في إنتاج الغذاء.
وحسب تلك النتائج تعتبر الزراعة في الحديد مهددة بعدد من العوامل تشمل عدم وجود البذور المحسنة والمخصبات ونقص المياه وتفتت الحيازة الزراعية وضعف الملكية فيما لازالت الأرض في انتظار تحقيق الاستفادة الكاملة من إمكانياتها حسب تحليل الخبراء.
مخاوف
يثير استمرار التوجه الملحوظ في زراعة المحاصيل النقدية والابتعاد عن المنتجات الغذائية كما في محافظة الحديدة تساؤلا لدى الخبراء هل يسير المزارعين على نفس التوجه في المحافظات الأخرى ويدقون ناقوس الخطر بضرورة قيام الجهات المعنية الرسمية بالعمل للمستقبل فاليمن والتي كانت تعتمد سابقا على الواردات بنسبة 85% من غذائها قد تفقد السيادة الكاملة على غذائها قريبا.
ويقول الخبراء أنه يجب وضع سياسات مبتكرة وتطوير تقنيات ذات صلة ومستدامة بأسرع وقت ممكن.
العمل الميداني
تم تنفيذ المسح على ثلاثة مستويات أولها على مستوى الأسرة والاثنان الآخران على مستوى المجتمع المحلي والمجالس المحلية بالمديريات حيث طلب من المجتمعات المحلية والمجالس توضيح وجهات نظرهم حول وضع الأمن الغذائي ومحددات التحليل المتقاطع للمعلومات بهدف ضمان الترابط بين ما يتم توضيحه على مستوى الأسرة وبين الكيفية التي يفهم بها وضع الأمن الغذائي بواسطة المجتمعات والمجالس المحلية.
الأمن الغذائي للأسرة :المحددات الرئيسية والمعوقات والمخاطر
عدم وجود مياه
هناك ما بين 9.5% من الأسر التي تعيش في السهول الرملية والوديان و36% في الساحل والمنطقة الساحلية من الأسر والقادرين على الحصول على الأرض لم يقوموا بزراعة أي محاصيل في عام 2009م وكان أحد الأسباب الرئيسة التي في الغالب كان يذكره رب الأسرة هو عدم وجود المياه.
ويعتبر الموسمان الزراعيان في الصيف من إبريل إلى سبتمبر والشتاء من أكتوبر إلى مارس مهمين جدا فقد قام 58% من الأسر بزراعة الحبوب و23% أعلاف و8.5% الخضراوات و5.8% القطن والتبغ و5% بقوليات ومتوسط الحجم الذي تتم زرعت في الصيف 0.4 هكتار أعلى من الذي يزرع في الشتاء ويتضح أن معظم المزارعين يعتمدون على هطول المطر في زراعة محاصيلهم وأن زراعة الشتاء تحتاج إلى ري بمضخات وهي باهظة التكاليف وقد لا يتمكن المزارعون من زراعة محاصيلهم على الإطلاق أو تخفيض المساحات التي يزرعونها.
الثروة الحيوانية
أظهرت النتائج أن 59.7% من الأسر في محافظة الحديدة يمتلكون حيوانا واحدا على الأقل بغض النظر عن نوع الحيوان وبحسب أنواع الحيوانات فإن نسبة امتلاك الأسر للأبقار والثيران والعجول تمثل 1.5% ونسبة امتلاك الأسر للأغنام والضأن تمثل 14.5% أما الحمير فيملكها 33% من الأسر والبقية يملكون جمال ومناحل وخيول وبغال وغالبة الأسر الريفية تملك الحيوانات أكثر من الأسر الحضرية.

قد يعجبك ايضا