“المحايدون”.. عمى القلوب وفقدان الهوية
رشيد مأمون الشامي
نعم شعرت اليوم أنني يجب أن أتكلم هنا عن هزلية المحايدين الجهلة ونفسياتهم المعابة المفتقدة للهوية الوطنية والإيمانية، موضوع يثير الفضول ويستحق التأمل والتساؤل، كيف أنه بكل سذاجة وسطحية قد نجد منهم من يتألم على أشياء شخصية له من الكماليات التي يمتلكها في حياته أكثر من تألمه على وطنه ودينه وعزته وكرامته، بعيداً كل البعد عن هويته الإيمانية وهويته الوطنية .
عز الله قدركم لو سرق حذاؤه لتألم عليها وأوجعه قلبه طوال اليوم أو لأيام بينما يشاهد جثثاً وأشلاء لأطفال ونساء ورجال أبناء شعبه الذين يقتلون ويذبحون ويحرقون وتتناثر أشلاؤهم بالصواريخ والقنابل المحرمة في العديد من المجازر الشنيعة التي ترتكبها قوى العدوان ومرتزقته ويشاهد وطنه تتم سرقته وتدميره بضميرٍ ميت لا غيرة فيه ولا حمية ولا يحرك ساكناً كأن الأمر لا يعنيه.
وتجد كل ما قد يصدر منه هو قوله الله ينتقمهم الله يلعنهم ويكمل يومه وحياته بكل برود مخجل ومهين لا يفكر بدعم المجاهدين بالمال او يفكر بالمشاركة في جبهات العزة والشرف والانتقام من قوى الطغيان الآثمة والذود عن أرضه من دنس الغزاة المعتدين أو يفكر بالوقوف أمام محاولات شق الصف والتضليل أو على الأقل المشاركة في الاحتجاجات والمظاهرات المنددة بجرائم ومجازر العدوان.
عجيب ذلك، المهم يفكر في نفسه ومصلحته، أعمى القلب والبصر بل وقد نجد له دوراً سلبياً وتحوله إلى أداة من أدوات قوى العدوان لشق الصف والتثبيط للناس وبث الإشاعات والأفكار التي لا تخدم سوى العدوان المستفيد الوحيد من أدواره المخجلة والمهينة والعميلة سواء كان له ارتباط مباشر أو غير مباشر مع قوى الشرك والظلام كحليف وعميل مع الغزاة لوطنه ومجسداً بأدواره المشبوهة حالة من حالات وصور الارتزاق دون أدنى شعور بالمسؤولية الدينية والوطنية والإنسانية قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ • وَاتَّقُوا اللَّهَ • إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
يا من تسمون أنفسكم “محايدون”. لماذا لا تجعلون لكم حضوراً أو إسهاماً في ملاحم الانتصار لمظلومية شعب اليمن !!
لماذا لا تكونون أصواتاً خافتة للحق وأهله خيراً من أن تكونوا أبواقاً صادحة للباطل وأهله وأن تكونوا مع الحق ضد الباطل ومع العدل ضد الطغيان؟.
لماذا ارتضيتم بأن تفقد منكم هويتكم الإيمانية وهويتكم اليمنية التي فاخر بها بين الأمم رسولنا الكريم بقوله عليه أفضل الصلاة والسلام ( الإيمان يمان والحكمة يمانية)؟.
للأسف إننا نجد البعض من المحايدين للشرف بائعين وللعزة والكرامة فاقدين !!!
أليست المجازر التي ترتكبها قوى العدوان ليلاً نهاراً تؤكد حقيقة أنها لا تفرق بين أحد لا حزبي ولا مناطقي ولا طائفي ولا أسري أبداً؟ وأن الجميع مستهدف في وطن الجميع اليمن وأن السكوت عن هذا الباطل ومناصرته يعتبر إثماً وبهتاناً عظيماً.
ناهيك عن أن عدوانهم على شعبنا ليس له أي مبرر لا ديني ولا قانوني ولا إنساني ، بل هو انتهاك للدين وللحرمات، وانتهاك للقوانين الدولية والأممية وانتهاك للإنسانية وحقوق الإنسان وانتهاك للسيادة في وطننا.
كم هو مؤلم أيضاً عندما نجد بعض المحايدين في الداخل والخارج انسلخت منهم كل القيم والأعراف الدينية واليمنية يحرصون على إرضاء الغزاة واليهود، وبارتزاق واضح لا لبس فيه، باعوا عرضهم وشرفهم وكرامتهم وسيادة بلادهم من أجل المال وبثمن بخس ويعملون بكد ليلاً ونهاراً على إثارة النعرات الطائفية والعنصرية تنفيذاً لأوامر الغزاة.
ولو تحلوا بقدر بسيط من الإدراك لوجدوا أن الأهداف الحقيقية التي نحارب من أجلها أهداف يستطيع أن يفهمها ويقدرها أشد الناس تمسكاً بالعقلانية، فليس هناك ما هو أقرب إلى العقل والمنطق من الكفاح والنضال من أجل محاربة الغزاة العابثين بالوطن وإن من أسمى صور العزة والشموخ والكرامة والانتماء للوطن هو في العمل على استرداد حقوق شعبنا في الحياة وسيادته على وطنه والانتصار لمظلوميته
فذنب أحرار شعب اليمن بمختلف فئاتهم وطوائفهم – إن صحت تسميته ذنباً – أنهم كفروا بكل طواغيت العالم واستمسكوا بالعروة الوثقى وهويتهم الإيمانية واليمنية وبإدراك ووعي وبصيرة أن المسألة التي يمر بها شعبنا ليست مسألة خلاف حزبي أو مذهبي أو طائفي، المسألة هي مسألة دين، مسألة وطن مسألة عزة وكرامة شعب بأكمله وبأننا نكمل بعضنا البعض لأننا سند لبعضنا البعض غايتنا أن نعيش أعزاء كرماء نمتلك حرية إرادتنا متحررين من أي وصاية علينا وهذا ما يحرص أعداؤنا على ألا نفهمه يا من تسمون أنفسكم محايدين خافوا الله وحرروا عقولكم للحفاظ على ما تبقى من انقاض بلادنا، فالغباء بذاته هو في الاعتقاد أن الارتزاق تحت مظلة قوى العدوان أمان لكم او تعتقدون أن قوى العدوان ستتمكن من تحقيق مساعيها الخبيثة تجاه شعبنا وإغلاق كل الأبواب والسبل أمامه والتي تمكنه من أن يعيش حياته كريماً عزيزاً شامخاً.. يجب أن تدركوا أن ما تقوم به قوى العدوان الغازية من محاولات حثيثة للقضاء على إرادتنا وحريتنا وصمودنا بالقتل والتجويع وارتكاب أبشع صور المجازر ومنع الغذاء والدواء عن شعبنا وتدمير كل المؤسسات الخدميةوالبنى التحتية كلها محاولات مصيرها الفشل ولن يجنوا منها سوى الخزي والعار والفشل والهزيمة النكراء، فإرادة الشعوب لا يمكن أن تُهزم أو تُقهر أبداً وهذا ما نجده في صفحات التاريخ عن كفاح ونضال الشعوب وانتصارها لإرادتها الحرة.
وها نحن في اليمن وبفضل من الله ونصره وبعد مرور خمس سنوات من هذا العدوان والإجرام الهمجي البربري نجد حقائق مترابطة وثابتة ومتألقة في صفحات التاريخ وسماء الحرية والشموخ، وهي التي جسدها أحرار وأبطال ونجباء شعب اليمن من الجيش واللجان الشعبية والقيادة الحكيمة التي تسير على نهج الأنبياء وتدير المعارك وشؤون البلاد بدستور القرآن وشرعيته وأحكامه والذين أثبتوا للعالم أجمع أن تضحياتهم وعطاءهم للذود عن أرضهم من دنس الغزاة هي عطاءات وتضحيات كالأمواج المتلاحقة وكالبذور المتجددة وبحور لن تنضب من العطاء المستمر وليس في قاموسهم الهوان والتخاذل ويأبون الذل والركوع لقوى الشيطان وبالله واثقون وثابتون كالجبال الشامخة لن يسمحوا لأي قوة في الدنيا أن تعبث بثوابت وشموخ وكرامة وهوية وسيادة الشعب اليمني.
وفي الختام نتمنى من المحايدين أو من لهم ارتباط مباشر أو غير مباشر مع قوى العدوان أن يراجعوا مواقفهم والشعور بالمسؤولية الدينية والوطنية والإنسانية تجاه وطنهم وأبناء شعبهم إن كانوا يريدون الرجوع من الهاوية والخزي والعار إلى الرفعة والشموخ في سجل الخالدين وأن يحسنوا اختيار أماكنهم ومكانتهم في الدنيا والآخرة والعاقبة للمتقين.
قال الشاعر أبو العتاهية :
أعمالنا تُعلي وتَخفض شأننا
وحسابُنا بالحق يوم الغاشية !!
فاختر لنفسك ما تُحب وتبتغي
ما دام يومُك والليالي باقية !!
وغداً مصيرك لا تراجع بعده
إما جنان الخلد وإما الهاوية..