متى سنفهم؟

حسن سعيد الدبعي
أين موقع العرب وسط هذه التحولات العالمية المتغايرة والتي تصب كلها في خدمة الإنسان؟ لا شك أننا نعيش عالماً مختلفاً يشهد تحولات وتطورات دولية تتصاعد خلالها أهمية التكتلات سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية .. مما يفرض علينا نحن كعرب التحرك بسرعة ووعي للمشاركة في صياغة ملامح هذا العالم وذلك لتأكيد مكانتنا الريادية كأصحاب حضارة سبقت شعوب العالم وكان لها الفضل في تنويره وتعليمه وكذلك للحفاظ على مصالحنا القومية كأمة عربية واحدة والتي تتعرض لمؤثرات وعوامل ضغط خانقة من كل اتجاه بسبب تفريطنا في ديمومة هذه المكانة.. وبالرغم من هذه الظروف الجديدة التي يمر بها العالم حولنا فإن الأمة العربية تمر بمرحلة حرجة تواجهها صعوبات بالغة التعقيد يأتي في مقدمتها انقسام سياسي لا يزال مستمراً وتحجم ثقافي أقرب إلى التجهيل والتخلف.
وأمام كل هذه العوامل يستلزم على الأمة أن تتحرك وتسعى للحفاظ على كيانها ومصالحها في مواجهة التحديات العالمية والمتغيرات الإقليمية والمشكلات الداخلية وما أكثرها.. ولا بديل عن رؤية استراتيجية وعمل عربي مشترك لمواجهة ما يحيط بنا من أخطار لكي تتمكن الأمة العربية من عبور النفق المظلم والوصول بشعوبها إلى بر الأمان الذي يضمن مستقبلاً آمناً لها بعيداً عن نار الفرقة وفتنة الخلاف .. لا بد من شحذ الإمكانات واستنفار كل ما في جعبة الطاقة الوطنية والتحالف مع الأخوة والمساندة مع الأصدقاء واستلهام دروس الماضي العظيم والبحث عن كيفية استعادته واستثماره في بناء أجيال تتعامل بوعي في المواجهة الفعالة مع المتغيرات شديدة التأثير والتي تحيط بها وتواجهها سواء شاءت أم أبت.
من هنا لا بد للعرب من تكوين رؤية استراتيجية موجدة لقراءة المتغيرات وتتبع المستقبل العالمي والعربي توفر للقيادات السياسية العربية القدرة على التعامل مع المتغيرات العالمية بفهم ودراية كاملين وتنطلق من أرض عربية واحدة ومصالح عربية مشتركة تراعي آمال وتطلعات الشعب العربي الواحد..لهذا كله يتبين لنا ضرورة الوحدة بين الشعوب والقيادات العربية وكفانا خصومات وعداوات بين الحكومات العربية وشعوبها.
إن المصالحة الوطنية العربية هي الآن أكثر الضرورات لاستقرار الدول العربية وضمان قدرتها على مواجهة الأخطار المحيطة بها والتي تتربص للفتك بها ونعني بهذه الأخطار إسرائيل ومن يقف وراءها والذي لا يهمه سوى استنزاف قوة الأمة وثرواتها ولنا في ماضي هؤلاء العبرة والعظة مما يوجب علينا ألا نرتمي في احضانهم ضاربين بمصالحنا عرض الحائط وكفى ما عانيناه من آثار هذه الفرقة من أزمات اقتصادية طاحنة وبطالة تعصف بشبابنا وحتى يمكن تأمين المستقبل للأجيال القادمة وتحقيق التعاون العربي الحقيقي الفعال وإيجاد المصالح المشتركة في شتى مجالات الحياة.. فمتى سنفهم..؟

قد يعجبك ايضا