علي المؤيد
في سياق استهداف العدو للهوية الدينية والوطنية ولأهم الرموز والنماذج الإسلامية الملهمة ثمة أنشطة عدوانية طويلة الأمد بدأت تتنامى في الوقت الراهن وأبرزها النشاط الإسرائيلي المنظم المتمثل في ضخ كم كبير من الفيديوهات والصور والكتابات المرتبطة باليهود ذوي الأصول اليمنية والتي تستهدف اليمنيين في مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب بغية خرق وإسقاط حاجز الرفض الشعبي لكل ما يمت إلى اليهود بصلة وصولا إلى تغيير قناعات السواد الأعظم من اليمنيين نحو القبول -التدريجي- لفكرة التواصل العفوي ثم التعاطي مع تلك المواد المشبوهة على نحو مستمر ومتصاعد ومؤثر وبالشكل الذي يكفل تعزيز العلاقة واستمراريتها عبر تغذية الروابط البينية حيث تركز تلك المواد في فكرتها المحورية على القواسم المشتركة سواء كانت تراثية فلكلورية أو فنية أو عادات مجتمعية متوارثة وأحيانا مع صبغة فكاهية بنكهة محلية وغير ذلك من الأساليب الترويجية كما أن غالبية تلك الرسائل الإعلامية تستخدم اللهجات الدارجة وشخوصها تحمل السمات اليمنية الخالصة ، تراها حينا مشبعة بالحنين الى اليمن وحينا بالتعاطف مع الشعب اليمني في ظل هذا الوضع الصعب ، فضلا عن بعض القوالب والتلميحات الساخرة ومنها كذلك ما يتم نشره في كل جمعة على صفحات التواصل الاجتماعي “جمعة مباركة..لاتنسوا ما تدعوا علينا!! ” وتصدر عن بعض شبان اليهود الناشطين في مواقع التواصل وهم من أولئك المهاجرين حديثا إلى فلسطين المحتلة وأغلبهم من الذين كانوا يقطنون في المدينة السياحية بصنعاء قبل سفرهم في العام 2014م وقد ترى صورة أو مقطع فيديو لأحدهم مرتديا البزة العسكرية لجيش العدو خلال تكريمه حفل تخرجه من احدى الكليات العسكرية وخلال لحظات التكريم تظهر والدة ذلك الخريج مرتدية الزي اليمني الريفي التقليدي ترافقها الكاميرا من منظور ملائم وهي تتقدم من بين صفوف الخريجين بثبات لاحتضان ولدها الذي حاز المرتبة الأولى وكان حال دخولها يتوسط ميدان العرض ومجموعة من القادة والظباط أمام صفوف الطلاب الخريجين المتراصة ويبدأ الهتاف والتصفيق بإيقاع متصاعد يتوافق مع حركة المشهد العاطفي الذي تختلط فيه دموع فرحة الأم بمشاعر المتلقي في ثنايا اللحظة الإنسانية المحبوكة بخبث درامي “ويهودة أصيلة” و عبر هذه المشاهد وأشباهها يتم إحداث قفزة لاشعورية في نفسية المشاهد ترتكز على تفعيل ردود الفعل الطبيعية والعفوية في النفوس تجاه المؤثرات المحيطة وفي ذات بوت تعتمد على إيقاظ كل الروابط والتفاصيل المشتركة المشار اليها سابقا ليجد المتلقي نفسه فجأة وقد أصبح فخورا بأحد جنود الاحتلال الصهيوني !! وبالطبع يتم الاستفادة بشكل كبير من أولئك المهاجرين حديثا لإجادتهم اللهجات المحلية وقرب عهدهم باليمن وعلى كل حال فهذه التفاصيل وغيرها صارت تجتذب نسبة غير متوقعة من عامة مستخدمي مواقع التواصل وقد وصل الأمر مؤخرا إلى حد قيام أحدهم ببث فيديو يقوم فيه بالاعتذار لليهود المهجرين ظلما وعدوانا من ديارهم في اليمن وهذا -كما يبدو- مسار ثانوي ضمن هذه الحملة طويلة الأمد يركز فيه العدو على ادعاءات “التهجير القسري” ويعرف الجميع بطلان هذا الادعاء ، الأمر برمته يستدعي من الجميع الانتباه باعتبار أن ما يحدث يعد جزءا لايتجزأ من الحرب الناعمة (رياح السلام) ، وما دمنا نتحدث هنا عن بعض مستجدات الاستهداف الفكري والثقافي ، يمكن الإشارة إلى مشروع آخر ليس ببعيد عن مسعى التطبيع الشعبي واستهداف الهوية والثوابت الدينية حيث لوحظ في بعض برامج ووسائل التواصل منذ فترة وجيزة تداول الكثير من المنشورات المتنوعة التي تتضمن عبارات سطحية و ركيكة ومليئة بالأخطاء وعلى أساس أنها من أقوال الإمام علي عليه السلام وهذه المنشورات تتكاثر ويتم تحديثها بشكل مستمر كما أنها تنطلي على البعض وقد يسارع أحدهم إلى نقلها ونشرها بدافع المحبة وهذا العمل الخبيث الذي يسعي لخلط الغث بالسمين في الذهنية العامة استمرارا لمحاولات النيل من مكانة ورمزية الإمام علي عليه السلام وعلمه وحكمته وقدرته البلاغية الشاهقة وبطبيعة الحال لابد من الحذر واليقظة لخطورة هذا المنحى اللئيم كغيره من مشاريع التحريف والتضليل والتشويه القديمة والجديدة .