استيراد المنتجات “المقلّدة” يهدِّد باندثار المحلي:إجراءات لإحياء المهن الحرفية الأصيلة بصنعاء القديمة
الثورة/ تقرير / حمدي دوبلة
جده الأكبر هو من شيد بأنامله الإبداعية “باب اليمن” الذي أصبح رمزاً عظيماً لصنعاء التاريخية ولحضارة اليمن بشكل عام في مختلف المحافل الإقليمية والدولية.
إنه النجار/عبدالله أحمد درويش وهو من صفوة النجارين بصنعاء القديمة والذي راح يشكو بمرارة في حديثه لـ”الثورة”الوضع المتردي الذي آلت إليه مهنتي النجارة والحدادة داخل أسوار المدينة التاريخية بسبب غزو المنتجات المستوردة ذات الجودة الرديئة .
ويضيف هذا النجار الذي فقد إحدى أصابع يديه وهو يمارس مهنته التي توارثها عن إبائه الأولين بأن جده فقد أربع أصابع وهو يشيد “باب اليمن ” وكثير من المعالم الهامة التي أكسبت صنعاء القديمة شهرة عالمية وجعلتها واحدة من أجمل مدن التراث الإنساني العالمي المسجل بقائمة اليونسكو لكن هذه الحرف التقليدية التي تمثل الشريان النابض بالمدينة العتيقة أصبحت في أسوأ مراحلها بعد أن أغرقت السوق المحلية كما يقول النجارون والحدادون بأنواع لا تحصى من المنتجات المزيفة والقادمة من الخارج بأسعار زهيدة وبجودة رديئة تضر كثيرا بخصوصية صنعاء القديمة وبطابعها المعماري المميز وتراثها الزاخر.
توجهات رسمية وبارقة أمل
النجار درويش ومعه عدد من أصحاب المهن الحرفية التقليدية الرئيسية بصنعاء القديمة وعلى رأسهم الحداد الحاج احمد الثلايا والحداد خالد الثلايا والنجار محسن محمد الحافي والنجار يحيى محمد الطويل وآخرون ممن يعدون النخبة من أصحاب هذه المهن التقليدية بالمدينة القديمة وكذا رئيس جمعية حرفيي البناء التقليدي المهندس المعماري /أحمد سعد نواس تداعوا أمس الأول إلى اجتماع نظمته الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية تحت شعار العمل معا لإحياء المهن التقليدية بصنعاء القديمة وذلك في ظل توجهات الدولة والحكومة لتعزيز وتفعيل جهود الحفاظ على صنعاء القديمة باعتبارها من أهم الكنوز الأثرية للوطن اليمني وللعالم بأسره.
وفي الاجتماع أكدت الهيئة على لسان ممثليها كل من عقيل نصاري نائب رئيس الهيئة وجمال معجم مستشار رئيس الهيئة ومجاهد طامش رئيس المركز المعماري وفارس العديل مدير مكتب الهيئة بصنعاء القديمة على ضرورة تعزيز الشراكة مع كل أطراف المنظومة ذات الصلة بالحفاظ على صنعاء التاريخية وتراثها العريق والنابض بالحياة، مشيرين إلى أن مهنتي النجارة والحدادة تعتبر جزءا رئيسيا في هذه المساعي الرسمية التي تأتي ترجمة عملية لاهتمام قيادة الثورة الشعبية والمجلس السياسي الأعلى في الحفاظ على التاريخ اليمني ومآثر الشعب وحضارات وأصالة الآباء الأقدمين.
مؤكدين أن هناك توجهات لتلافي كل أخطاء وسلبيات الماضي فيما يتعلق بحماية الآثار والمدن التاريخية والبداية من تعزيز العلاقة مع المختصين العاملين في الميدان من معماريين وأصحاب حرف تقليدية وغير ذلك ممن يشكلون منظومة التراث الحي في المدن الأثرية.
وأكد مسؤولو هيئة المدن التاريخية على ضرورة إيجاد قاعدة بيانات أساسية لكل العاملين في المهن الحرفية داخل صنعاء كنقطة انطلاق للعمل على إحيائها ومعالجة جميع الإشكاليات والصعوبات التي تعترضها، مشيدين في هذا الصدد بانضواء وانتساب كل الحرفيين التقليديين في إطار كيان نقابي واحد يتمثل في جمعية حرفيي البناء التقليدي والتي تشكل رافداً مهما للجهد الرسمي في الحفاظ على أصالة وتراث صنعاء القديمة وطرازها المعماري المميز.
وخلص الاجتماع الذي استعرض فيه رئيس جمعية حرفيي البناء التقليدي المهندس أحمد نواس وعدد من الحدادين والنجارين الصعوبات التي تعترض المهنة وتهدد باندثارها وعلى رأسها الاستيراد الخارجي للمنتجات إلى التأكيد على ضرورة توسيع عملية الانتساب لجمعية حرفيي البناء التقليدي من قبل كافة المهنيين الحرفيين باعتبار هذه الخطوة أولى الإجراءات الصائبة لإيجاد جهد منظم وفاعل لتعزيز جهود حماية المدينة التاريخية والحفاظ على ألق وبريق صناعتها الحرفية البديعة.