العدوان جعل استهداف التعليم أولوية لإدراكه أنه السد المنيع أمام أطماعه
نائب وزير التربية والتعليم الدكتور همدان الشامي لـ”الثورة”: قطاع التعليم يتصدى للعدوان وحقق وما يزال انتصارات كبرى
نواجه أزمة الكتب بالمرتجعة ومستوى تغطية مطابع الكتاب المدرسي التي ارتفعت إلى 20% من نشاطها التجاري
فشل العدوان في إرهاب الطلاب، وأعدادهم هذا العام 4 ملايين و230 ألف طالب وطالبة
تبنت القيادة السياسية حملة “التعليم أولاً” باعتبار العودة للمدارس قضية وطنية أولى
المجلس السياسي وعد بصرف نصف راتب للمعلمين فور انتهاء المعالجة المستمرة لاختلالات كشوفات المرتبات
صندوق دعم التعليم سيخفف كثيراً من المشاكل ونأمل المصادقة على قانونه سريعاً
آلية تنفيذ قرار خدمة التدريس الإلزامية ستقدم إلى اللجنة الوزارية المكلفة قريباً
جرى ترميم 600مدرسة من 3500 مدرسة تضررت من العدوان وسيتم هذا العام ترميم 700 مدرسة أخرى
لا توجد أي رسوم إضافية في المدارس الحكومية إلا ما كان مساهمة مجتمعية أقرها الدستور ومجالس الآباء
يجب أن يدرك تحالف العدوان أننا لن ننكسر وسيتخرج جيل استثنائي من رحم المعاناة
أرجع نائب وزير التربية والتعليم الدكتور همدان الشامي الاستهداف الممنهج من تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على اليمن لقطاع التعليم إلى افتقاد دوله المورد البشري الكبير لليمن وإدراكه أن تعليمه يجعل منه سداً منيعاً أمام أطماعه .. مؤكدا على تحقيق قطاع التعليم قيادة وكوادر ومعلمين ومعلمات وطلاباً وطالبات انتصارات كبرى في التصدي للعدوان واستهدافه المنشآت التعليمية بالقصف والمعلمين والمعلمات بالحرمان من المرتبات ومطابع الكتاب المدرسي بقطع نفقات التشغيل وحظر استيراد مواد الطباعة والطلاب والطالبات بالإرهاب والقتل.
وأوجز الشامي انتصارات قطاع التعليم في استمرار العملية التعليمية رغم كل مؤامرات العدوان وتحديات حصاره الجائر..
وتطرق إلى قضايا الطلاب النازحين والعجز في الكتاب المدرسي والمعلمين المنقطعين ورواتب المعلمين المنضبطين الصامدين والمدارس المتضررة من العدوان وترميمها وما يثار عن الرسوم الدراسية، وتنفيذ قرار خدمة التدريس الإلزامية .. وغيرها من القضايا والتحديات التي تواجه قطاع التربية والتعليم ،والجهود المبذولة للتغلب عليها وتوجهات الوزارة ،في هذا اللقاء:
الثورة / أحمد السعيدي
عام دراسي خامس تحت العدوان والحصار.. ما هي ملامحه وظروفه.. هل هناك تحسن ما؟
– تؤدي قيادة الوزارة الحالية مهامها في خضم تحديات يصعب حصرها، ولم تواجهها قيادات الوزارة المتوالية في كل الفترات الماضية، فالتعليم واجه طيلة الأربع السنوات الماضية والعام الدراسي الحالي عدواناً جائراً بقصف المنشآت التعليمية واستهدافها بشكل مباشر وغير مباشر، وتعرض لحصارٍ اقتصادي بنقل البنك المركزي الذي تسبب في قطع المرتبات والحيلولة دون حصول الوزارة على أبسط الموارد المالية لمواجهة صرف المرتبات وتوفير أهم متطلبات ومستلزمات التعليم، وعبر إعاقة وصول المواد الخام لطباعة الكتاب المدرسي ، وهو تحدٍ كبير، لم يكن بالإمكان مواجهته لولا صمود التربويين والتربويات منقطع النظير، واستمرار العملية التعليمية وثباتها كجبهةً حقيقية يقل أهمية عن الثبات في مواقع مقارعة العدو عسكرياً في جبهات العزة والشرف.
كم عدد المدارس التي تضررت من العدوان؟
– لقد تضررت أكثر من 3500 مدرسة بالقصف وتعرضت للتدمير الكلي أو الجزئي، وأغلقت بعضها بسبب وقوعها في مناطق المواجهة مع العدوان ومرتزقته، وهذا تسبب في حرمان أكثر من مليونين من أطفالنا من التعليم أو جعل وصولهم إلى مدارس أخرى أكثر صعوبة لبعدها عن منازلهم أو لنزوحهم مع أسرهم إلى مناطق أكثر أماناً على أرواحهم وأصعب في حصولهم على حقهم من التعليم.
ماذا عن انقطاع المرتبات وأزمة الكتاب المدرسي؟
– أثرت الظروف الاقتصادية على الكثير من أولياء الأمور فلم يعد بإمكانهم إرسال أبنائهم وبناتهم إلى التعليم، وأدى انقطاع المرتبات إلى انخفاض مستوى الجودة التي نطمح إليها في التعليم، واستطاعت الوزارة بصمود المعلمين والمعلمات الحفاظ على الحد الأدنى من معايير التعليم في الطوارئ ، وأصبح توفير الكتاب المدرسي مسألة شاقة بسبب عدم قدرة الحكومة والوزارة على توفير الالتزامات المالية التي تمكن مؤسسة المطابع من توفير مدخلات العملية الإنتاجية للكتاب المدرسي ، وبسبب إعاقة وصول المواد الخام المستوردة للطباعة، مما اضطر المؤسسة للبحث عن وسائل بديلة لتتمكن من الإيفاء باحتياجات المدارس ولو في حدودها الدنيا.
بدأ عام دراسي جديد.. ما هي أبرز استعدادات الوزارة وخططها لمواجهة التحديات؟
– بدايةً تقدر الوزارة كثيراً استشعار التربويين والتربويات لواجبهم في أداء رسالتهم التعليمية وصمودهم الأسطوري طيلة السنوات الدراسية السابقة التي عاشتها اليمن تحت وطأة العدوان.
واستعدت الوزارة لبدء العام الدراسي بحصر كل التحديات التي تواجه استمرار العملية التعليمية، والسعي لإيجاد المعالجات اللازمة لتجاوزها ، ففي جانب المرتبات تسعى باتجاهين : الاتجاه الأول : بعد التواصل مع القيادة السياسية لتوفير المرتبات، فقد تلقينا توجيهات تتضمن ضرورة معالجة الاختلالات في كشوف المرتبات وهو ما تعمل عليه الوزارة حالياً وسيتم التنفيذ بآلية تتزامن مع صرف نصف المرتب الأول، بحيث تتمكن الوزارة من استكمال المعالجات أولاً بأول ضماناً لاستمرار الصرف.
والاتجاه الثاني ، تتواصل الوزارة بشكل حثيث مع الجهات المانحة لاستمرار الحافز النقدي الذي تم صرفه العام الماضي مع بذل الجهود لزيادته، كما أنها تشدد على كل المنظمات الداعمة أن تجعل أولويات كل برامجها في دعم المعلم بدلاً عن البرامج الهامشية ، كما أنها تبذل جهوداً كبيراً لتوفير الكتاب المدرسية وترميم المدارس التي تعرضت للأضرار بسبب القصف.
أطلقت الوزارة حملة “التعليم أولا” ما هو جوهر الحملة؟
– لقد تبنت القيادة السياسية ممثلة بالرئيس مهدي محمد المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى تنفيذ حملة “التعليم أولاً” في هذا العام ، باعتبار موضوع العودة الى المدرسة قضية وطنية يجب ان تتكاتف فيها كل الجهود الرسمية والشعبية المجتمعية ، وقد وضعت لهذه الحملة عدة أهداف مهمة تسعى الوزارة مع مكاتبها في المحافظات والمديريات والمدارس إلى تحقيقها ، وضمنت الوزارة أهداف الحملة في خطتها للمرحلة الأولى 2019-2020م من الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة.
ما هي الإجراءات العملية لتنفيذ أهداف الحملة والرؤية الوطنية لبناء الدولة في قطاع التربية والتعليم؟
– تنفيذاً للهدف الأول من حملة (التعليم أولاً)، نفذت الوزارة حملة التدشين، حيث وضعت للحملة آلية وبرنامجاً زمنياً، وشكلت لجنة إشراقية برئاسة الأستاذ يحيى بدرالدين الحوثي ــ وزير التربية والتعليم، تتولى الإشراف على انتظام واستمرار العملية التعليمية، ووضع الآليات الكفيلة بإنجاح العام الدراسي الجديد، وحشد الجهود الرسمية والشعبية وتفعيل المشاركة المجتمعية بما يضمن تدعيم ثبات وصمود التربويين في الميدان واستمرارهم في أداء واجباتهم.
وقامت الوزارة بتشكيل غرف عمليات مؤقتة مركزية بديوان عام الوزارة، ومحلية على مستوى المحافظات والمديريات، ونفذت قيادة الوزارة ووكلاؤها، والمدراء العموم بديوان عام الوزارة زيارات ميدانية للتدشين والإشراف على انتظام وسير العملية التعليمية في المدارس حيث قامت بتنفيذ أكثر من 300 زيارة إلى مختلف المحافظات والمديريات، وقامت مكاتب التربية والتعليم بالمحافظات والمديريات وبمشاركة واسعة من قيادات السلطات المحلية بتنفيذ أكثر من 205 زيارات وتدشين محلي على مستوى المديريات، إضافةً إلى تنفيذ الكرنفالات والمهرجانات المصغرة بجميع المدارس.
ما يتعلق بالطلاب النازحين.. ما هي الإجراءات المتخذة لاستيعابهم؟
– الوزارة من منطلق حرصها على استمرار العملية التعليمية، قامت بتوجيه إدارات المدارس باستقبال الطلاب النازحين وتسهيل قبولهم وتسجيلهم ضمن إجراءات مبسطة ، وتوفير فرص التعليم للجميع عبر التوجيه بالتنسيق مع الجانب المجتمعي لإعفاء المهمشين والفئات الضعيفة من أي رسوم قد يساهم بها المجتمع في دعم التعليم.
كم عدد الطلاب والطالبات الملتحقين بصفوف التعليم لهذا العام؟
-يتطلب تحديد أرقام دقيقة وقتاً كافياً، ونحن لازلنا في بداية العام الدراسي، لكن التقارير الأولية لتقييم عملية التدشين تضمنت الارتياح الكبير من إعلان القيادة السياسية والتربوية لحملة “التعليم أولاً” باعتبارها خطوة وطنية موفقة عكست اهتمام قيادة الثورة والقيادة السياسية بالتعليم والتنمية البشرية ، والتفاعل الكبير من قيادة الدولة والوزارة على المستوى المركزي والمحلي في المحافظات والمديريات من خلال المشاركة الفاعلة في فعاليات التدشين خلال (14-25) سبتمبر الفائت.
كما أكدت التقارير مستوى الحضور الجيد من الادارات المدرسية والمعلمين والطلاب في المدارس، حيث بلغت الإحصائية الأولية من خلال التقارير المرفوعة التحاق أكثر من 620.000 طالب وطالبة في الصف الأول الأساسي ، وبلغ إجمالي الملتحقين أربعة ملايين و230 ألف طالب وطالبة في التعليم العام الأساسي والثانوي موزعين على أكثر من 12500 مدرسة حكومية وخاصة.
أصدرت الوزارة التقويم المدرسي وموعد الاختبارات النصفية والنهائية.. ماذا عن المخالفين كيف سيتم التعامل معهم وماهي الاجراءات القانونية؟
– تم إعداد تعميم وزاري ملحقاً بقرار التقويم المدرسي وتعاميم أخرى تتضمن جميعاً توجيه مكاتب التربية والتعليم على مستوى أمانة العاصمة والمحافظات بمتابعة مستوى تنفيذ القرار من الإدارات المدرسية في جميع المؤسسات التعليمية الحكومية والأهلية، وإحالة من ثبت مخالفته لأحد بنوده إلى الجهات القانونية والرقابية.. كما تم إبلاغ مكاتب التربية والتعليم بالآلية الواجب إتباعها للضبط، وتكليف فرق للإشراف والمتابعة الميدانية من التوجيه والإشراف التربوي على المستويين المركزي والمحلي لمراقبة مستوى التنفيذ، إضافة إلى إشراك الإدارات الرقابية والقانونية المختصة في المكاتب.
بالنسبة للمعلم.. كيف تعامت الوزارة مع اشكالية المدرسين المنقطعين؟ وهل ستتم معالجة اوضاع المعلمين المادية من خلال صرف رواتبهم أو دعمهم بسلال غذائية او ما شابه ذلك؟
– أولاً ينبغي أن نوضح أن عدد المنقطعين كان ضئيلاً جداً مقارنةً بعدد المعلمين المنضبطين، وكان الانقطاع بسبب ذهاب أولئك القلة مع العدوان أو ما شابه ذلك ، وتمت معالجة هذه الإشكالية عن طريق تطوع عدد من حملة البكالوريوس في مختلف التخصصات الذين اندفعوا للمشاركة بالتطوع في هذه الجبهة التربوية لتقديرهم خطورة توقف العملية التعليمية، واستشعاراً من الوزارة لأهمية التخفيف عن المعلمين بتوفير ما يمكن توفيره من الحد الأدنى من احتياجاتهم، فقد سعت الوزارة بكل جهودها لدى الحكومة لصرف ما يمكن صرفه من الراتب لكنها نتيجة لنقل البنك والحصار الجائر المفروض على بلادنا عجزت عن هذا الشيء.
لذلك لجأت الوزارة إلى بدائل أخرى، ومن هذه البدائل مخاطبة المنظمات المهتمة بالعملية التعليمية بأن تخصص كل دعمها للمعلم كصرف حوافز نقدية، وبعد مفاوضات مطولة وجهود كبيرة ومضنية تكللت الجهود بالنجاح وتم التجاوب ووافقت على صرف ما يعادل 50 دولارا لكل معلم ومعلمة متواجد في الميدان وتم الصرف للعام الماضي، وكان لهذا الأثر الكبير في استمرار العملية التعليمية، وإن رافقتها بعض الإشكالات إلا أن ذلك اسهم بشكل كبير في معالجة اوضاع المعلمين المادية.
ماذا عن إنشاء صندوق دعم التعليم.. إلى أي مدى سيحل أزمة المعلمين؟ وماذا عن حلول دعم المعلمين غذائيا؟
– سعت الوزارة جاهدة لمتابعة إنشاء صندوق دعم التعليم الذي أقره مجلس النواب مؤخراً ورفعه إلى المجلس السياسي الأعلى ، الذي نأمل أن يستعجل بالموافقة عليه لأنه سيخفف كثيراً من المشاكل التي تواجهها الوزارة في استمرار العملية التعليمية وسيعالج الكثير من الإشكالات، علما أن الوزارة سعت بالتزامن عبر عدد من المنظمات إلى توفير سلال غذائية لبعض المعلمين ، والوزارة تسعى جاهدة لمتابعة صرف نصف راتب باستمرار، وتعيقها الإشكالات الموروثة في كشف الراتب، وهي بصدد إعداد آلية لمعالجة هذه الإشكالات وهناك وعود من المجلس السياسي بالاستعداد لصرف نصف راتب وفق مراحل إذا تمت معالجة هذه الإشكالات.
عودة إلى قضية الطلاب النازحين.. هل هناك آلية عملية لضمان استيعابهم في المدارس بصورة سلسة تهتم بهم وتراعي ظروفهم؟
– بالتأكيد لقد قامت الوزارة بإعداد آلية لتنظيم عملية استقبال الطلبة النازحين إثر قيام العدوان بشن غاراته الجوية التي بدأت قبل تنفيذ الأنشطة والفعاليات المدرسية المرتبطة بالفصل الدراسي الثاني للعام 2014 /2015م وبعد الانتهاء من اختبارات نهاية الفصل الدراسي الأول؛ مما تطلب الإسراع بوضع آلية لحل مشكلة الطلبة النازحين وتوفير كافة الوسائل لضمان استمرار تعلمهم وفقاً لاستحقاقاتهم ومستوياتهم الدراسية من خلال التأكد من صحة هذا الاستحقاق بالعودة إلى مكاتب التربية والتعليم على مستوى المحافظة والمديرية والمدرسة والصف والعام الدراسي التي تم تحديده من قبل الطالب وولي أمره على استمارة بيانات الطلبة النازحين التي أعدتها الوزارة وعممتها على مكاتب التربية والتعليم ومراكز استقبال الطلبة النازحين بالتنسيق مع مكاتب التربية والتعليم الواقعة في النطاقات الجغرافية التي نزحوا إليها بإشراف مباشر من قبل المعنيين بالاختبارات في الوزارة ومكاتبها في المحافظات، ولا زال العمل جاريا بها وفقاً لمؤشرات ومقتضيات ومتطلبات النزوح، وما يلزم توضيحه هو أن عملية النزوح قد تلاشت تقريباً منذ العام الماضي نظراً لتحسن الأوضاع الأمنية.
ماذا عن المدارس التي تضررت بفعل العدوان بشكل مباشر وغير مباشر.. ما عددها؟ وهل هناك آلية لإعادة إعمارها واستيعاب طلابها؟
-يقدر عدد المدارس المتضررة والتي تأثرت بفعل العدوان تأثرا مباشرا وغير مباشر بحوالي 3500 منشأة تعليمية تقريباً، منها المدمرة كلياً أو جزئياً و المتضررة بفعل النزوح، وتبذل الوزارة جهوداً كبيرة للترميم والبناء لإعادتها إلى الخدمة واستيعاب طلابها من جديد، وقد تم ترميم أكثر من 600 مدرسة عام 2017م، ويتم حالياً تنفيذ خطة عام 2019 / 2020م لترميم أكثر من 700 مدرسة أو بناء فصول مؤقتة بتمويل من عدد من المانحين، علماً بأن الدمار الذي تعرضت له المدارس والمؤسسات التربوية بحاجة إلى كلفة مالية كبيرة وأن يتوقف العدوان عن استهداف هذه المنشآت لكي تطمئن الجهات المانحة لتدخلها في إعادة البناء.
لكن لماذا – برأيك – يستهدف العدوان التعليم والعملية التعليمية ويرتكب مجازر في حق الطلاب في مدارسهم؟!
-التعليم هو من يقود إلى تنمية البلدان، ويؤدي إلى تطورها ونمائها في مختلف الجوانب العلمية والاقتصادية والثقافية وغيرها، وهو فاتحة للمستقبل المزدهر، وبلادنا تمتاز بمورد بشري عظيم تفتقر إليه دول العدوان وترى فيه سداً منيعاً يعيق أحلامها في جعل اليمن دولة مستكينةً خاضعة لها، ويخيفها أن تمتلك جيلاً يرقى بها إلى مصافٍ لم تستطع بلوغها تلك الدول المعتدية رغم أموالها الطائلة التي تنفقها، وبذلك فقد استهدفت التعليم بدرجة أساسية لإيقاف العملية التعليمية؛ لما لاستمرارها من أثر كبير في إثبات الصمود والتحدي، وتريد بذلك تجهيل أبنائنا وبناتنا الطلبة لما لتحصيلهم العلمي من مردود في بناء قدرات البلاد في مختلف المجالات.
وهنا فقد مثل لها استهداف التعليم في اليمن وشل العملية التعليمية أولوية من خلال قصف آلاف المدارس وتدميرها أو محاولة إرهاب أبنائنا وبناتنا الطلبة بالقصف المباشر وغير المباشر أثناء تواجدهم في فصولهم الدراسية أو عند ذهابهم إلى المدرسة أو عودتهم منها.. ومن ذلك استهداف حافلة ضحيان، واستهداف طلاب جمعة بن فاضل وطلاب مدرسة الراعي وطلاب مدرسة ابن الأمير الصنعاني وغيرها، و نرى ونشاهد يومياً دماء أطفال اليمن تسفك وتستباح في كل زمان ومكان طيلة فترة العدوان.
وإذن… إلى مدى نجح العدوان في تحقيق أهدافه على صعيد الجبهة التعليمية، في تقديرك؟
– استمرار العملية التعليمية أمام هذه الآلة الإجرامية يعد صموداً أسطورياً للتربية والتعليم وكل منتسبيها وأبنائها وبناتها الطلبة مسنوداً بالعون الإلهي ، فها نحن نشارف على انتهاء العام الخامس من العدوان وما زال التعليم صامداً بقوة، بل يزداد التحاق وإقبال الطلبة عليه من عام لآخر، وها هو عامنا الدراسي الجديد يشهد إقبالاً على التعليم من قبل المعلمين والطلاب أكثر من كل الأعوام التي عشناها في ظل العدوان.
إن إصرار الطلاب على تحصيلهم العلمي يعد بحد ذاته رسالة صمود وتحدٍ يرسلونها مع معلميهم وكافة الأسرة التربوية إلى قادة تحالف العدوان بأنه مهما حاولتم إفشال العملية التعليمية ومهما حاولتم قتل الحياة في بلادنا فنحن سنواصل وسنستمر وسنتعلم رغم كل الظروف، رغم كل التحديات، رغم كل الصعوبات، مهما قتلتم، مهما دمرتم، مهما حاصرتم، لن يثنينا ذلك عن مواصلة رسالتنا التعليمية نحن كمعلمين، ولن يثني أبناءنا الطلاب عن مواصلة التعليم والاستمرار في مدارسهم، وهذا الصمود يوازي صمود رجال الرجال في مختلف جبهات العزة والكرامة.
وإننا في قيادة الوزارة نرى أنها ملحمة يسطرها المعلمون من العطاء والبذل والتضحية لم تشهد لها البلدان الأخرى مثيلاً، حيث يستمر المعلمون في مدارسهم رغم انقطاع مرتباتهم وهي دخلهم الوحيد ونعرف كثيرا من التربويين يعولون أسرا كبيرة ولديهم التزامات كبيرة ورغم هذه المعوقات إلا أن العملية التعليمية استمرت واستمر المعلمون في أداء واجبهم واستمر طلابنا في مدارسهم، وبالأمس كرمنا أوائل الجمهورية للعامين الماضيين وقريباً سنكرم أوائل الجمهورية للعام الدراسي الحالي وستسمر العملية التعليمية رغم كل المؤامرات.
حدثنا عن قرار خدمة التدريس الالزامية.. وهل نحن ماضون في اتجاه تنفيذ القرار.. ومتى سيدخل حيز التنفيذ؟!
– نتيجة للإشكالات التي وجدت في الأعوام الماضية، تقدمت الوزارة بعرض لمجلس الوزراء باعتماد الخدمة الإلزامية لإتاحة الفرصة لأبنائنا وبناتنا للمشاركة في صمود العملية التعليمية، ولإتاحة الفرصة لهم لتعزيز قدراتهم وإمكاناتهم و لتوجيههم نحو اختيار تخصصهم العلمي ، وأيضاً لصقل شخصياتهم، وتطوير معارفهم، وتمكينهم من خوض تجربة بناء قدراتهم العلمية التي تمكنهم من اختيار التخصصات المناسبة لهم في المستقبل؛ وبالتالي صدر قرار مجلس الوزراء بتشكيل لجنة برئاسة وزير التربية والتعليم وعضوية عدد من الوزارات المعنية.
وقبل اجتماع اللجنة، كلفت الوزارة فريقا فنيا لإعداد آلية تنفيذية مقترحة لهذا القرار، وقد تم عرض هذه الآلية على مجلس الوكلاء وأقرها مع إبداء بعض الملاحظات ، وقريباً سيقدم الوزير هذه الآلية للجنة الوزارية، التي بدورها ستحدد تفاصيل التنفيذ وموعد البدء، وإقرار الآلية أو تعديلها وفقاً للصلاحيات التي منحها إياها قرار مجلس الوزراء.
البعض يتحدث أيضاً عن ضعف مخرجات الثانوية العامة الملتحقين بالجامعات.. فما تقييمك للمستوى التعليمي في الاربع سنوات الاخيرة؟
-من الصعب أن تقول إن العملية التعليمية بمختلف عناصرها ومقوماتها بخير في ظل ظروف العدوان التي تعيشها بلادنا، ومخرجات المرحلتين الأساسية والثانوية العامة تعد نتاجاً طبيعياً لتراكمات من الإشكاليات التي يعانيها التعليم منذ عقود طويلة وليست حصيلة تحسب بالسنوات الأخيرة، وهي متأثره بمستوى التحصيل العلمي لجميع صفوف اختبارات النقل التي تنظم اختباراتها الإدارة المدرسية، فهي تشرف على عملية التعليم والاختبارات والتقويم الصفية والمدرسية، والإدارة المدرسية والتربوية بحاجة إلى تطويرها ومعالجة خللها، وذلك يتطلب جهداً مشتركاً ووقتاً كافياً.
وما هي إجراءات الوزارة وخططها لإنجاز هذه المعالجة وتحقيق التطوير لجودة التعليم؟
– لتجاوز ظروف العدوان لتحسين مستوى المخرجات فإن الوزارة ومكاتبها في المحافظات تعمل في ظل الظروف الاستثنائية التي تعيشها اليمن على الحفاظ على استمرار عملية التعليم والتعلم ولو في حدها الأدنى وذلك من خلال إيجاد البدائل المناسبة والوسائل التعليمية الضرورية وتوفير أبسط متطلبات عملية التعلم ووسائله السمعية والبصرية عبر التعليم الالكتروني ووسائل التعليم عن بعد عبر القناة التعليمية ، وتنشر الكتب والمناهج الدراسية الالكترونية لتعويض أي نقص في الكتب بشكل غير مباشر، إضافة إلى توفير الحد الأدنى من متطلبات استمرار العملية التعليمية النمطية، وتعمل جاهدة على تحقيق هدف التعليم في الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، وأنها ستتمكن من الانطلاق لتحقيق الطموح المنشود فور انتهاء العدوان.
ماذا عن ما أثير بشأن رسوم التسجيل في المدارس الحكومية.. هل صدر قرار بزيادتها.. نريد توضيحا؟
– نؤكد على أن استهداف العملية التعليمية كان استهدافاً ممنهجاً، ومن وسائل الاستهداف بث الشائعات في أوساط المجتمع وفي الأوساط التربوية لخلق نوع من البلبلة التي تنعكس سلباً على العملية التعليمية، وعلى استمرارها، ومن هذه الشائعات ما أثير بالتزامن مع تدشين العام الدراسي الحالي حول الرسوم الدراسية في المدارس الحكومية ورفعها، وفي هذا الصدد نؤكد أنه لا وجود لأي رسوم إضافية في المدارس الحكومية عدا الرسوم المقرة والمعتمدة، وإن وجد شيء من هذا القبيل فهو يندرج ضمن مساهمة المجتمع التي أقرها الدستور وتتبناها مجالس الآباء والأمهات مشاركة منهم في الدفع باستمرار العملية التعليمية.
ما تزال أزمة الكتاب المدرسي مستمرة.. ما هي المعالجات أو التوجهات لمعالجتها؟
– تعالج الوزارة العجز في طباعة الكتاب المدرسي من خلال الكتب المسترجعة والتي لم تعد بالقدر الكافي كما كانت في الأعوام السابقة لتعرضها لمزيد من التلف مع مرور سنوات الاستخدام، و تقوم بمعالجة العجز أيضاً بجهود المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي بإمكانيتها الشحيحة التي تتحصلها عبر الأعمال التجارية، وكانت تغطي 10% من الاحتياج الفعلي للكتب، وبالجهود التي بذلت في هذا الجانب استطاعت رفع مستوى تغطية الكتب إلى 20% من الاحتياج لهذا العام الدراسي.
ما هي الرسائل التي توجهها للطلاب والمدرسين؟
– أقول للطلاب: أبنائي وبناتي، إننا ننظر إليكم بعين الأمل، فأنتم ذخر هذا البلد وبتعلمكم سنصنع مجده وسنقهر عدوه، أنتم الغد المشرق لأنفسكم ولأسركم وللمجتمع اليمني ككل، فلا تلينوا أو تعجزوا أمام الحواجز التي ينصبها لكم العدوان الذي يخافكم ويخشاكم. تعلموا.. اقرأوا بوعي فالوطن والأمة في انتظاركم.
وللزملاء المعلمين والمعلمات أقول: اخواني وأخواتي، نُكّبر فيكم صمودكم، ونستشعر معاناتكم، وسنبذل قصارى جهودنا لتنالوا ما يمكنكم من الاستمرار في أداء مهامكم في ظل العدوان، وسنكون معكم في سبيل نيل كل حقوقكم غير منقوصة فور انتهاء العدوان.
وماذا تقول للجيش واللجان الشعبية وأبطالها في الجبهات والثغور.. ولتحالف العدوان أيضا؟
-أقول لهم: قلوبنا معكم، ودعواتنا لكم بالنصر والتمكين ترافقكم، انتصاراتكم التي تحققونها تثلج صدورنا وتشد عزائمنا، ماضون في مهامنا نستلهم منكم روح الصمود التي تسكنكم، وثقوا بأن الدماء التي تبذلونها تقع في شغاف قلوبنا قبل أن تلامس الأرض ، بكم وبعزائمكم تصنع الغايات والأمجاد، وما نحن فيه هو بفضل الله ثم بفضل إخلاصكم وتضحياتكم.
أما لتحالف العدوان الغاشم فأقول له: إننا ندرك بوعي حجم مؤامراتكم الخسيسة، لن تنالوا من عزائمنا فنحن ماضون ومعنا الله في جهادنا ضدكم، إننا قوم عصي كسرنا، و كلما مضى يوم إزددنا صلابةً وإيماناً بثوابتنا، سيلد هذا البلد جيلا استثنائيا من رحم المعاناة، وسيستمر التعليم وسنصمد في مدارسنا ومتارسنا إلى أن نحقق النصر أو تفنون.
وصلنا إلى ختام هذا اللقاء.. هل لديك ما تضيفه؟
-أزجي لكم خالص الشكر على هذه المقابلة التي من خلالها أبعث بخالص التقدير والعرفان والإجلال والثناء لكل أولئك الجنود المخلصين في فصولهم رغم المعاناة ولكافة الأسرة التربوية، لمن تنتصب قاماتهم في سبيل بناء الجيل الذي نطمح، لمن يتحدون المستحيل ويقهرون كل آمال العدو بالحرص الشديد على الاستمرار في مهامهم التعليمية، رغم المعوقات والصعوبات، ولن نفيهم حقهم فقد سطروا بحق أروع معاني التضحية والبذل والعطاء، معاني الصبر، معاني الإيثار، معاني الجهاد، معاني الصمود في مدارسهم التي هي متارسهم، ونثمن عالياً كل الجهود المجتمعية التي أسهمت في استمرار العملية التعليمية.