المسمار الأخير في نعش الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس

> لم تستطع الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس أن تحجب شمس ثورة الـ14 من أكتوبر المجيدة التي انطلقت شرارتها الأولى من جبال ردفان معلنة عهداٍ جديداٍ يحمل شعار الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني وإرغامه على الخروج من جنوب الوطن سابقاٍ .. وفي هذه التناولة نسلط فيها جزء من المعلومات عن نضال يافع وانطلاق أول شرارة ثورية وفقاٍ للمعلومات الصادرة من كتاب «حفاة الجبال أطفأوا شمس الإمبراطورية» للمؤلف محسن ديان وفيه العديد من المعلومات عن حركة النضال الثوري لأبناء يافع وغيرها من المعلومات في ثنايا السطور التالية:

أول شرارة
مثل الكفاح المسلح الذي انطلقت شرارته من جبال ردفان بعدما شعر الانجليز بخطورة الثوار القادمين من كل المحافظات الشمالية والجنوبية وعلى رأسهم عودة راجح بن غالب لبوزة وعبدالله المعجلي ومجموعتهما الأثنى عشر من الثوار فحاول الاستعمار البريطاني منع دخولهم وهم يحملون السلاح بل عرض عليهم تسليم أسلحتهم مقابل دفع خمسين شلناٍ ثمنا لكل بندقية أو عدم السماح لهم اطلاقاٍ بدخول منطقة الثمير والحبيلين والتي كانت يوجد فيها ثكنات ومواقع جنود الاستعمار البريطاني إلا أن مجموعة العائدين الثوار بقيادة غالب راجح لبوزة أرسلت طلقة رصاص للانجليز كرسالة إنذار وتحدُ بأن الأولى لهم أن يخرجوا من تلك المنطقتين أو فليستعدوا للمواجهة .. وما كان من جيش الاستعمار البريطاني إلا أن تقدم عبر وادي المصراح في 13 أكتوبر 1963م بعدد يفوق الـ2000 جندُ وعلم بذلك المناضل الشهيد راجح غالب لبوزة فتقدم ومن معه إلى جبل البدوي وهنالك استشهد بقذيفة مدفع يوم 14 أكتوبر 1963م والذي اعتبر بداية انطلاق ثورة 14 أكتوبر لتحرير جنوب اليمن . وعلى الرغم من استشهاد لبوزة إلا أن بقية الثوار وعددهم مائتي ثائر بعد انضمام الكثير منهم واصلوا الكفاح المسلح الذي لم يكن يقله الكثير من الثائرين المطالبين برحيل الاستعمار إلا أن الاحتلال ظل يمارس هوايته من القتل والتدمير فقامت الطائرات البريطانية بقصف جبال يافع منها جبل الحمرين الذي قيل إنه مأوى للثوار وبلد القطيبي والحجيلي والبكري وقرية بورات وحالمين مما زاد من لهيب المعارك وتمرد قبائل ردفان وإعلان عصيانها والانضمام للكفاح المسلح بعد مقتل لبوزة وتسلم راية الكفاح المسلح من بعده أبنه محمد غالب لبوزة وفقاٍ لما أوردته تقارير المخابرات البريطانية.
ونظراٍ لاتساع نشاط الثوار والقبائل الداعمة لهم بدأت بريطانيا تشعر بالقلق الشديد مما دعاها إلى إعداد خطط قتالية اسمتها «كسارة الجوز» تكرار كر «ورستم» لمواجهة النشاط الثوري المتفاقم والذي بدأ بأنه أيل للخروج عن السيطرة الفعلية .. والمحت بعض تقارير الانجليز بأن أحد زعماء يافع أرسل إلى قبائل ردفان يقترح عقد صلح على أساس أن تبقى طريق وادي تيم مفتوحة. وأشار التقرير إلى أنه لا يبدو أن هناك مساندة فعلية ولكن لا يحب اسقاط ذلك من الحسبان فيما لو تفجر الوضع قرب وادي (بناء) وهذا ما حدث. ولهذا أعد الاحتلال
الحملة الأولى
حملته العسكرية الأولى بتاريخ 4 يناير 1964م وقد تكونت هذه الحملة من قوة ضاربة تساندها طائرات « الهوكر هنتر « للضرب الجوي وطائرات الهليو كبتر طراز « وسيكسي « ومدفعية الهورس رويال ودبابات وكانت الخطة البريطانية احتلال المرتفعات المطلة على وادي تل الربوة ووادي المصراح وسميت هذه العلمية « تنكراكر» التي قصفت فيها الطائرات وادي دبسان ملجأ خلايا الجبهة القومية ومسقط رأس الشهيد لبوزة الأ أن فرق «الكوموندوز» حوصرت عند الإنزال المظلي على سفوح الجبال من قبلى الثوار مما اضطرها إلى الانسحاب من نقيل الربوة ووادي يتم العودة إلى قاعدة الثمير ردفان بقيادة قائد الجيش المستر «لنت» في هزيمة نكراء تعرض لها جيش الاحتلال البريطاني أمام من كانوا يطلقون عليهم « الذئاب الحمر « الذين تمكنوا من استعادة السيطرة على نقيل الربوة المطل على خطوط الإمداد القادمة من يافع وحالمين بعد معارك طاحنة فقد خلالها جيش الاحتلال 5 قتلى وعدد من الجرحى وعددهم 200 جندُ وتم أسر قائد السرية وبهذا الانتصار الأولي اعترفت بريطانيا بأن الثوار جنود مدربون وأنها غير قادرة على دحرهم ولكنها بدأت تعد العدة للحملة الثانية والثالثة وأطلقت عليها اسم « رستم» وأعدت لها لواء كاملاٍ واسندت قيادته للجنرال «جون كابون» القائد العام للقوات البرية بالشرق الأوسط ولكن سرعان ما فشلت بعد أن قام الثوار بنصب الكمائن للقوافل العسكرية أثناء مرورها باتجاه الضالع وقطع طرق الإمداد عليها.
وواصل جيش الاحتلال البريطاني شن حملاته المعادية ضد الثوار في ردفان فجهز حملته الرابعة في 11 مايو 1964م للوصول إلى جبال البكري لتدمير معاقل الثوار هناك بهدف ايصال رسالة عسكرية فحواها أن الجنود البريطانيين يستطيعون التغلغل إلى قمم الجبال واصطياد الثوار في مخابئهم لكن الثوار كبدوا تلك القوات خسائر فادحة جعلتها تتجرع مرارة الإخفاق الرابع أما الحملة الخامسة فكانت تهدف للاستيلاء على الأودية ومفارق الطرق وعلى قمة جبل الحورية الذي تحصن به مجاميع من الثوار .. وقد تمكنت القوات البريطانية بمساعدة سلاحها الجوي من فتح طريق الضالع عدن وشنت هجوماٍ عنيفاٍ استخدمت فيه كافة أنواع الأسلحة في مناطق ردفان وفقاٍ لشهادة الكابتن (بلايت) الذي أكد أنه لأول مرة يجري فيها شن مثل هذا الهجوم منذ بدء العمليات ضد الثوار واستخدمت فيه الطائرات التي اسقطت قنابل وزن الواحدة منها «1000» رطل على قمم الجبال تمهيداٍ لاحتلالها والسيطرة عليها كي تحد من مارد الثوار. لكن الثوار استطاعوا أن يدافعوا عن مواقعهم واستمرت المعركة ثمانية أشهر وبدأت معارك أخرى في بيحان ومودية والضالع ويافع تجاوباٍ مع خطاب الزعيم جمال عبدالناصر ومقولته المشهورة «إن على الاستعمار البريطاني في الجنوب اليمني أن يحمل عصاه ويرحل».

قد يعجبك ايضا