مواطنون:
– مخاوفنا كبيرة من أزمة جديدة ترفع سعر الديزل فوق قدراتنا وأصحاب المحطات يخفون الكميات
أصحاب المحطات:
– لا نحتكر الديزل أو البنزين ومشكلتنا في تأخــر الكميات ونطالب بالتوزيع العادل
شركة النفط:
– وضع المشتقات مستقر والتقطعات والأحداث الطارئة سبب تأخر الكميات الكافية للمستهلك
– اعتمدنا كميات إضافية لمواجهة زيادة الطلب في العيد ومخزون الصباحة 23 مليوناٍ و934 لتراٍ من البنزين والديزل 28 مليوناٍ و930 لتراٍ من الديزل
لا حيلة لأي محاولة لاقتناص لحظة هدوء وحدهم أصحاب عاهة الصمم من يمرون بمأمنُ من الضجيج رغم ارتجاف أحاسيسهم.. ليل ونعيق وأضواء ترقص بين جفني الاغماض ومنازل تجتاحها الظلام.. هكذا عاشت العاصمة صنعاء خلال أكثر من ثلاثة أسابيع دقائق -فقط- من أصل (24) ساعة يومية تشتعل فيها أنوار بعض الحارات لتطفئ الأخرى معلنة محشر المولدات في كل اتجاه.. هذا الحال عِكِس نفسه على مؤشر الاستهلاك – ليس اليومي فحسب بل (الساعاتـي)- لمشتقات النفط خصوصاٍ الديزل والبنزين والبترول.. فمنذ مر على انطفاء العاصمة ثلاث ساعات توجس الناس خيفةٍ من أزمة قد تدفع المواطن والتاجر-أصحاب المولدات- والمزارع والمقاول إلى مسالخ السوق السوداء.. في هذا التحقيق المكثúف سنتتبع عبر المستهلك والمحطة والجهات المختصة حول ما جرى وما يجري.. ومتى تكون أزمة المشتقات أزمة حقيقية ¿ ومتى تكون مفتعلة¿ وما الفجوة والفارق بين مؤشر الوضع الطبيعي للاستهلاك وبين الزيادة التي يخلقها خروج الشبكة الكهربائية عن الخدمة لساعات..¿ وغيرها من أسئلة مشكلة الديزل ووجع المواطن على الدوام …. إلى التحقيق
ميدانيا قمنا بزيارة عدد من المحطات كان أولها في الجراف فقبل جولة مدرسة الكبسي- باتجاه المطار- كان الزحام قد بدأ ينقض على الخط الرئيسي مشكِلاٍ صورة تعيدنا إلى مربِع العام 2011م. حين اقتربنا من المحطة وجدنا أن ليس ثمة أي أزمة.. فالديزل والبترول والبنزين والغاز – حسب تعبير صاحب المحطة متحدثاٍ للسائقين وأصحاب الدراجات النارية وبعض المواطنين- كل ما في الأمر هو أن الشحنة التي تأخرت ليومين بسبب تقطعات حصلت على طريق صنعاء الحديدة هي الآن قيد التفريغ مؤكدا أن من دواعي السلامة التوقف لحظات حتى يتم تفريغ الديزل واستئناف تعبئة البترول..( على اعتبار أن مساحة المحطة ضيقة) فيما المواطنون الذين جاءوا متأخرين أو عبروا أثناء هذا التجمهر ظنوا أن الأزمة قد عادت بالفعل فالكل بدأ حسب الملامح يتجه إلى محطات أخرى..
“منذ ثلاثة أيام وأنا أبحث عن ديزل معداتنا ستتوقف عن العمل بسبب الديزل”.. هكذا قال لي بندر عليان-سائق سيارة شاص عليها خزان ديزل – حين سألته لماذا كل هذا الزحام والجميع ينظر القاطرة تفرغ حمولتها.. لكنه أضاف: “لم نعد نثق بأحد.. صاحب المحطة سيخفي نصف الكمية بالأمس قال لنا: ما (فيش) ديزل وفي آخر الليل باع لناس كميات كبيرة لتخزينها وهذه المعلومة منهم.. فيما أكد المواطن _ أحمد هيلº يحمل دبة صفراء عشرين لتر- أن مخاوف الناس كبيرة من أزمة جديدة ترفع سعر الديزل فوق قدرات المواطن فيكون هدف الأزمة رفع سعر الدبة أو توحيد سعرها مع البترول الذي تم رفعه بأزمة خانقة عقب أزمة 2011م من (1500) ريال إلى (3500) ريال مؤكداٍ أن بعض أصحاب المحطات يخفون الكميات لبيعها بسعر أعلى في السوق السوداء. وأضاف: انطفاء الكهرباء أخرجنا إلى المحطات بعد أن كانت أزمة الديزل تأتي بشكل متقطع ومطلبنا من حكومة الوفاق إن كانت تعمل من أجل المواطن أن تعيد سعر الديزل إلى 1000 ريال.
أصحاب المحطات
فراغ المحطات من الديزل في شارع المطار وما لاحظته وأنا في طريق عودتي من الصحيفة للبيت مع صاحب تاكسي اسمه وليد المهلِى في شارع تونس والمحطة التي أمام وزارة الإدارة المحلية وشارع القاهرة حيث عرج صاحب التاكسي على ثلاث محطات بحثاٍ عن دبة (20) لتر ديزل لمولد الكهرباء في محله بشارع الزراعة إلا أن ثلاث محطات مطفأة بحجة أن لا ديزل ولا بترول.. حين سألت عن السبب لم أجد إجابة مقنعة من أصحاب المحطات الثلاث سوى أن أحدهم قال لنا : نحن منتظرون للكمية التي تأخرت في مناخة ولا ندري سبب تأخرها وأضاف : فلا تصدقوا .. نحن لا نحتكر الديزل أو البنزين ومشكلتنا في تأخــر الكميات لكننا نطالب شركة النفط بالتوزيع العادل وتوفير احتياطي كافي للأمانة..
هذه المشاهدات جعلتني انطلق صباح اليوم التالي لزيارة مجموعة من المحطات على خط الستين وحدة إلا أني لم أشاهد زحاماٍ في المحطات التي مررت عليها فقد وجدت معظمها فارغة من السيارات ووضعها طبيعياٍ تأتي مركبة وتمون وتذهب خصوصاٍ في محطة قرقر ومحطة أسعد الكامل بحدة – السلامي وكذلك محطات شركة النفط النموذجية .. وحين سألت كامل اليمني في محطة أسعد الكامل عن مشكلة انقطاع الديزل بين الحين والآخـر أكد لي: إن المشكلة تأخر الكميات الآتية من الحديدة وهذا التأخير أخاف الناس خصوصاٍ مع استمرار انطفاء الكهرباء ما جعل الطلب مرتفعاٍ وجعل المحطات مزدحمة في بعض الأوقات ورغم محاولتنا إقناع الناس بأن السبب هو تأخر الكميات إلا أننا نعاني من عدم تفهم المواطن والجهات الرسمية التي تتأخر في حل مشكلة التقطعات ناسية ضغط الطلب والحالة التي يخلقها هذا التأخير في السوق.
الظلام والاستهلاك
مؤسسات الدولة والقطاع العام والخاص ودور النشر والمشافي والبنوك ومؤسسات الصيرفة والأسواق المركزية وغيرها من دوائر الخدمة والحركة اليومية في العاصمة صنعاء كل هذه المؤسسات واضعة استعدادها على احتمال الانقطاع المتكرر للكهرباء كميزة يمنية في الظروف الطبيعية قبل الأزمات فكل جهة تمتلك مولدها الخاص وحسب حاجتها.. لكن حسب عامر الدعيس مختص فني على مولد أحد المؤسسات الحكومية الكبيرة يؤكد أن كل مؤسسة لها حاجتها التي تحدد حجم المولد المطلوب خصوصاٍ إذا ما علمنا أن بعض هذا المؤسسات لا تستخدم المولد سوى ساعات الدوام الثمان أو الست أما المستشفيات والعيادات والمنشآت الخاصة ذات العمل الإنتاجي فهي بحاجة للكهرباء خلال 24 ساعة..
وقال الدعيس: من خلال تعاملي فنياٍ وإشرافاٍ على المولد خلال ساعات الدوام اليومي خصوصاٍ مع انقطاع الكهرباء هذه الأيام لساعات طوال فالملاحظ ارتفاع نسبة الاستهلاك لمادة الديزل وهذا يجعلنا بحاجة للشراء وكم المؤسسات التي تحتاج لذلك على مستوى العاصمة والمدن الأخرى فبالتأكيد فإن مؤشر الاستهلاك يرتفع إلى مستويات عليا..
وحول حجم المولد الذي يشرف عليه قال الدعيس: هذا المولد حجمه وقوته تتجاوز الـ(50) كيلوا ومن خلال متابعة الاستهلاك وجدنا أن ساعة واحدة تكلفنا (10) لترات من الديزل ففي بعض الأحيان نأتي الصباح والكهرباء مطفأة فنضطر نسرج المولد 6 ساعات متوالية وأحياناٍ ثمان ساعات -كأقصى حد – بمعنى أنه يستهلك خلال (8) ساعات (80) لتراٍ ولك أن تحسب الاستهلاك المتواصل على مدى الثلاثة الأسابيع الماضية..
من جانبه أكد الفني فؤاد الفضلي أن الأهم في الحسابات الاستهلاكية هي في مولدات المستشفيات الكبيرة العامة أو الخاصة وبعض المؤسسات التي تعمل على مدار الساعة كالصحف اليومية والدوائر الحكومية في قطاعات الاتصالات والإعلام وغيرها فهي تحتاج إلى ثلاثة مولدات لأن المولد لا يستطيع بمفرده البقاء شغالاٍ على مدى 6 ساعات لذلك هذه المؤسسات معها مخصصات بالديزل والبنزين من مصادر توزيع المشتقات النفطية وإلا لعملت أزمة كبيرة لكن هذا لا يجعلنا ننسى المؤسسات والمستشفيات الخاصة التي تعمل على مدار الساعة في حال انقطعت الكهرباء كما حدث في الثلاثة الأسابيع الماضية حيث حصلت أزمة غير عادية مع أن الديزل موجود لكن هلع الناس زاد بشكل كبير مفرزاٍ زحام يوحي بأزمة خانقة..
وقال الفضلي: ولو افترضنا – على وجه التقريب- أن خدمة الكهرباء توفر (10) أطنان من الديزل تستهلك في العاصمة صنعاء في ساعة واحدة فإن 22 ساعة انطفاء في اليوم يعني استهلاك (220) طناٍ خلال هذه الفترة وهو ما شهدته العاصمة خلال الثلاثة الأسابيع الماضية. وهنا جوهر الأزمة لكن السؤال الأهم هو هل ينعكس هذا الفارق على وضع الديزل في حال توفرت الكهرباء ولم تنقطع.¿ بالتأكيد.. لا.. لأن هلع الناس هو السبب في ظهور أزمة حيث يندفعون إلى المحطات ما يجعلهم يرسمون شكل الأزمة فيصدق أصحاب المحطات وجود الأزمة فيحاولون الاحتكار أو رفع السعر..
وحول مؤشرات استهلاك السوق المحلية من المواد البترولية في الوقت الحالي جراء انطفاء الكهرباء أوضحت هبة الطيري مدير عام الشؤون التجارية في شركة النفط اليمنية أنه من الصعب الحصول على حصر للمولدات المتوفرة في المحلات التجارية ومنازل المواطنين والأوقات التي يقومون باستخدامها إلا أن ما لدينا من معلومات تشير إلى أن معدل الاستهلاك خلال هذه الفترة ارتفع بنسبة(70%) من الاستهلاك الطبيعي.. علماٍ أن المولدات الكهربائية الصغيرة في المنازل والمحلات التجارية تستنزف المواد من السوق طوال اليوم بشكل عام مما أدى إلى سحب مخزون المحطات وظهور اختناقات تموينية جعلت الناس يتهافتون على المحطات لسحب أكبر كمية من المواد لتأمين احتياجاتهم على المدى الطويل ونحن بدورنا نقوم بإنزال كميات إضافية إلى المحطات وتغطية كافة احتياجات المواطنين. مؤكدةٍ أن مادة الديزل تحظى بدعم كبير من الدولة داعية المواطنين إلى عدم الخوف والاحتفاظ بالديزل في المنازل فذلك خطر حقيقي على حياتهم..
الأزمة الحقيقية
في مسار تحقيقنا من معطيات ما جرى من ملابسات ومؤشرات للأزمة التي في مكان وآخر صار لزاماٍ علينا معرفة متى تكون الأزمة حقيقية وليست مفتعلة بفعل مجموعة من غلاة التجارة والسوق السوداء وهذا هو السؤال الذي طرحناه على عوض أحمد حمـران نائب المدير العام التنفيذي للشؤون المالية والإدارية الذي أكد أن الأزمة الحقيقية لا تكون إلا إذا حدث مْشكل في المصدر أي توقف مصفاة عدن أو مأرب أو في مناطق التوزيع كالحديدة لكن هذا لم يحصل بتاتاٍ فالأمور التموينية تمضي على حركتها الطبيعية والوضع التمويني الاعتيادي مصفاة عدن شغالة بدون أي مشاكل وكذلك مصفاة مأرب وضع التموين من الحديدة بأرقامه الاعتيادية 8 ملايين لتر يومياٍ تغطي أربع محافظات.. والمشكلة التي أحدثت مؤشرات ما يسميها الإعلام بالأزمة في مادة الديزل هي في تأخير الكميات نظراٍ لأسباب تعرفها الدولة هي التقطعات القبلية أو ظروف طارئة كما حدث قبل أسبوعين حيث أدى انقلاب ناقلة أخشاب في مناخة إلى تأخر مجموعة من ناقلات المشتقات ليومين.. فوضع المشتقات مستقر ومصادرنا لا تعاني من أي نقص وندعو المواطنين إلى عدم تصديق الزوابع الإعلامية أما أسعار الديزل فهذا ليس له علاقة البتة بالشركة فهو يتصل بالدولة (رئاسة الوزراء – والمالية)..
إجراءات احترازية
وحول إجراءات الشركة الاحترازية على مشارف عيد الأضحى أكد الدكتور منصور البطاني أن الشركة أضافت (30) ألف طن من مادتي الديزل والبنزين على كمية الاستهلاك الطبيعي في السوق المحلية المعتادة دائماٍ بـ(140.000)طن متري من البنزين و(280.000) طن متري من الديزل لمواجهة زيادة الطلب أيام عيد الأضحى لافتاٍ إلى أنه ليس من الممكن حصر استهلاك المواد البترولية في منطقة معينة كون المواطن يقوم بسحب المادة من المكان الميسر له..
وأوضح البطـاني أن معدل الصرف اليومي لمادة البنزين ينضبط عند (8.000.000) لتر يومياٍ فيما يصل معدل الصرف اليومي لمادة الديزل نحو (15.000.000) لتر يومياٍ.. نافياٍ ما تناقلته بعض المواقع الالكترونية من شائعات تتنبأ بأزمة جديدة نفاه الدكتور منصور البطاني المدير العام التنفيذي بشركة النفط اليمنية قطعياٍ مؤكداٍ أن ليس ثمة مؤشر ينبئ بأزمة في مصادر المشتقات حيث تعمل بالشكل الطبيعي ووفق مؤشرها المستدام الذي يغطي كل محافظات الجمهورية داعياٍ المواطنين إلى عدم إعطاء أصحاب المحطات فرصة إخفاء الكميات من خلال رفع العملية الشرائية إلى مستويات الزحام والطوابير ما يساعد ضعاف النفوس على جر الناس إلى السوق السوداء في الوقت الذي يشهد فيه الوضع التمويني استقراراٍ لم يشهده من قبل وإن تأخرت الكميات بسبب التقطعات فذلك لا يستدعي الخوف والهلع..
وأوضح البطاني لـ(الثورة) أن مخزون الصباحة من المواد البترولية يغطي الاحتياجات عند انقطاع المواد أو تأخرها لأي أسباب وهي كافية لاستقرار الوضع التمويني لفترة طويلة وليس هناك أي تخوف من نفاذ هذا المخزون.. حيث تصل السعة التخزينية لمادة البنزين إلى (23.934.015) لتراٍ … بينما السعة التخزينية لمادة الديزل تصل نحو (28.930.800) لتر .
أخيـــراٍ
مواقع التواصل الاجتماعي التي تسهر على صوت المولدات في كل حي تشعل الأزمة دون رحمة توقعات وتصريحات من جهات ومصادر ليس لها علاقة أو مسؤولية بالمشتقات وأحياناٍ تستخدم أسماء وهمية كمصادر خاصة تحذر من أزمة قادمة.. ما يساعد أصحاب النفوس الضعيفة على إخفاء الكميات في المحطات كخطوة أولى للسوق السوداء… كل هذا والمسألة برمتها إنه تزامن مع الساعات الأولى لانقطاع الكهرباء في صنعاء تناول بعض المواقع الإلكترونية شائعات تتنبأ بأزمة مشتقات جديدة على خلفية ضرب الكهرباء في مأرب وعودة التقطعات القبيلة وبتكرار مستمر على طريق الحديدة صنعاء.. خطورة مثل هكذا توقع بإمكانية إخراج المواطن في غِسِق الليل “للمساربة” – طوابير- على المحطات التي هي الأخرى تستغل هلع المواطن فتخفي الكميات.. وبالتالي على هذه المواقع وعلى الإعلام مراعاة المرحلة التي يمر بها البلد من الوفاق السياسي وأن لا يكونوا سبباٍ في تأجيج الأزمات وإصابة المجتمع بهواجس الخوف منها.. وعلى شركة النفط اليمنية مزيداٍ من تعزيز إجراءاتها الاحترازية وضبط إيقاع الحركة التموينية بهمة عالية ومراقبة السوق وكشف المحتكرين فهي مطالبة أمام المواطن بذلك.. والدعوة الأهم لوزارة الداخلية والدفاع حول القيام بأدوارها القانونية في حماية الطرقات وبسط زيادة القانون وكشف من يتقطعون بالاسم والصفة بلا مواربة. وعلى الجهات الأمنية أن تنزل إلى المواطن الذي يعاني بسبب هذه ظاهرة التقطع وسلب الضياء عن عاصمة اليمن التاريخية بعد 51 عاماٍ من الثورة اليمنية التي قضت على الظلام.
mibrahim734777818@gmail.com