أجيالنا.. علم وجهاد
سعاد الشامي
هناك حيث تحط البراءة رحالها ، وتنار مصابيح الوعي في أجيالها ، وتستيقظ الأحلام الرضيعة من سباتها، وتحجز تذاكر الأمل لما هو آت من أيامها.
ثمة سؤال عابر على رصيف المدرسة ..
إبراهيم ماذا تعلمت في هذا المركز الصيفي ؟!
تبسم شامخا وقال : تعلمت أن أكون قويا.
فسرعان ما ابهرني جوابه المختزل.. حين شددت على يديه وكأني أشد بأيدي آمالنا المشرقة على الآلمنا الناطقة كي اساومها بابتسامة طفل تجلو عن القلوب عتمة الألم.
عاودت سؤالي إليه مرة أخرى. أخبرني كيف ستكون قويا ؟!
وبنبرة صوت حادة أجاب: تعلمت هنا كيف تكون الثقة بالله.. فأدركت بأن الله هو القوي وما سواه هم الضعفاء فصغر شأنهم في نظري وتطلعت إلى قوة الله التي لا يمنحها إلا لمن وثق به وكان معه و تحرك في سبيله.
وماهي إلا لحظات حتى اكتظ المكان بالعديد من الطلاب الذين سارعوا ليدلوا لي بما استفادوه من هذا المركز … فمروى تعلمت كيف تصلي ، وأسماء تعلمت كيف تتقن تلاوة القرآن بطريقة سليمة ، وآية تعلمت كيف تجعل من توجيهات القرآن نبراسا تهتدي به في كل دروب حياتها ، وأيهم تعلم كيف يقرأ ويكتب ، وليلى تعلمت أن معرفة الله هي أهم المعارف الكونية ، وأحمد تعلم كيف يكون محسنا ليعطف على الفقراء ، وملاك تعلمت كيف تتخاطب باللغة الإنجليزية ، بينما أصر المعتصم على إبراز موهبته الإنشادية وسارع إسماعيل ليتباهى برسوماته الجميلة ، ولن أنسى محمد البارع في تسديد أهداف كرة القدم وأبرار المتألقة في موهبة التطريز وحياكة الصوف.
مثل هذه النماذج المشرقة من صور الطفولة لن نراها في هذا المركز وحسب بل هي متواجدة في كل المراكز الصيفية التي تهتم بأجيال المستقبل وتبني نفوسهم على أسس الإيمان وتزرع فيهم المبادئ والقيم الفضيلة وتعزز مواهبهم المتعددة وتعطيهم المحفزات الهائلة للعطاء الفعال وترشدهم إلى معالم الحياة القويمة ليكونوا جيل اليمن المؤهل للنهوض بالوطن إلى أرقى مستويات البناء الحضاري والجيل الواعي والقوي الذي يتحدى كل الصعوبات ويكسر كل المؤامرات التي صاغها لهم أعداؤهم منذ هدرا من الزمن.
فما أعظم أن تحفر مواقع أقدام أبناءنا في حرم العلم المقدس وينفض الجميع رماد الإهمال المتراكم في سنين باهتة الألق غائمة الضوء كانت الطفولة فيها ضريرة البصيرة ملوثة القيم .. وتؤشر بوصلة الاهتمام المجتمعي باتجاه هذه الفئة العمرية وتمتد الأيادي الحانية إليهم لنؤرخ كلنا ولادة أعظم جيل برغم المعاناة والأوجاع التي سكبتها قوى الإجرام على يمن الإيمان.