هل ارتدت أمريكا العقال لتردَّ على إيران في اليمن .. أبو ظبي مصدومة

ترامب رَجُلُ حَلْب لا حَرْب…!

 

 

الثورة / إبراهيم الوادعي

خلال شهر واحد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتراجع خطوتين الى الوراء في مواجهة إيران وحماية حلفائه الإقليميين الذين يشعلون ويسعرون جذوة العداء مع ايران دونما مبرر وخدمة لمن يتراجع اليوم وقد اُسقطت طائرته فوق مياه مضيق هرمز على مرأى من حاملات الطائرات والقواعد العسكرية الامريكية المنتشرة على الضفة العربية في الخليج.
مع بداية التصعيد الأمريكي ضد ايران ودخول العقوبات الامريكية على ايران مرحلتها الثانية في نوفمبر 2018م بتصفير الصادرات النفطية الإيرانية، هددت ايران بانها لن تقف مكتوفة الايدي امام خنقها اقتصاديا، وحذرت الدول الخليجية من مغبة المضي في اختلاق العداء معها خدمة للأمريكيين وإسرائيل، وكرد على ذلك اطلق الرئيس الأمريكي تهديده باعتبار أي اعتداء إيراني على مصالح الحلفاء اعتداء على أمريكا ذاتها .
في مايو الفائت تعرضت ناقلات النفط التابعة للسعودية والإمارات لهجوم أسفر عن اعطاب تسع ناقلات نفطية في ميناء الفجيرة، تراجع ترامب مهددا طهران برد قاس في حال مس بالمصالح الامريكية المباشرة، اسقطت طهران طائرة امريكية مسيرة هي الأعلى تطورا وكلفة في العالم، وبدلا من الرد تراجع ترامب مرة أخرى.
فلماذا قرر التراجع وبلع الإهانة الجديدة وغبار الإهانة التي وجهها له المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد علي الخامنئي برفض رسالة ووجهها اليه وحملها الوسيط الياباني الى طهران لايزال عالقا في الاذهان ؟
بديهي أن ما يمنع واشنطن من الذهاب الى حرب مع ايران ليس الآن ومنذ عهد الإدارات الامريكية المتعاقبة هو قوتها، وتطورها العلمي والعسكري الداخلي ، وكلفة أي حرب قد تشن عليها ، وتعارض الحرب مع وعود ترامب الانتخابية بجني الأموال وصفر حروب مباشرة تتحمل كلفتها الولايات المتحدة .
وبديهي أيضا إدراك واشنطن أن عواقب التراجع الثاني في مواجهة التحدي الإيراني بإسقاط الطائرة الامريكية المسيرة فوق مياهها الإقليمية سيكون له عواقبه، وقد يؤدي الى انفراط عقد الحلفاء الإقليميين وصفقة القرن ، ولذلك كان لابد من رد امريكي محدود ولا يدفع باتجاه رد إيراني .
الميدان السوري كان المرشح للرد الامريكي على إهانة اسقاط الطائرة المسيرة ، حيث القواعد الإيرانية ، ولا يتسبب في حساسية طهران بالقدر الذي فيما لوقع رد عسكري امريكي على أراضيها بحسب متابعين ، لكن الميدان السوري اضحى ثانويا بالنسبة لحلفاء واشنطن الأثرياء باستثناء إسرائيل طبعا.
وفيما تفسح الولايات المتحدة الامريكية لحلفائها الغربيين وعلى رأسهم باريس بالتوسط وتنفيس التصعيد الحاصل في منطقة مضيق هرمز الذي بلغ ذروته ويهدد بالانزلاق الى حرب لاترغب بها الولايات المتحدة وإدارة ترامب المقبلة على انتخابات.
نرى البيت الابيض يندفع باتجاه التصعيد في اليمن ويطير برايان هوك المبعوث الأمريكي الى الرياض ليتباحث مع مسؤوليها حول ما سماه الطرفان التصعيد الإيراني في المنطقة عبر وكلائها وتامين باب المندب، وفي اليوم التالي يسرب البيض الأبيض خبر اتصال ترامب بولي العهد السعودي وفي الخبر ان الاتصال تناول التصعيد الإيراني في المنطقة، وبين زيارة هو واتصال ترامب ببن سلمان شنت طائرات التحالف غارات جوية على الحديدة في انتهاك فض لاتفاق استكهولم بشأن الحديدة.
والسؤال هنا هل ارتدى ترامب العقال ، واقتنع بما تقوله “العربية” وذهب ليرد على الضربة الإيرانية في اليمن ؟
قطعاً .. لا
وهل اقتنع الجنرالات الأمريكيون بأن العقل اليمني ليس قادرا على البناء والتطور في الصناعة العسكرية ، والأسلحة التي تضرب بها الرياض وأبو ظبي الحاقدتان تأتي من ايران ويطلقها إيرانيون لم يعثر لهم على اثر طوال 5 سنوات من الحرب ؟
مجدداً .. لا
فالإدارة الأمريكية وفي تقرير للسفارة الأمريكية في صنعاء قبيل مغادرتها في العام 2014م تصف انصار الله بالاستقلالية في القرار ، وبأن لا دلائل واقعية على تبعيتهم لإيران ؟
لكن الواقع الذي فرضه التحدي الإيراني وبالنظر الى تبعات أي رد عسكري امريكي في الأراضي الإيرانية على سلامة القوات الامريكية في الخليج والتواجد الأمريكي في العراق وسوريا والخليج وعلى بقاء إسرائيل ، وعواقب ذلك على الانتخابات الامريكية الرئاسية وتأثيراتها على فرص فوز ترامب لولاية رئاسية ثانية وإسرائيل ، يظهر اليمن لدى ساكن البيت الأبيض خاصرة رخوة مقارنة بإيران القوية للحفاظ على المصالح الأمريكية في باب المندب في مقابل المصالح التي تنهار في مضيق هرمز فعليا حيث يؤكد الإيرانيون سيادتهم الفعلية رغم الحضور العسكري الأمريكي .
والأمر الآخر الساحة اليمنية ستكون مرضية للحلفاء للمذعورين تنامي القدرات اليمنية وانكشاف ساحتهم الداخلية بشكل غير مسبوق، والضاجرين من حالة اللاحرب واللاسلم مع طهران، وشيكاتهم جاهزة لتدفع بمزيد من الأموال إلى الخزانة الأمريكية.
فلما لا في حسابات التاجر الوقح ساكن البيت الأبيض، خاصة وان ذلك يقوي أيضا من حظوظه الانتخابية ويستعيد شعبيته المنهارة.
وعلاوة على ذلك فالحلفاء الاغبياء بنظر ترامب حاضرون لتحمل التبعات لوحدهم، وتسويق الانتصار ان وقع على انه انتصار لترامب، وهو انتصار بعيد المنال .
للمرة الأولى الإمارات لا تتصدر مشهد التحشيد لمعركة يهلل لها السعوديون والأمريكيون، ولم يزرها مسؤول امريكي للتباحث.
تغريدات ضاحي خلفان وعبد الخالق عبد الله مستشار بن زايد تشرح بعضا من الحالة الإماراتية ، فتغريدات الرجلين بلغت حدا غير مسبوق في معايرة الحليف الأمريكي وإدارة ترامب ، وقال السياسيان إن ادارة ترامب وامريكا أصابها الضعف ، تستأسد فقط على الضعيف ،وتفقد ثقة الحلفاء ، كلام لا يمكن أن يصدر دون موافقة المستوى السياسي الأعلى في الإمارات الدولة البوليسية بامتياز وفق تقارير دولية وليس توصيفاً.
فرصة الإمارات لا تزال سانحة للخروج من اليمن ، واجراء مراجهة شاملة على مستوى دورها السيئ في المنطقة وامتلاك الشجاعة للاعتراف بأن ترامب رجل حلب لا حرب .
وتؤكد التقارير الميدانية المحلية والدولية ، بأن صنعاء التي تمد يدا للسلام والتزمت باتفاق السويد استعدت باليد الأخرى وتحصنت لمواجهة لحظة الغدر التي يتباحث حولها السعودي والامريكي ،وهي امتلكت أسباب القوة لخوض معركة فاصلة تخط نهاية ممالك الرمال وتسدل الستار على أمريكا القوية في الشرق الأوسط .

قد يعجبك ايضا