إعداد/ نجلاء علي
خُيل لآلة القتل التي يقودها تحالف الشر أن الصمود والقوة محصوران فقط على جبال اليمن ووديانها وما دون ذلك سهل المنال، ولكن ما حدث بعد ذلك وجَّه صفعة أذلت العدوان بكل قوته وجبروته خاصة أن هذه الصفعة وجهِّت إليه من نساء اليمن قبل رجالها وهذا ما لمسناه جميعاً على أرض الواقع وبدا جلياً للملأ، فالمرأة اليمنية أذاقت العدوان الأسى وذل الانكسار، فهي في مقدمة الصفوف رغم الظروف الاقتصادية الصعبة والهجمات البربرية على وطننا الحبيب:
لم تقف المرأة اليمنية وقفة حداد جراء الأوضاع الراهنة لكنها أثبتت قدرتها على تخطي الصعاب ومواجهة أعتى الرياح، وهذا تماماً ما جسَّدته على أرض الواقع من خلال صمودها الأسطوري في وجه العدوان وتفانيها في العمل أكثر من ذي قبل للوقوف صفاً واحداً مع الرجل لإعالة أسرتهما في مثل هكذا ظروف فرضها العدوان وحصاره البربري على بلادنا.
هناء البرتاني لم تقف مكتوفة اليدين أمام الأوضاع الراهنة وأكدت ذلك بالقول : ازدادت الاوضاع صعوبة خاصة بعد أن فقد زوجي عمله بسبب استمرار الحصار الخانق على اليمن ما أدى إلى استغناء ارباب عمله عنه، ولهذا قررت أن لا أقف مكتوفة اليدين امام مثل هكذا اوضاع فذهبت إلى اكثر من عشر مدارس اتقدم فيها للتدريس فحصلت على وظيفة معلمة تربية إسلامية في إحدى المدارس الخاصة من خلال شهادتي الجامعية في الشريعة والقانون وبراتب 30 ألف ريال تكفي لسد احتياجات اسرتي حتى يتمكن زوجي من العثور على عمل آخر.
وبنفس الدافع عادت المعلمة بلقيس الشعباني للعمل في مجال التدريس بعد ان كانت قد توقفت عامين ونصف العام، ولكن توقف زوجها عن العمل بعد أن أغلقت شركته التي كان يعمل فيها اضطرها للعودة للعمل كي تساعد زوجها الذي بات بدون عمل بعد ان تسببت الحرب العبثية على بلادنا في فقدان زوجها و200 آخرين أعمالهم بسبب العدوان .
الازمة لم ترحم احداً .. هكذا استهلت أم عزيز -ربة منزل- حديثها عن الأوضاع الراهنة، وأضافت : كان زوجي يعمل حارس أمن في إحدى الشركات لكن استمرار الحرب تسبب في الاستغناء عن زوجي من قبل اصحاب الشركة، وهذا ما دفعني للتفكير في وسيلة لمساعدة زوجي للصمود في وجه الظروف الحالية فقررت ان استغل مهاراتي في التطريز وأساعد زوجي في مصاريف البيت، وهذا ما حدث بالفعل منذ اشهر والى يومنا هذا فأنا مستمرة في التطريز وسد حاجيات البيت من مواد غذائية لأخفف الحمل على زوجي الذي يعمل حالياً على باب الله للحصول على الايجار.
حال أم عزيز لا يختلف كثيراً عن زميلتها في التطريز الحاجة سعاد التي أكدت أن العمل لا يقتصر على الرجال، وعلى النساء القادرات على مساعدة ازواجهن وأسرهن في مثل هكذا ظروف أن لا يفكرن كثيراً فالوقت استثنائي والعدوان يريد منا الانبطاح والانكسار والموت جوعاً، وعلينا ان نثبت اننا اقوى منه ونتسلح بالعزيمة لقهره والانتصار لبلدنا الحبيب من خلال تكاتفنا معاً.
قصف همجي
تصدرت المرأة اليمنية قائمة ضحايا القصف الهمجي الذي تشنه طائرات تحالف العدوان بصورة شبه يومية منذ أكثر من أربعة أعوام وتستهدف بشكل همجي وغير مسبوق المنازل السكنية والمناطق الأهلة بالسكان لتقضي آلاف النساء في هذه الحرب الظالمة.
المرأة اليمنية كانت وستبقى صاحبة المواقف المتقدمة في التصدي والنضال وبذل أغلى التضحيات فداء للوطن ودفاعا عن استقلاله وسيادته وكرامة أبنائه، فهذه المرأة هي المدرسة الوطنية الأولى التي يعود لها الفضل بعد الله عزً وجل في تخريج كل هذه الأفواج من المجاهدين الأبطال الذين يسطِّرون أروع ملاحم الصمود والتضحية للوطن وهي التي قدمت دروسا عظيمة في حب الأوطان..
وتبقى المرأة اليمنية الصامدة واحدة من ملايين النساء اللائي يدركن حجم المسؤولية الوطنية الكبرى المناطة على عاتقهن في هذا الظرف العصيب،ليسطِّرن إلى جانب إخوانهن الرجال الأفذاذ أجمل صور التلاحم والصمود في وجه اعتى الهجمات التي تواجهها الأرض اليمنية في تاريخها الحديث.
المناضلة الحقيقية
عاشت المرأة اليمنية دور المناضلة الحقيقية على جميع المستويات الأسرية والاجتماعية، وكانت عبارة عن منظومة أخلاقية رغم المعاناة التي عاشتها على مدى سنين طويلة فانتقلت من المرأة الضعيفة إلى القوية والقادرة على التحمل، فكانت المحامي والمدافع عن العرض والشرف وهو ما أثبتته خلال الانتفاضات المستمرة وأصبحت قادرة على التعامل مع الواقع المعاش بقوة ومسؤولية واكتسبت الخبرة والقوة، وبرز تيار نسائي قوي يمتاز بقدر كبير من المسؤولية الوطنية والوعي بالإضافة إلى ذلك قامت المرأة بدروها الأسري على أكمل وجه وتحملت المسؤولية في الإنجاب والتربية وتحمل الأعباء المادية والمعنوية والتربية النضالية لأبنائها فكانت جزءاً من المجتمع الذي تعيش فيه وعليها حماية وحدته وصونه وتحمل النضال والتضحية، ومن هنا تبوأت المرأة اليمنية المكانة المتميزة طيلة مسيرة الكفاح المسلح فلم تعد ضعيفة أو خائفة بل باتت قادرة على القيام بالمهام التي يعجز عن أدائها الرجال فلا تزال بعض النساء تحتفظ بسلاحها الذي شاركت به في القتال لاعتبار أن ذلك السلاح هو الشاهد المنصف على نضالهن ومبعث الفخر والاعتزاز لهن أمام الأبناء والأحفاد، كما انه يمثل لهن كما يقلن مرحلة عزيزة في حياتهن شاركن فيها في تحرير الوطن.
إحصائيات وأرقام
في حين أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور يوسف الحاضري أن 60 % من المرافق الصحية توقفت خدماتها نتيجة الاستهداف المباشر وغير المباشر من قبل العدوان والحصار.
وأضاف: ن ضحايا العدوان من المدنيين خلال الأربع السنوات الماضية بلغ 37 ألفا و822 منهم 12 ألفا و81 شهيدا، بينهم ألفان و597 طفلاً وألف و727 امرأة، فيما بلغ عدد الجرحى من الأطفال ثلاثة آلاف و644 طفلاً، ومن النساء ألفين و717 امرأة.
وقال: «إن العدوان والحصار تسببا في ارتفاع مستويات سوء التغذية ونسب وفيات المواليد والأطفال والأمهات والحوامل والمرضعات وانعدام الأمن الغذائي في الجمهورية اليمنية».