من المتوقع أن يجري التصويت في اليومين المقبلين على مشروع القرار البريطاني في مجلس الأمن، ومن المتوقع أيضاً أن يضاف إلى المشروع المذكور، اتفاق السويد بين الأطراف اليمنية. تتعرض اتفاقية السويد بشأن الحديدة لاختبار حقيقي، إذ إن طرف «الشرعية»، الذي وقّع على الاتفاق، غير منسجم، ويمثل أطرافاً وجهات عدة، بعضها متضرر من الاتفاق، ويعمل على تقويضه، فضلاً عن عدم الاعتراف به في الأصل. وترى هذه الأطراف أن الاتفاق فرض عليها من قبل «المجتمع الدولي» فيما تفضل هي الاستمرار في العمليات العسكرية. وأبرز هذه الأطراف هي: القوى السلفية المدعومة من الإمارات، والمنضوية حالياً تحت اسم «ألوية العمالقة»، والقوى الشمالية المشتتة، التي أُعيد تجميعها باسم «ألوية الجمهورية».
أبرز المتضررين من الاتفاق على المستوى السياسي هم القوى الجنوبية الملتحقة بدولة الإمارات، التي تعيش في أوقات صعبة، وتتحسر على ما آلت إليه أوضاعها، جراء سوء التقدير وارتهان قياداتها للجانب الإماراتي، خصوصاً بعد أن ثبت لجميع الجنوبيين أنهم ليسوا طرفاً في النزاع، ويستخدمون كأداة من قبل «التحالف». في هذا السياق، دعت جهات جنوبية متطرفة الألوية الجنوبية التي تقاتل في الحديدة، إلى الاستمرار في العمليات العسكرية، وعدم التزام الاتفاق.
شبّهت مصادر دورَ الأمم المتحدة في اتفاق الحديدة بالقرار 1701 في لبنان
في المقابل، طالبت قيادات أخرى بتنويع العلاقات الخارجية وإعادة النظر في السياسة التي انتهجت منذ بداية الحرب، حتى إن البعض ذهب إلى أبعد من ذلك، من قبيل إعادة ما انقطع مع روسيا وإيران.
أما على المستوى الخليجي، فإن المسؤولين في دولة الإمارات والسعودية، رحّبوا بحذر باتفاق السويد، إلا أن النخب القريبة من دوائر القرار، التي يسمح لها بالتعليق على الأحداث، لا تعكس رأي الموقف الرسمي، بحيث لم تُبدِ ارتياحاً، وأظهرت تحفّظاً كبيراً على مجمل المفاوضات، وكذلك على استمرارها في المستقبل، واصفين إياها بالعبثية. كذلك اعتبروا أن الاتفاق قدّم تنازلاً مهماً لصنعاء، ملقين باللائمة على المجتمع الدولي، ومتهمين إياه بالانحياز إلى «أنصار الله»، والتذرع بالوضع الإنساني لفرض تنازلات على «التحالف». الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية الإماراتي، عبد الخالق عبدالله، المقرب من ولي العهد محمد بن زايد، قال في تغريدة إن كلمة السر التي أنتجت اتفاق السويد بين اليمنيين، هي الضغط ثم الضغط ثم الضغط. وأضاف أن جميع الأطراف استجابت أخيراً لضغوط ميدانية وسياسية، مؤكداً أن اتفاق اليمن هو اتفاق المضغوطين.
في المقابل، أبدت صنعاء ارتياحها لمجمل المفاوضات، ولا سيما الاتفاق بشأن الأسرى، وهو مطلب قديم من شأنه أن يلمّ شمل الأُسر، ويريح شريحة مجتمعية كبيرة من الطرفين. وكذلك اتفاقية الحديدة، إذ من شأن ذلك، أن يسقط ورقة حساسة طالما شكّلت سيفاً مُصلَتاً من قبل «التحالف». وبشأن الاتهامات بالتفريط بالسيادة، من خلال موافقة وفد صنعاء على آلية المراقبة والتفتيش وفريق مراقبة وقف إطلاق النار، ترد مصادر حكومة «الإنقاذ» بالقول إن البلد موضوع تحت البند السابع لمجلس الأمن بدعوة من النظام السابق، كما يدار منذ عام 2011 من قبل ما يسمى مجموعة الدول 18 التي ترعى شؤونه، والأهم من ذلك، استجلاب جيوش 12 دولة للعدوان عليه واحتلال أراضيه، بدعوة من قبل ما يسمى «شرعية» عبد ربه منصور هادي. تضيف المصادر أن دور الأمم المتحدة رقابي وإشرافي، وليس لها أي دور أمني من شأنه أن يمسّ بالسيادة، وأن مسؤولية حفظ الأمن للقوى الأمنية المحلية التي تدار من حكومة «الإنقاذ». وهناك نماذج كثيرة حصلت في هذا المضمار، البارز فيها قرار 1701 بين لبنان والكيان الصهيوني، الذي يسمح لقوات «اليونيفيل» بدور مراقبة وقف إطلاق النار بين المقاومة اللبنانية والكيان الإسرائيلي، من دون أن يمسّ بالسيادة اللبنانية. بالإضافة إلى ذلك، فإن عائدات الحديدة ستصبّ في البنك المركزي ضمن اتفاق اقتصادي شامل لحل قضية رواتب الموظفين في كافة المحافظات، وهي قضية تشكّل عبئاً على حكومة «الإنقاذ»، ويأتي حلها ليزيح عنها هماً كبيراً طالما سعت لمعالجته. وترى المصادر أن حل قضية الرواتب خطوة باتجاه حل الموضوع الإنساني.