رغم محاولات الحكومة الأمريكية التغطية على الحقائق الخاصة بالتحديات الأمنية التي تعصف بالمجتمع الأمريكي، إلا أنها أخفقت في حجب الإحصائيات الصادرة عن مؤسسات أكاديمية ومراكز أبحاث معنية بشؤون المجتمع والتي أنذرت بظروف خطيرة للغاية ناجمة عن عمليات إطلاق النار، إن كانت على أيدي قوات الشرطة أو المراهقين والمجرمين من أصحاب السجلات الجنائية في هذا البلد.
وتؤكد الإحصائيات المتوافرة بشأن أعمال العنف داخل أمريكا أن ولاية شيكاغو تحتل المركز الأول من حيث جرائم القتل وانعدام الأمن مقارنة بسائر المدن الأمريكية، وقد شهدت هذه الولاية خلال الأيام الأخيرة العديد من عمليات إطلاق نار خلّفت العشرات من القتلى والمصابين.
ويرى المراقبون أن حرية استخدام السلاح في أمريكا زادت من حدّة العنف على صعيد أمريكا ولاسيما ولاية شيكاغو، وقد تحوّلت هذه الظاهرة تدريجياً إلى أزمة كبيرة في أمريكا، ربما لا تقلّ شأناً عن العمليات الإرهابية التي تمارسها الجماعات المتطرفة التكفيرية في أنحاء العالم.
وفي سياق متصل نقلت قناة “سي بي اس” عن أحد الأعضاء في مؤسسة ستريت باستورز “دانافان برايس” قوله، إن الوضع الراهن في شيكاغو أصبح خارجاً عن السيطرة، مردفاً أن ظروف الحرب تستحوذ على هذه الولاية الأمريكية.
علماً أن عمليات إطلاق النار على المدنيين في أمريكا باتت قضية معهودة ومزمنة، وتشير التقارير المتوافرة إلى أن هذه الجرائم تودي سنوياً بحياة أكثر من 500 طفل أمريكي.
وفي معرض البحث عن أسباب ظاهرة إطلاق النار في أمريكا، تجدر الإشارة إلى التعاطي الضعيف من جانب الشرطة مع المتورطين في هذه العمليات، إلى جانب حرية شراء وحيازة السلاح من المحال التجارية الأمريكية، الأمر الذي زاد من حدّة العنف في أنحاء أمريكا وخاصة شيكاغو، والشاهد على ذلك تمثّل في الهجوم الذي استهدف الأحد الماضي ولاية شيكاغو والذي خلّف 3 قتلى و 9 مصابين آخرين نقلوا إلى المستشفى لتلقي العلاج إثر إصاباتهم البليغة.
وفي خضمّ هذه التحديات، لم تفضِ الاحتجاجات الشعبية وأيضاً تدابير أعضاء الكونغرس والمسؤولون في البيت الأبيض إلى نتائج ملحوظة في تقييد حرية حيازة السلاح أو بيعه داخل أمريكا.
من جانب آخر، هناك لدراسة قامت بها جامعتا “کورنل” و”واشنطن” الأمريكيتين بشأن جرائم الشرطة بحق المواطنين.
وبحسب هذه الدراسة، تؤدي عمليات القتل على أيدي الشرطة الأمريكية إلى مقتل 3 مواطنين يومياً، أي ما يعادل الـ 1000 شخص سنوياً.
وبحسب المصدر نفسه، يبلغ عدد الضحايا من أصحاب البشرة السوداء 3 أضعاف المواطنين البيض في أمريكا.
كما يفيد التقرير الأكاديمي أن الشرطة الأمريكية متورطة بنحو 8 بالمئة من إجمالي جرائم القتل بحق الرجال في هذا البلد.
والجدير بالذكر هنا أن الإحصائيات المعلنة من جانب الشرطة بشأن حالات القتل الناجمة عن عمليات إطلاق النار على أيدي القوات الأمنية تفوق الإحصائيات المتوافرة بهذا الخصوص لدى وزارة العدل الأمريكية، والسبب في ذلك هو أن القانون الأمريكي لا يلزم الشرطة تقديم معلومات دقيقة بشأن وقائع القتل التي تحدث على أيدي القوات المنتسبة إليها.