لماذا فشلت العملية الانتقالية في اليمن ؟
عبدالملك العجري
سؤال مهم جدا الإجابة عليه قبل الدخول في أي تسويات جديدة حتى لا نعيد انتاج عوامل الفشل والاحتراب مرة أخرى .
لماذا فشلت العملية الانتقالية عقيب ثورة فبراير ???? في تجنيب اليمن دورات العنف وصولا الى العدوان الشامل ، مقارنة ببلدان الربيع العربي التي شهدت عملية انتقالية وحواراً سياسياً كتونس ومصر والتي وان لم تنجح في تحقيق اهداف الثورة كاملة لكنها في الحد الأدنى جنبتها موجات عنف محتملة.
سأحاول أن أوجز أهم العوامل الرئيسة في فشل العملية الانتقالية تاركا التفاصيل لمناسبة أخرى وذلك كالتالي :
اولا :الانتكاسة الثورية بتحول الثورة من ثورة شعبية الى انقسام رأسي للنظام والدخول في تسوية حافظت على مؤسسات ورجال النظام القديم ،ورحلت مطالب الثوار الى مؤتمر الحوار الوطني بينما في مصر وتونس جرى حل مؤسسات النظام القديم التشريعية والتنفيذية ،وبما ان هذه المؤسسات تمثل مصالح النظام القديم فإن من الطبيعي ان تمانع التغيير الثوري وتقاوم اي اصلاحات.
ثانيا :اعلاء التدخل الاقليمي والدولي لمصالحه في تصميم ومراقبة العملية الانتقالية فإسقاط النظام الذي طالبت به ثورة فبراير لا يعني اسقاط صالح بقدر ما يعني اسقاط شبكة معقدة من العلاقات والتوازنات المحلية والاقليمية وبالتالي تكاثرت الكوابح في تصميم وضبط العملية الانتقالية لحد افراغها من أي مضمون ثوري.
ثالثا: التصميم الجامد للعملية الانتقالية والوثنية في التمسك بمرجعياتها مقارنة بالمرونة في تونس ومصر اذ كانت تبادر لإعادة النظر فيها واعادة تصميمها لمنع الانحدار نحو العنف بينما تحولت المبادرة الخليجية لدى بعض الاطراف الى تلمود مقدس اسهل عليها ان تتنازل عن فريضة من فرائض الدين من ان تتنازل عن بند من بنودها في تونس ومصر تم الانتقال سريعا من مرحلة انتقالية الى اخرى بمرجعيات ومؤسسات اقوى من سابقاتها من ناحية التفويض الشعبي، بينما كان هناك نوع من الوثنية في تمسك بعض الاطراف بتصميم المبادرة الخليجية للعملية الانتقالية ومحاولة تمديدها الى ما بعد الحوار الوطني .
رابعا :اعطاء صلاحيات طاغية للرئيس الانتقالي على الحوار الوطني باعتباره الهيئة المناط بها الاصلاح السياسي ومراقبة الانتقال وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني ،مقارنة بالاستقلالية التي تمتعت بها على سبيل المثال الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة والانتقال الديمقراطي في تونس .
خامسا :عجز وفشل القائمين على إدارة المرحلة الانتقالية الاولى والانقلاب على العملية الحوارية والذي تمثل في مظهرين اساسيين الاول كسر التوازن الذي كان قائما في بداية الحوار بين القوى الجديدة وقوى النظام القديم بحيث اصبحت الكفة مائلة بالمطلق لصالح الاخيرة والثاني الالتفاف على مخرجات الحوار وافراغها من مضمونها استخدام رئيس الحوار صلاحياته شبه المطلقة في تصميم الهيئات واللجان المنبثقة عن الحوار بالشكل الذي يضمن خروجها بالنتائج المقرة سلفا والغاء وإضعاف أي صوت معارض.