جيبوتي/ وكالات
أعلنت جيبوتي إلغاء عقد الامتياز الممنوح لشركة موانئ دبي العالمية الذي ينص بأن تشغل محطة دوراليه للحاويات في ميناء جيبوتي لمدة خمسين عاماً، الأمر الذي أثار استياء الإمارات لاسيما وانه سيخرجها من لعبة الهيمنة الإقليمية.
أهمية جيبوتي الدولة العضو في جامعة الدول العربية التي لا يعلمها الكثير من المتابعين أنها تقع على الشاطئ الغربي لمضيق باب المندب الذي يربط خليج عدن “المطل على اليمن” بالبحر الأحمر. والأهم بالنسبة لأبو ظبي أنه يقع على الجانب المقابل لجيبوتي عبر البحر الأحمر في شبه الجزيرة العربية اليمن التي تبعد سواحلها نحو 20 كيلومترا عن هذا البلد الواقع في القرن الافريقي.
وكانت قد اعلنت جمهورية جيبوتي يوم الخميس الماضي، أنها أنهت عقدا مع موانئ دبي العالمية لتشغيل محطة دوراليه للحاويات. وقال حينها مكتب الرئيس “اسماعيل عمر جوليه” في بيان: قررت جمهورية جيبوتي السير قدما في إنهاء من جانب واحد وبأثر فوري لعقد الامتياز الممنوح لموانئ دبي العالمية.
قرار جيبوتي قصم ظهر مشروع موانئ دبي العالمية والصندوق الوطني للاستثمار والبنية التحتية في الهند، حيث كان من المقرر ان يستثمر البلدان ما يصل إلى ثلاثة مليارات دولار في الاستحواذ على أصول وتطوير مشروعات في موانئ بحرية ونهرية وممرات شحن ومناطق اقتصادية خاصة ومحطات حاويات برية والبنية التحتية للخدمات اللوجستية مثل التخزين البارد، والتي كان من المقرر ان تنطلق من موانئ جيبوتي الاستراتيجية.
السبب الكامن لجيبوتي وراء إلغاء إدارة الإمارات لمحطة حاويات “دوراليه” أفصح عنه مسؤولون جيبوتيون للجزيرة. حيث كشفوا: إن ملاحق عقد الامتياز الذي كان ممنوحا لشركة موانئ دبي وتفاصيله تضمنت شروطا مجحفة. كما كشفوا أن أرض الصومال يمكن أن تتخذ قرارا مماثلا في إنهاء الاتفاق مع دبي.
ومن الشروط المجحفة التي كشف عنها المسؤولون الجوبوتيون “منع توسعة مباني الميناء أو إقامة أي مبان جديدة، وأن حصص التملك المتفق عليها لم تكن هي نفسها في توزيع الأرباح، فضلا عن جعل الإدارة المالية في يد شركة موانئ جبل علي بمجموعة موانئ دبي العالمية”.
المثير للانتباه أن هؤلاء المسؤولين اكتشفوا لاحقا أن نسبة 20% من الأرباح كانت تذهب إلى كل من عبد الرحمن بوري، مدير الموانئ الجيبوتية سابقا (مهندس الصفقة والمقيم بالإمارات حاليا)، وسلطان أحمد بن سليم رئيس مجلس إدارة موانئ دبي العالمية، مما اضطر الحكومة الجيبوتية إلى رفع قضية لرد حقها عام 2012م، كما لجأت إلى أبو ظبي التي أخبرتهم أن هذا الأمر يخص حكومة دبي، ولا شأن لها به لتتملص من مسؤوليتها بإعادة أموال جمهورية جيبوتي المنهوبة.
والأمر الذي أثار غضب سلطات جيبوتي هو أن شركة موانئ دبي ذهبت إلى إثيوبيا (العدو اللدود لجيبوتي) وعرضت عليها نسب تملك في ميناء عصب وميناء أرض الصومال، شريطة التخلي عن التعاون مع ميناء جيبوتي بهدف الإضرار به.
ولم يكتف المسؤولون الجيبوتيون بالمعلومات الآنفة الذكر بل قاموا بتوثيق لقاء جرى بدبي في 15 فبراير الجاري، جمع بين وزراء من جيبوتي ومسؤولين إماراتيين، هددهم خلاله سلطان بن سليم رئيس شركة جبل علي بأن شركته سوف تعيد ميناء جيبوتي كما كان عام 2005م مجرد مرسى بدائي. وعلى إثر هذا الكلام أعلنت جيبوتي الخميس الماضي إلغاء عقد الامتياز الممنوح لمجموعة موانئ دبي العالمية الذي يقضي بأن تتولى تشغيل محطة “دوراليه” لمدة خمسين عاما.
وتوعّدت أيضا جيبوتي بأن الصومال قد تحذو حذوها في إنهاء الاتفاق بينها وبين موانئ جبل على، لأنه كان مجحفا للغاية حسب السلطة الجديدة لأرض الصومال، التي تفاجأت بهذه الاتفاقية ولا تعرف كيف تتعامل معها، لأن الحكومة لا تحصل إلا 35% فقط من الأرباح، فضلا عن نسبة 19% من حصة شركة ميناء جبل علي، أعطتها الشركة لأثيوبيا.
الخلفيات التي دفعت سلطات جيبوتي لاتخاذ قرار بالسيطرة على محطة حاويات “دوراليه” من شركة مملوكة لموانئ دبي العالمية التي أنشأت المحطة وإدارتها منذ العام 2006م، هي أن العلاقات الإماراتية الجيبوتية أصبحت سيئة للغاية في الفترة الأخيرة، خاصة بعدما رفضت جيبوتي طلبا بإنشاء قاعدة إماراتية لمتابعة الأوضاع في مدينة عدن اليمنية لفرض هيمنتها على هذا البلد.
وحاولت بعدها أبو ظبي معاقبة جيبوتي عبر تأجير موانئ مجاورة لموانئها، ثم قدمت عرضا سخيا للإثيوبيين الذين كانوا يستخدمون موانئ جيبوتي لتركها واستخدام موانئ أرض الصومال برسوم مخفضة جدا.
وما يؤكده الجيبوتيون هو أنهم غير راضين عموما عن تحركات الإمارات في عدن لأنها تؤثر سلبا عليهم، حيث توعّد “ابن سليم رئيس شركة جبل علي الإماراتية” في خضم الأزمة جيبوتي قائلا: “نحن جعلنا من الجيبوتيين بشرا، لكننا سنرجعهم كما كانوا”.
ناهيك عن ما ذكر آنفا تشعر جيبوتي بأن الاتفاقية الموقعة بينها وبين الامارات عام 2005م كانت تهدف إلى خنق اقتصاد البلاد، ولم تكن إلا لأغراض سياسية واستخباراتية فحسب، كما أن الإمارات تدعم المعارضة الجيبوتية بقيادة عبد الرحمن بوري مهندس المقيم حاليا في الأراضي الإماراتية.
Next Post