القدس بين استراتيجية نصر الله واستراتيجية ترامب
زين العابدين عثمان
لا تزال واشنطن تصر على تنفيذ قرار الرئيس ترامب رغم ما به من تداعيات ورغم تمايز الأخطار المدمرة التي ستنجم عنه .
فالملاحظ ان واشنطن تحاول قدر الإمكان ان توظف متغيرات الجيوبيلوتيك الشرق أوسطية خدمة لإسرائيل كي تتوسع الأخيرة ديمغرافيا وتشق طريقها نحو الانتقال من قالب “الكيان الضيق” الى افق أوسع لبناء دولة إسرائيل التي ينشدها اليهود منذ 1967م وذلك على حساب الأراضي الفلسطينية ،.
الأكثر جرأه في الأمر هو قيام ترامب باصدار قرار ليجعل من القدس عاصمة لإسرائيل وهذا بدوره يعكس صورة متكاملة بأن سياسات واشنطن الحالية والمستقبلية لم تعد تكترث لمباحثات السلام أو غيره ولن تتوقف حتى ترى دولة إسرائيل قائمة على حطام الدولة الفلسطينية كره من كره ورضي ومن رضي .
وبهذا الأمر يصبح خيار الحرب العسكرية لدى المقاومة الفلسطينية هو الخيار الأخير كون طاولات المفاوضات قد اغلقت ولم يعد فيها اي نتائج سوى الاذلال والتهشيم السياسي وتقديم المزيد من التنازلات، سيما وان هناك تعاطياً بالاتجاه المعاكس من الأنظمة العربية وبالمقدمة السعودية والإمارات ما يبارك قرار ترامب بشكل أو بآخر ويرى فيه منطلقا نحو السلام مع إسرائيل.
في الحديث عن اقتراب معركة التحرير التي ستشعلها المقاومة الفلسطينية غدا أو بعد غد تجدر الإشارة إلى أن الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله في خطابه الأخير اعلن استعداده الكامل لدعم المقاومة الفلسطينية بكل الوسائل ودعا كافة فصائل المقاومة في شتى بقاع المنطقة والشرق الأوسط الى عقد اجتماع طارئ للتنسيق ووضع استراتيجية عسكرية متكاملة الأطراف لتكون رديفا للمقاومة الفلسطينية في الحرب ضد إسرائيل. وبمعنى آخر الحرب المقبلة ضد إسرائيل ان وقعت لن تكون محصورة في جغرافيا فلسطين هذه المرة ،بل انها ستمتد لتكون اقليميه لا هوادة فيها ولن تكون المقاومة الفلسطينية وحيدة في خنادق التماس مع الصهاينة بل سيكون هناك تدخل مباشر وغير مباشر لمقاتلي محور المقاومة الإسلامية جنبا الى جنب مع الفلسطينيين .
أمريكا على علم مسبق بأن الحرب ضد إسرائيل ان اطلق لجامها فهي ستكون اقليمية بكل المعنى كون دول محور المقاومة حزب الله إيران سوريا اليمن وباقي الفصائل بالمنطقة ستنخرط فيها طال الزمن أو قصر.
لذا تحاول ان تضع استراتيجية معاكسة لاحتواء دول هذا المحور وهذا الاستراتيجية قد رسمتها إدارة ترامب وصادق عليها الكونجرس وهي كالتالي:
أولا: توجيه توجيه الأنظار والاتهامات نحو إيران وتحميلها المسؤولية الكاملة امام المجتمع الدولي.
ثانيا: إفشال جميع مباحثات السلام في سوريا التي كان آخرها جنيف 8 والذي خرج اليوم دون أي نتائج تذكر بهدف إبقاء الأزمة السورية راهنة الى اجل غير مسمى.
ثالثا: السيناريو الذي يقوم على أساس اتهام إيران بتزويد الحوثيين بالصواريخ الباليستية لضرب العاصمة الرياض، وذلك من اجل اطالة امد الحرب والأزمة الاقتصادية في اليمن بغية استنزاف الحوثيين الذي يشكلون قوة استراتيجية مهمة في محور المقاومة .
رابعا: قيام واشنطن بتشكيل تحالف عربي أوروبي إسرائيلي ضد إيران وذلك من اجل ان يكون الدرع الحصين لسياسات أمريكا الاستثمارية ومشروع بناء الدولة الإسرائيلية الذي سيبنى على نار هادئة .
في الأخير تكون جملة المخرجات النهائية لكل هذه المتغيرات الجيوسياسية ماثلة امام باب اندلاع حرب متوقعة ستكون هي الأعنف في تاريخ الكيان الإسرائيلي وبالمقابل ستدفع أمريكا وحلفاؤها العرب وغيرهم اثمانا باهظة كونها ستفشل في استراتيجيتها جراء التعاطي مع أزمات المنطقة بسياسة صب الزيت على النار .