هدير محمود*
ما لبثت أزمة الحجاج الإيرانيين أن انتهت بعد مفاوضات ماراثونية بين طهران والمملكة العربية السعودية، حتى جاءت أزمة مماثلة لكن هذه المرة مع قطر، التي صب عليها الملوك والأمراء السعوديون بدعم ومباركة إماراتية بحرينية مصرية، جام غضبهم وأوقعوا عليها جملة من العقوبات المُعلنة والتي تتصاعد يومًا بعد يوم، لكن يبدو أن هناك بعض العقوبات التي لا يمكن التصريح بها، من بينها منع القطريين من أداء فريضة الحج هذا العام.
بالتزامن مع استقبال نائب وزير الحج السعودي، محمد بن صالح البيجاوي، أول مجموعة من الحجاج الإيرانيين عند وصولهم إلى مطار المدينة المنورة، مساء الأحد الماضي، والتي تتكون من 270 شخصًا من مجموع 86 ألفًا و500 إيراني سيشاركون في أداء مناسك الحج خلال العام الجاري، انطلقت الأزمة السعودية القطرية حول موسم الحج، ويبدو أن السعودية اتخذت قرارًا بحظر الحج على القطريين هذا العام كشكل من أشكال العقاب.
قبل نحو أسبوع، أكدت وزارة الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية بحسب صحيفة “الرياض”، أنه “في ظل الوضع السياسي الراهن مع الدوحة فإن حكومة المملكة ترحب بضيوف بيت الله الحرام من الحجاج والمعتمرين من مختلف دول العالم، بما فيها قطر”، وقالت هيئة الطيران المدني السعودي: إن الهيئة تؤكد حرصها على تمكين الراغبين في أداء مناسك العمرة من الأشقاء القطريين في أي وقت وعبر أي خطوط، باستثناء الخطوط القطرية، على أن تنطلق رحلاتهم من الدوحة مرورًا بمحطات أخرى، ويكون قدومهم عن طريق مطاري جدة والمدينة المنورة، وأضافت حينها إن بإمكان الحجاج في قطر، ممن لديهم تصاريح حج، القدوم جوًا مباشرة من الدوحة أو عبر محطة أخرى، وعلى أي خطوط، باستثناء الخطوط القطرية، ويكون قدومهم ومغادرتهم من خلال مطاري جدة والمدينة المنورة فقط خلال موسم الحج لهذا العام 2017م.
يبدو أن تصريحات وزارة الحج والعمرة وهئية الطيران المدني كانت مجرد محاولة لتبييض وجه المملكة ونفي الأنباء التي خرجت لتعلن عزم الرياض تسييس موسم الحج الحالي على حساب القطريين، وكشفت السلطات القطرية عن محاولات السعودية عرقلة تأدية القطريين لموسم الحج، وأكدت وزارة الأوقاف القطرية في بيان نشرته الأحد الماضي، أن وزارة الحج والعمرة السعودية امتنعت عن التواصل معها لتأمين سلامة الحجاج وتسهيل قيامهم بأداء الفريضة، متعللة بأن هذا الأمر في يد السلطات العليا في المملكة، وتنصلت من تقديم أي ضمانات لسلامة الحجاج القطريين، وأضافت الوزارة إنها تنتظر معرفة الجهات العليا المخولة بتقديم هذه الضمانات في السعودية، وتعرب عن أسفها لإقحام أمور السياسة في إجراءات أداء هذا الركن من أركان الإسلام، الأمر الذي قد يؤدي إلى حرمان الكثير من المسلمين من أداء هذه الفريضة.
من جانبها قالت اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان، إنها خاطبت مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية الدين والعقيدة، حول العراقيل والصعوبات الموضوعة أمام مواطني قطر في أداء مناسك الحج، وأوضحت اللجنة غير الحكومية، السبت الماضي، أنها ترتب لإلحاق شكواها للمقرر الأممي الخاص المعني بحرية الدين والعقيدة، بشكوى أخرى إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، إلى جانب خطوات واسعة، في إطار تدويل منع مواطني دولة قطر والمقيمين فيها من أداء مناسك الحج، ولفتت اللجنة في خطابها إلى أن السعودية ومنذ بدء الحصار اتخذت حزمة من الإجراءات والتدابير من شأنها إعاقة سفر المواطنين القطريين لأداء شعائر الحج والعمرة.
وقالت اللجنة: سمحت السعودية للقطريين بالدخول إلى أراضيها عبر منفذين جويين فقط، وتنطبق هذه القرارات على المواطنين القطريين المقيمين خارج قطر، حيث يتعين عليهم العودة إلى الدوحة، ومن ثم الدخول إلى الأراضي السعودية لأداء الشعائر الدينية عبر المنفذين المحددين، وأشار البيان إلى أن هذه الانتهاكات تضاف إلى سلسلة من الانتهاكات التي تعرضت لها حملات العمرة القطرية خلال شهر رمضان الماضي، مضيفة: خلال شهر رمضان تمت مخاطبة المعتمرين عبر السلطات السعودية وإجبارهم على العودة إلى قطر عن طريق الخطوط القطرية التي منعت بدورها من مغادرة المطار والعودة إلى قطر إلا في اليوم التالي، ولفتت إلى أنه تم إجبار مواطنين قطريين على مغادرة الفنادق التي يقيمون فيها لأداء عمرة رمضان.
توجه اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان إلى الأمم المتحدة، اعتبرته المملكة تدخلًا سافرًا في شؤونها ومحاولة لتدويل الحرمين الشريفين، حيث اتهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، السلطات القطرية بأنها تطلب تدويل المشاعر المقدسة، مشيرًا إلى أن ذلك “أمر عدواني وإعلان حرب ضد المملكة، ونحتفظ بحق الرد على أي طرف يعمل على تدويل المشاعر المقدسة”، وأضاف الجبير إن قطر تحاول “تسييس الحج”، مؤكدًا ترحيب بلاده بالحجاج القطريين.
“البديل”