كلام في الحكومة
عبدالفتاح علي البنوس
* عندما تم الإعلان عن تسمية الدكتور عبدالعزيز بن حبتور رئيسا لحكومة التوافق الوطني التي أطلق عليها مسمى حكومة الإنقاذ الوطني تفاءل الجميع بها وأعلنوا مساندتهم وتأييدهم لها ، باعتبارها طوق النجاة الذي سيأخذ بأيدهم إلى بر الأمان ، متجاوزين كافة العقبات والعراقيل والمعوقات التي تقف أمامهم وفي مقدمتها العدوان السعودي الغاشم الذي يجثم على صدور اليمنيين منذ فجر الـ 26من مارس 2015 وحتى اليوم .
كلنا وقفنا مع هذه الحكومة ودافعنا عنها وانتقدنا تلكم الأقلام التي هاجمتها وقللت من شأنها وحملتها فوق طاقتها ، ونحن على دراية تامة بأن الطريق أمامها لن يكون مفروشا بالورود فالمهمة كانت وما تزال صعبة ولكن ورغم ذلك لم نكن نتوقع أن تتعثر الحكومة بهذا الشكل وأن يبلغ بها العجز إلى الحد الذي لا تستطيع فيه صرف نصف مرتب لموظفي الدولة خلال سبعة أشهر ، وأن يغرق بعض أفرادها في وحل الفساد ويحول البعض الآخر الوزارات التي يقودونها إلى ملكيات خاصة بالمكونات التي ينتمون إليها ويمثلونها ، ويتحول عملهم إلى صراعات نفوذ وسباق على الفيد وتجيير الإيرادات الحكومية لحسابات ومصالح حزبية وشخصية ضيقة .
لقد أضاعت حكومة الإنقاذ بوصلتها ، وفقدت بريقها ، بانحرافها عن مسارها الصحيح ، وانقلابها على برنامجها الحكومي الذي قدمته للبرلمان، وصار كل وزير يمثل دولة بمفرده ولم يعد من سلطة عليه لا من الحكومة ولا من المجلس السياسي ، وكأن المرحلة عبارة عن محطة للفيد وتقاسم الغنائم ، متناسين الواجبات والأولويات التي يجب على الحكومة تنفيذها وفي مقدمتها قضية مرتبات الموظفين ، ولا أعلم ما الذي حدا ببعض الوزراء إلى الوقوع في فخ هذه الممارسات الرعناء التي تسيء للحكومة وللقوى التي تمثلها ؟! لا نريد تصريحات ولقاءات صحفية وندوات وورش عمل ومهرجانات واجتماعات لا جدوى لها ولا فائدة منها ، لا نريد تحميل المواطن اليمني الغلبان ما لا يطيقه من الأحمال الثقال التي تقصم ظهره وتكاد أن تفتك به وتنال منه ، لا نريد تبديد موارد الدولة وإهدارها وصرفها بعشوائية وارتجالية على من هب ودب ، الأولويات تتمثل في دعم الجبهات وصرف المرتبات وعلى الحكومة أن تسخر طاقاتها وإمكانياتها ومواردها لتنفيذها وترجمتها على أرض الواقع وما دون ذلك من صرفيات يجب أن تقونن ويتم ترشيدها إلا ما يتعلق بما هو ضروري وطارئ ،ومادون ذلك يجب أن يخضع الجميع للرقابة والمحاسبة فالوضع لا يحتمل المزيد من العبثية والعشوائية والفوضى .
بالمختصر المفيد الحكومة ،حكومة إنقاذ للشعب والوطن ، ولكن الملاحظ اليوم بأنها بحاجة إلى من ينقذها، فقد زاد الماء على الطحين ، واختلط الحابل بالنابل، ولم يعد يلمس المواطن اليمني أي أثر إيجابي لهذه الحكومة ، اليوم هناك من يستعَدْون الوطن والمواطن ويسعون للتضييق عليهم في معيشتهم واقتصادهم من أجل مصالح نفعية رخيصة ، وهناك من يعملون على شق الصف الوطني وإهدار الموارد العامة في ظل هذه الظروف المادية والمعيشية الصعبة التي يعيشها أبناء الشعب ، نريد أن تعود الحكومة إلى توافقها وتناغمها الذي كان معيار تشكيلها ومنطلق عملها ، يجب أن يتجرد الوزراء من الولاءات والتبعيات الضيقة ويكون ولاؤهم للوطن أولا وأخيرا ، لانريد مجاملات ولا تدليس ولا تلبيس على الشعب ، نريد حكومة تعمل بشفافية ومصداقية واستقلالية وعدم انحياز أو تعصب ، وإذا كانت حكومة الإنقاذ عاجزة عن ذلك فعليها أن تنسحب وتترك المجال لغيرها ، فالوطن يحتضن الكثير من الكفاءات الوطنية في مختلف المجالات القادرة على العطاء والإنجاز حتى في ظل هذه الظروف الراهنة .