حالة الطوارئ والحقوق والحريات

مطهر يحيى شرف الدين

استخدمت حالة الطوارئ كمبدأ استثنائي مؤقت في كثير من الدول بهدف التعامل السليم والمناسب مع الكوارث الطبيعية والحروب والصراعات والثورات والظروف الأمنية الخطرة والفراغ الدستوري والتشريعي  وهو نظام يرتبط بخطر يمس كيان الدولة والسلامة العامة للمجتمع ، وتعتبر حالة الطوارئ أقوى مظهر للتشريعات الاستثنائية وهو سلاح تشريعي بيد السلطة التنفيذية لمواجهة تلك المخاطر والفوضى ، وفي هذا المقام وفي ظل هذه الظروف التي تحيط بوطننا وأرضنا وما نواجه اليوم من عدوان دول التحالف السعودي الأمريكي السافر ينبغي ضرورة تحديد أسباب إعلان حالة الطوارئ بصورة دقيقة وواضحة والابتعاد عن المصطلحات التي تحتمل تأويلات وتفسيرات تؤدي إلى انتهاكات للحقوق والحريات وحتى لا يترك المجال لتأويل ذلك بشكل مغاير لما أراد المشرع مما يؤدي إلى خلق حالات جديدة من الفوضى وتعزيز الصراعات وتأجيج الفتن والمكايدات التي نحن في غنى عنها  ، ولذلك تناول القانون الدولي حالة الطوارئ من خلال العهد الدولي للحريات المدنية والسياسية الصادرة عام 1966م إذ حدد شرط أساسي لفرض الطوارئ في وجود تهديد أو خطر استثنائي يهدد أمن الدولة وكيانها وأمنها ، فقد نص العهد الدولي في مادته الرابعة على ألا تكون التدابير المتخذة متعارضة مع التزامات الدولة كما حذر من أن تكون هناك نزعات تمييزية على العرق أو الجنس أو اللون أو اللغة أو الدين ، والصلاحيات الاستثنائية تهدف بالدرجة الأولى إلى اتخاذ السلطة التنفيذية للتدابير على المستوى الوطني للحفاظ على  الأمن العام والسكينة والعمل على تعزيز الاستقلال  وتدعيم سيادة القانون و الدولة من خلال القضاء على البقية من الأوصياء والعملاء والمرتهنين للقرار الخارجي الذين ينخرون في جسد المجتمع اليمني بنشرهم للفوضى والإرجاف والشائعات المغرضة وتوظيفها لمصلحة الدول المعتدية ، ولذلك تسمح حالة الطوارئ بتجاوز أعمال السلطة القضائية وذلك على أساس اعتراف القانون الدولي بهذه الحالة الإستثنائية وتعليق بعض الحقوق من قبل السلطة التنفيذية التي تخول بسحب بعض صلاحيات السلطتين التشريعية والقضائية وإسنادها إلى السلطة التنفيذية إضافة إلى منح هذه الأخيرة سلطات واسعة مثل إلقاء القبض على المشتبهين والمس ببعض الحريات والحقوق الفردية والجماعية ووضع أشخاص رهن الإقامة الجبرية وفرض القيود على حقوق التعبير وعلى حالة التجوال في أوقات معينة وإعطاء الجيش والأمن الصلاحيات لحظر المظاهرات وإقفال أماكن التجمعات ، وفي مقابل ذلك يتطلب القانون الدولي أن تخضع حالة الطوارئ لقيود معينة متمثلة في آلية رقابة وإعطاء السلطة التشريعية صلاحية مراقبة وضبط أعمال السلطة التنفيذية ومن التدابير التي تؤخذ في الاعتبار حقوق الإنسان وكرامته وحريته ، ومما لاشك فيه أن هذه الحالة المؤقتة يتم إعلانها وفرضها بدون أي تجاوزات أو خرق أو انتهاك للحقوق الإنسانية والحريات العامة إذ أن هناك ضوابط وحدود يراعى اتخاذها وإجراؤها وفق أحكام وضوابط  محددة تحمي بها حق الحياة للأفراد والجماعات واحترام شروط المحاكمات العادلة التي لا تجوز الا للمحاكم وحدها أن تحاكم وتدين الأفراد لإرتكابهم جرما جنائيا ، ولذلك فقانون الطوارئ باعتباره نظاما قانونيا استثنائيا محددا زمانا ومكانا خاضعا لرقابة تشريعية فذلك يعني ضرورة التعاطي والتعامل معه من قبل الأفراد والجماعات والمجتمع بمرونة وإيجابية وإبداء حسن النوايا طالما وأن الهدف من ذلك هو مواجهة عدوان خارجي ومواجهة طابور خامس ومواجهة مخاطر واضطرابات وفوضى تهدد أمن الدولة واستقراراها وسيادتها.

قد يعجبك ايضا