تفشي الأوبئة وعجز علاج المرضى .. هالة سوداء تنذر بانهيار الخدمات والقطاع الصحي في اليمن

 

الثورة نت/سبأ/ مهدي البحري:

 

هالة سوداء كبيرة تحف القطاع الصحي في اليمن، فالموت يصارع الحياة، والأمراض والأوبئة تسبق الأحداث الراهنة في حصد أرواح اليمنيين .. أطفال ورجال ونساء في كل أنحاء البلاد ..

 

تضرر القطاع الصحي والخدمات الطبية في اليمن جراء الأحداث التي تشهدها البلاد والحصار بشكل لم يسبق له مثيل ، وارتفع حجم الضحايا بين المواطنين والكوادر الطبية نتيجة استمرار هذه الأوضاع و انتشار الأمراض والأوبئة .

 

وبينت إحصائيات للمنظمات الدولية والجهات الحكومية حول القطاع الصحي حتى منتصف نوفمبر الجاري حجم الأضرار في المرافق والمنشئات الصحية المتأثرة جراء الأحداث التي بلغت 412 منشأة بنسبة 79 في المائة ، منها 180 مستشفى ومركزاً صحياً و 232 وحدة صحية ، ومستشفى ميداني واحد و مصنعي أكسجين و 61 سيارة إسعاف.

 

مستشار وزارة الصحة العامة والسكان الدكتور ناصر العرجلي أكد أن القطاع الصحي يمر بوضع كارثي و تدهور كبير في الخدمات الصحية و نقص حاد في الأدوية والمحاليل والمستلزمات الطبية .

 

وقال ” كثير من المستشفيات الحكومية والمرافق الصحية والمختبرات العامة مهددة بالإغلاق ، فيما أغلقت سبعة مراكز غسيل كلوي في عدد من المحافظات نتيجة انعدام مستلزماتها ” .

 

وأشار إلى أن أكثر من خمسة آلاف شخص من المرضى المصابين بالفشل الكلوي و 120 الف شخص من مرضى السكري مهددون بالموت نتيجة عدم توفر الدواء فضلا عن مرضى زارعي الكلى والثلاسيميا والصرع وتليف الكبد.

 

وبين أن 85 % من المختبرات المركزية ونقل الدم مهددة بإغلاق أبوابها أمام المرضى نتيجة انعدام المحاليل والمستلزمات الطبية .

 

وحسب آخر الاحصاءات فإن عدد المواطنين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بلغ 14 مليوناً و 400 ألف مواطن ، فيما وصل عدد المواطنين المهددين بانعدام المياه الصالحة للشرب 20 مليوناً و 400 ألف مواطن، مما ينذر بحدوث تبعات صحية وكارثة حقيقية قد تلحق هذا القطاع الذي يمس حياة الناس.

 

وأثرت الأحداث الجارية والحصار وغياب الخدمات الطبية بشكل ملفت على وضع خدمات الصحة الإنجابية وبرنامج التحصين ومكافحة الأمراض والأوبئة والخدمات التشخيصية المختبرية ، حيث ارتفعت معدلات انتشار الأمراض المعدية والوبائية عن المعدلات السائدة لتصل حالات حمى الضنك إلى سبعة آلاف و 732 حالة و الملاريا 20 ألفاً و 900 حالة، فيما بلغ عدد حالات الحصبة ألف و 490 حالة والسل الرئوي 100 حالة والإسهالات مليون و 800 ألف طفل ، وبلغ عدد الأطفال المصابين بالالتهابات التنفسية الحادة مليون و 300 طفل.

 

وتعد الكوليرا التي ظهرت مؤخرا أشد الأوبئة خطرا على السكان كونها مرض معدٍ ، يقول مدير عام مكافحة الأمراض بوزارة الصحة العامة والسكان الدكتور عبدالحكيم الكحلاني ” إن إجمالي الحالات المؤكدة بلغ 96 حالة وحالات الاشتباه أربعة آلاف و527 حالة فيما بلغت حالات الوفاة المؤكدة ثماني حالات واشتباه وفيات بالمرض 61 حالة”.

 

وأشار إلى أن الوزارة قامت بعزل ومعالجة الحالات المصابة ومعالجة المخالطين وتعزيز الترصد وتدريب الأطباء والعاملين الصحيين في المرافق بالمحافظات الموبوءة.

 

ولم يقتصر الأمر على وباء الكوليرا ، فهناك الكثير من التحديات الصحية التي تواجه السكان ومنها الانتشار الواسع لأمراض سوء التغذية نتيجة العوز الاقتصادي ، وفقاً لتقرير وزارة الصحة وصل عدد المصابين بسوء التغذية الحاد إلى 320 ألف حالة وسوء التغذية الحاد الوخيم 537 ألف حالة فيما بلغ عدد الحالات المصابة بسوء التغذية الحاد المعتدل مليون و 293 ألفاً و500 حالة، فضلا عن 14 ألفاً و 67 حالة مصابة بحالة نفسية جراء الأوضاع والأحداث الراهنة.

 

وتزدحم المستشفيات بالمرضى وخاصة الأمراض المزمنة كحالات الفشل الكلوي والسرطان والكبد والثلاسيميا للحصول على الخدمات الطبية الشحيحة ، فيما يلقى البعض منهم حتفه قبل الوصول إلى جلسة الغسيل ، أو الفحص على أجهزة الأشعة بمركز الأورام السرطانية نتيجة الإهمال وقلة الامكانيات وتعطل الأجهزة .

 

أم علي تعاني من سرطان الغدة الليمفاوية منذ عام ولديها خمسة أطفال وتسكن في بيت للإيجار في وادي احمد بصنعاء لم تتمكن من اتمام علاجها المشع في مركز الأورام السرطانية بصنعاء لوجود خلل في الجهاز الخاص بذلك ويأتيها الجواب دائماً ” الجهاز معطل ولا توجد ميزانية ” نتيجة الأوضاع في البلاد مما يزيد سوء حالتها نتيجة تأخر علاجها .

 

فيما تزداد معاناة والد المواطن احمد الحزورة المقرر له جلسة غسيل للكلى مرة في الاسبوع ، يقول : ” في أحد الايام زاد مرض والدي فتم اسعافه إلى احد المستشفيات الحكومية وأمر الطبيب بإجراء عملية الغسل للكلى بأسرع وقت، لكن المركز رفض بحجة أنه ليس موعده ، وعليه ان يعود اليوم التالي حسب الموعد نتيجة عدم وجود المحاليل الطبية الخاصة بذلك، وعندما اوضحنا انها حالة طارئة تتطلب عمل جلسة الغسيل فورا، قوبل طلبنا بالرفض بحجة أن سفينة المساعدات المصرية الخاصة بالمحاليل الطبية لم تصل حتى حينه نتيجة الحصار ” .

 

وتابع بألم وحسرة : ” جلسنا في المستشفى ننتظر بحرقة لليوم التالي حسب الموعد لكن زادت حالة والدي سوءاً وانتقل إلى رحمة الله تعالى ” معبراً عن حزنه وسخطه لما آلت إليه أوضاع الخدمات الطبية بالمستشفيات .

 

كارثة إنسانية أخرى تواجه القطاع الصحي باليمن تتمثل في خدمات نقل الدم التي يقدمها المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه المهددة بالتوقف نهائيا خلال الأيام القادمة إذا لم يتم دعمه ، يقول مدير عام المركز الدكتور أيمن الشهاري ” نعاني من انعدام المحاليل وقِرب الدم مع تزايد طلبات نقل الدم في ظل وضع الطوارئ الذي يعيشه اليمن ، ونتيجة شحة الامكانيات ووقف النفقات التشغيلية للمركز ستتوقف خدمات نقل الدم نهائيا خلال أيام مما يؤدي إلى وفاة العديد من المرضى والمصابين ” .

 

ولفت إلى أن المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه يقدم خدماته للجرحى والمصابين وكذا حالات الأمراض المزمنة مثل السرطان والفشل الكلوي وأمراض الدم الوراثي مجانا دون أي مقابل.

 

ونتيجة للوضع الصحي المأساوي وتردي الخدمات في المراكز والمستشفيات أقامت عدد من الجمعيات والمنظمات مخيمات طبية في عدد من المحافظات لمعالجة المرضى منها المخيم الطبي الجراحي المجاني الذي نفذته جمعية الرعاية الصحية للمجتمعات المتضررة بمديريات التحيتا وزبيد وبيت الفقيه محافظة الحديدة حيث تم إجراء 548 عملية جراحية مجانا منها 238 عملية عيون و240 عملية استئصال لوزتين و70 عملية جراحة عامة تنوعت ما بين فتاق وبواسير واستئصال المرارة والأورام المختلفة.

 

وتبدو الحاجة للخدمات الصحية والطبية أكثر إلحاحا في ظل تردي أوضاعها وتدمير البنى التحتية للمنشآت الصحية وتوقف الدعم المالي والعيني المتمثل بالموازنات التشغيلية والأدوية ومرتبات الطواقم الطبية، الأمر الذي يستدعي تدخلاً عاجلاً لإنقاذ هذا القطاع المهم الذي يمس حياة الناس مباشرة.

 

 

قد يعجبك ايضا