فقد عبد الله الإبي ثلاثة أجيال من أسرته في غارة جوية سعودية تحت ما يسمى ب “عاصفة الحزم” بعد نحو شهرين من بدايتها عندما جلس عبد الله الإبي يتناول وجبة العشاء مع زوجتيه وأطفاله وأحفاده.
وفي لحظة انقلب عالمه رأسا على عقب.
أسفرت غارة جوية ضربت منزل عبد الله عن مقتل 27 فردا من أفراد أسرته، ونجا عبدالله لكنه لم يعلم بمقتل أفراد أسرته إلا بعد ستة أسابيع في المستشفى.
ويتذكر قائلا : “لولا خوفي من الله لأقدمت على الانتحار في تلك اللحظة. كنت سأقفز
من المبنى، لكن الله ألهمني الصبر”.
كانت الأسرة تعيش في منطقة صعدة،.
ضربت الغارة الجوية منزلهم في منتصف الليل، حسبما قال عبد الله، وظل عمال الإنقاذ يعملون بجرافاتهم حتى الصباح لانتشال الجثث المدفونة تحت الركام. كان من بينهم 17 طفلا، أصغرهم إيناس، حفيدة عبد الله، وكان عمرها شهرا واحدا. وخرج ثلاثة من أبنائه الكبار أحياء من تحت الأنقاض.
ومنذ أن بدأت ” غارات التحالف ” على اليمن في شهر مارس عام 2015 ، دفع المدنيون ثمنا باهظا بعد أن سقط ما يربو على أربعة آلاف مدني، أغلبهم راحوا ضحية غارات جوية بقيادة السعودية، بحسب الأمم المتحدة.
باقون في الذكريات يقضي عبد الله معظم الوقت بمفرده الآن، وهو يعيش في غرفة في مسجد محلي. ويتطلع لزيارة من أبنائه الذين يعيشون في أماكن أخرى في المدينة.
وتمضي الليالي عليه بصعوبة، لاسيما وأنه يعاني من إصابات مستديمة في رأسه وعموده الفقري وفكه، كما يحتاج إلى علاج غير متوفر في صعدة، لكن الألم الجسدي ليس هو وحده ما يجعله مستيقظا.
مازالت ذكرياته تسيطر عليه، ويقول : “أحيانا أنام ساعتين أو ثلاث ساعات ثم استيقظ وأظل مستيقظا حتى الصباح، أتذكر أطفالي ومنزلي”.
وأضاف : “كانت حياتنا متواضعة لكنها هادئة، حياة طيبة، كنا سعداء، فقدنا كل شيء”.
تربى عبد الله في محافظة إب ثم انتقل بعد ذلك إلى صعدة وافتتح صالونين للحلاقة يعمل بهما هو وأولاده. وقال : “كافحت وعملت على مدار سنوات وبنيت منزلي من لا شىء”.
أمل في المستقبل وبعد 18 شهرا من وقوع المأساة، وعلى الرغم من إجراء عدد من المقابلات الخاصة واستقبال ممثلي المنظمات المختلفة، لاتزال أسرة عبد الله لا تتلقى أي دعم مالي.
تعاني الأسرة من الديون بعد أن اضطرت إلى اقتراض الأموال لسداد نفقات العلاج الطبي لابن عبد الله، يونس.
قضى يونس ستة أشهر في المستشفى، يعاني من جروح بليغة كما فقد إحدى عينيه.
وقال عبد الله : “أريد أن أمنح أبنائي الحياة من جديد. أريد أن أراهم وهم مستقرون في منازلهم”.
وتسيطر عليه حالة من الذهول عندما يذكر أسماء أصغر أبنائه، إسماعيل وإبراهيم وإسحق ويعقوب، الذين كانوا دائما إلى جانبه.
وأصبح ميلاد حفيده مؤخرا حالة من الفرح على عبد الله في خضم خسارته.
وقد أطلق ابنه أيمن على طفله اسم إسماعيل، إحياء لذكرى أصغر الأشقاء الذي كان يبلغ من العمر عامين عندما قتل.
ويصف عبد الله رؤية إسماعيل للمرة الأولى :”شعرت كما لو أني امتلكت العالم، شعرت بأن الله قد عوضنا عن خسارتنا”.
ويقول إنه يأمل في ألا يرى إسماعيل ما رأته أسرته، وأضاف : “أتمنى ألا يرى هذا الذل وهذه الحرب….. أتمنى أن يكون مستقبله أفضل”.
نقلاً عن ” بي بي سي”