* شكلت أم الثورات اليمنية وتاج مسيرة الكفاح الوطني المضمخ بالتضحيات
إعداد / رجاء عاطف
ثورتا سبتمبر وأكتوبر لهما بريق لا يأفل مهما توالت عليه الأيام والسنون .. اليوم ونحن نمر بعدوان همجي بربري وأحقاد توالت ستطفئ الثورة السبتمبرية شمعهتا الـ54 والتي ستظل ثورة مجيدة مشرقة في حياة وضمير كل يمني جيلا بعد جيل.. ثورة تجلت لتنتفض على الماضي البغيض الذي جثم على قلوب اليمنيين ردحاً من الزمن .. وضحى اليمنيون بدمائهم الطاهرة من أجل تحرير أرض اليمن الحبيب .. قدم الشعب اليمني التضحيات تلو التضحيات حتى تحقق النصر لأبناء هذا الشعب العظيم ..
اليوم ونحن نعيش احتفالات ذكرى عيد ثورة 26 من سبتمبر المجيدة صحيفة “الثورة” تستجمع الذكريات بسطور لما خطته الثورة المجيدة من إسهامات ونجاحات بطولية لازالت في الذاكرة .. تابعوا التالي :
نعيش هذه الأيام أعراس أعياد الثورة اليمنية المباركة سبتمبر وأكتوبر المجيدين وعيد الوحدة اليمنية.. وهذه الثورات المتعاقبة وكان أساسها واحداً وهو العيد الـ26 من سبتمبر والتي ثارت في شمال الوطن وشارك فيها كل أبناء اليمن من شماله وجنوبه وكانت ثورة على الظلم الذي كان جاثماً على الشعب بالجهل والمرض والفقر.. وأسرة كانت تحكم بسياسة تجهيل البلد وشعبه رغم انه بلد الإيمان والحكمة فثار كل اليمنيين في شمال الوطن وفي الجنوب، اجتمع الكل من مفكرين وسياسيين وثوار وشباب في ذلك الحين على هدف واحد لتفجير الثورة الأم 26سبتمبر وعلى ذلك الأساس استطاعوا الانطلاق من خلالها إلى تحرير جنوب الوطن الذي كان في تلك الفترة يردح تحت الاستعمار ، ومن خلال شمال الوطن أسسوا أرضية صلبة لينطلقوا من خلالها.. هذه الثورة التي فُجرت عشية 26سبتمبر بمشاركة كل أبناء الشعب اليمني والتي قامت برموز من الثوار والشهداء والتضحيات الكبيرة ومن خلال الأهداف التي رسمتها ثورة 26 سبتمبر منها المضي قدماً نحو تحرير الشطر الجنوبي من الاستعمار وتحقيق الوحدة الوطنية والديمقراطية وإعادة الأمن والاستقرار وإعادة بناء جيش قوي يحمي سيادة الوطن.
تحقيق أحد أهدافها
بعد أن نجحت ثورة 26 سبتمبر بمشاركة الجميع رغم ما شابها من عوائق ومشاكل ومن تدخلات خارجية وداخلية ،وما هو إلا عام واحد وانطلقت ثورة 14 اكتوبر بجنوب الوطن والتي كانت امتداداً لثورة 26سبتمبر.. كذلك هو الحال شارك فيها أبناء الشعب اليمني بأكملهم لطرد المستعمر الأجنبي بجنوب الوطن فانتصرت الثورة الاكتوبرية والتي كان لها أيضا رجالها وشهداؤها ومن شاركوا في هذه الثورة فنجحت وانتصرت.. ويعتبر ذلك تحقيق أول هدف من أهداف ثورة 26سبتمبر..
وبعد هذه الثورة المجيدة بدأت العجلة اليمينية تسير بالتنمية الشاملة للشعب اليمني فانطلقت ثورات في الشعب اليمني باعتبارها ثورة التنمية والاقتصاد وثورة في مجال العلم والتحرر من الأمية والجهل بالقدر الذي كان موجوداً وبالقضاء على المرض من خلال المستشفيات.. وبعد أن تحققت هذه المقومات الأساسية لدولة الشمال ودولة الجنوب آنذاك وبعد انتصار الثورتين السبتمبرية والأكتوبرية بدأ الطموح من كل اليمنيين لتحقيق أهداف رئيسية استراتيجية وهو تحقيق الوحدة اليمنية والتي بها تحققت الإرادة السياسية اليمنية وأعادت مجد وشهرة اليمن وموقعها الحقيقي لكل اليمنيين وجسدت بأن أبناء اليمن بلد الإيمان والحكمة بما وصفها رسولنا الكريم عليه وآله الصلاة والسلام.. وفي الوقت الذي كان العالم من حولنا في تقسيم وتشطير، توحدنا وأثبتنا بأننا اليمنيون بلد الإيمان والحكمة.. ومهما شابها من شوائب ومهما حصلت من منغصات وصراعات سياسية إلا أنها لم تمس الثابت الاساسي لواحدية الوحدة..
تحولات في حياة الشعب
ولكن رغم التركة الثقيلة التي ورثها الوطن من مخلفات النظام الإمامي والاحتلال البريطاني الغاشم أبرزها الثالوث (الجهل والفقر والمرض) ورغم التحديات والمخاطر التي واجهتها في مختلف مراحلها إلا أن الثورة اليمنية «26سبتمبر و14 أكتوبر» أعادت الحياة مجدداً على أرض السعيدة وبدأ دوران عجلة التنمية في العقد الاول لثورة 26سبتمبر 1962م بخطى متسارعة لتحقيق التطورات الاقتصادية التي مثلت العمود الفقري للوطن ، لتشهد البلاد تحولات تنموية وخدمية في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والصحية والتعليمية والتي فتحت الثورة مساراتها لاستغلال الموارد الطبيعية التي يختزنها الوطن وتسخيرها لخير الشعب وتقدم الوطن ، وقد شهدت كل هذه المجالات على مدى 54 عاماً من عمر الثورة اليمنية تنامياً عظيماً في الاهتمام سواء في المدن أو الأرياف بجميع المحافظات ، ومع ذلك فإن الاحتفاء والابتهاج بالأعياد الوطنية أكثر وقعاً وتأثيراً وشعوراً حين يقترن الأمر بالمتغيرات العظيمة على أرض الواقع كنتاج طبيعي للارتقاء بأوضاع الإنسان اليمني، فثورة 26سبتمبر 1962م هي بالأساس انتصار للمبادئ والأهداف الوطنية النبيلة.. وجاءت من أجل الارتقاء بالإنسان اليمني بواقعه ومعيشته في مختلف المجالات والتي تجلت بالعديد من المنجزات وبات المواطن يتلمس خدماتها آمناً مطمئنا على مستقبل أبنائه.. فالثورة اليمنية في جوهرها إنسانية شكلت وجود الإنسان اليمني وطبعت فيه حب العلم والمعرفة والحرية والديمقراطية والحقوق والواجبات لتشكل تحولاً حضارياً ولبنة أساسية في تحرر الإنسان اليمني من رق العبودية فكانت خياراً شعبياً لابد منه.
إنجازات
واليوم لا وجه للمقارنة عما كان عليه الوطن قبل 26سبتمبر 1962م في شتى ومختلف الجوانب والمجالات الذي كان المواطن قبل قيام الثورة يفتقر في الحصول على بسط الخدمات الصحية المنعدمة تماماً والتعليمية والكثير غيرها وما يجعلنا اليوم نفتخر وننحني احتراماً ونترحم على أرواح الشهداء الذين صنعوا فجر الثورة ورفعت اسم اليمن في مختلف دول العالم.
فالحديث عن ثورة 26سبتمبر ومنجزاتها العظيمة لا تقارن مع وضع اليمن اليوم بالأمس مطلقاً، فقد أهتمت بالإنسان وبنائه في طليعة مهامها وإعداده إعداداً يواكب العصر من خلال العلم والتأهيل وتوفير الرعاية العلمية والثقافية والاجتماعية.. فالثورة تعني الحرية.. المساواة.. العدالة.. العمل والإنتاج وتعني احترام كل المجتمع بل وهي كرامة الإنسان، فما تحقق للإنسان اليمني لا نستطيع حصره ولكن بالمعنى الواسع هي ثورة إنسانية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
الثورة تسطر أهدافها
الجدير بالذكر أن الثورة السبتمبرية المجيدة منذ اللحظات الأولى وقبل أن تجف دماء الشهداء وضعت الثورة لبناتها الأولى والأساسية لليمن الجديد، وسطّرت أهدافها الستة على تحقيق الوحدة العربية الشاملة واحترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والتمسك بمبدأ الحياد الإيجابي وعدم الانحياز والعمل على إقرار السلام العالمي وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم ، وكما توالت الدساتير اليمنية لتؤكد على أهمية تعزيز علاقات اليمن الخارجية المرتكزة على مبادئ وثوابت الثورة اليمنية الخالدة واحترام سيادة اليمن واستقلالها، وأن المتمعن في الأهداف والمبادئ التي ارتكزت عليها واختطتها ثورة 26سبتمبر المباركة، والتي تم استلهامها واستيحاؤها من البيئة اليمنية العريقة، ليدرك حقيقة الاعتناء ببناء الإنسان ، والذي تطلب جوانب عديدة والاعتناء بالمجال «الثقافي، الاقتصادي، السياسي»، وانصف البناء بالشمول واتخذ منهج التدرج والتوازن، ومراعاة تنوع المجتمع اليمني، والاهتمام بالمرأة والرجل.
نضال
كما أن هذه المناسبة تمثل أهمية كبيرة كونه يعد إحياء للدور البطولي للمدافعين عن الثورة والنظام الجمهوري الخالد، فلم تكن الثورة اليمنية 26 سبتمبر 1962م ثورة تقارن بمثيلاتها من الثورات في العالم العربي والتي تخلصت من الاستعمار الغربي بل كانت خلاصة نضال مئات السنين واستعادة الروح اليمنية التي أنهكت بعد دورات حضارية لم يشهد مثلها التاريخ.. وحظيت بدعم شعبي وتجاوبت معها كل الجماهير اليمنية من أول يوم لقيامها وكانت ثورة شعبية بالمقام الأول, وقادها رجال من قبائل حاشد وبكيل ومذحج وكل الفخائذ التابعة لها وجاء الدعم من مختلف القبائل اليمنية شمالا وجنوبا وكان لأبناء المناطق الوسطى من اليمن الدور الأكبر وفي المقدمة تعز دون منازع, ثم جاء الدعم القومي بقيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وكان لهذا الدعم أثره البالغ في استقرار الثورة وكان الشعار الدائم للثورة قامت لتبقى ، كما قد أوجدت هذه الثورة الوعي الوطني لدى شباب اليمن الذين تشبعوا بروح الفداء والتضحية بالنفس في سبيل الوطن ورفع هامات أبنائها.
وبهذه المناسبة العظيمة نسعى لاستجماع الأقوال عن الذكرى الـ54 لثورة 26سبتمبر، وكما قيل أنها ستظل الثورة السبتمبرية وأهدافها الستة الخالدة التي كتبت بدماء ونضالات أبناء الشعب اليمني وهي المشروع الذي نؤمن به وندافع عنه.
وهي الثورة التي صاغها الشعب اليمني ببطولات ونضالات متعددة الجبهات كونها تمثل حدثاٍ تاريخياٍ بالغ الأهمية ومرحلة حاسمة في تاريخ الوطن المعاصر, فخلالها انتصرت الثورة والجمهورية وتلاحمت في تحقيق ذلك النصر العظيم كل القوى التي ناضلت وضحت في سبيل الحرية والثورة وترسيخ دعائم النظام الجمهوري..
الحفاظ على مكتسباتها
وعبر الكثير بأن الاحتفاء بذكرى ثورة الـ26 من سبتمبر المجيدة يأتي في مرحلة عصيبة وحساسة يمر بها وطننا الحبيب تتطلب من الجميع بلا استثناء التكاتف والتعاضد ورص الصفوف وطي صفحة الماضي بكل مآسيه للحفاظ على المكتسبات الوطنية ومكتسبات ثورتي سبتمبر واكتوبر لتحقيق أسس الدولة المدنية الحديثة وقواعد المستقبل المشرق الذي تسوده الشراكة والعدالة والمساواة.. لأن يوم 26 سبتمبر 62م جاء حاملاٍ مشروع اليمن الجمهوري كبديل أبدي عن اليمن الملكي الذي استمر لقرون لم يحقق لشعب اليمن آماله وطموحاته.
وآخر القول إن الاحتفال بالذكرى الـ54 لثورة سبتمبر هذا العام والوطن يواجه العديد من التحديات والمؤامرات الداخلية والخارجية فالعدوان السعودي الهمجي وغير المبرر على الشعب اليمني أرضا وإنسانا ما هو إلا بهدف تركيع الشعب وسلب حريته واستقلاله وتاريخه المجيد وإنجازات الثورة السبتمبرية الخالد.. وبات من الضروري على أبناء الشعب الوقوف صفاٍ واحداٍ في مواجهة وطأة جحيم الحصار ونيران العدوان التي خلفت الآلاف من الشهداء والجرحى ودمرت خلالها كامل البنية التحتية لليمن وكذا في مواجهة المحاولات المسعورة لتحالف العدوان لمحو تاريخ اليمن ودك معالم حضارته الضاربة في جذور التاريخ..
Next Post
قد يعجبك ايضا