تحليل/ حمدي دوبلة
يحاول النظام السعودي جاهدا من خلال أبواقه الإعلامية تجنب ربط الواقع المتردي للاقتصاد السعودي بالنفقات المهولة التي أنفقها في عاصفة عدوانه على اليمن وإظهار الأمر على انه فقط نتيجة للانخفاض في أسعار النفط على مستوى العالم.
هذا التعاطي السطحي وغير الدقيق لن يستطيع إخفاء الحقيقة المرة عن علاقة العدوان وفاتورته الباهظة بما آلت اليه أوضاع الاقتصاد في دولة غنية تعد من كبريات دول العالم ثراء ودخلاً.
ترى لماذا تأثرت السعودية بهذا الشكل المخيف دون غيرها من الدول النفطية في العالم ولماذا لم نسمع أن واحدة من تلك الدول أعلنت سياسات تقشفية وزيادات سعرية وتخفيضات في الأجور والمرتبات كما فعلت ولاتزال مملكة النفط والثراء الفاحش؟
الحقيقة الساطعة التي يحاول النظام السعودي تجاهلها انه سخر كل ثرواته ومدخراته في سبيل محاربة الشعب اليمني ومارس كل الوسائل الممكنة لقتله وتدمير اقتصاده الوطني ومقومات حياته الإنسانية وأنفق بسخاء وجنون لشراء الأسلحة والذمم والولاءات والمواقف والقرارات حول العالم من اجل إشباع رغباته ونزواته الشريرة في إذلال الشعب اليمني وتركيعه ..لكن النتيجة بعد 19شهرا من العدوان بدأت تظهر أمام العالم اليوم فبعد أن كان العالم يترقب انهيار اليمن الذي تكالبت عليه قوى الأرض وحاربه العرب والعجم عسكريا واقتصاديا وسياسيا وامنيا وعلى كل المستويات هاهي رأس العدوان تترنح وتعلن لشعبها المترف بأن عهد البذخ والرفاهية قد بدا أوان أفوله.
وكان كما كان يتوقعه الكثير من المراقبين لجنون الإنفاق السعودي طيلة الـ19شهرا الماضية, فقد أعلنت السعودية أمس الأول عن خطة تقشف واسعة تشمل تقليل مرتبات الوزراء وموظفين حكوميين والميزات المخصصة لهم.
وبحسب مرسوم ملكي، فقد تقرر خفض مرتبات الوزراء بنسبة 20 في المئة ووضع حد أقصى على العطلات والخدمات الأخرى للموظفين.
وبلغ عجز الموازنة الذي بلغ 100 مليار دولار العام الماضي أظهر الحاجة إلى إجراء تغيير.
ويشرف الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد، على تحول في السياسة السعودية لا تقتصر على الداخل بل تمتد إلى الساحة الدولية.
وقد لجأ بعض السعوديين بالفعل إلى مواقع التواصل الاجتماعي كي يعبروا عن حسرتهم على أيام الملك عبد الله.
كما نصت القرارات على تخفيض مكافآت أعضاء مجلس الشورى (160 شخصا) والإعانات المخصصة لهم لأغراض السكن.
وتحظى الإجراءات بأهمية، إذ أن الحكومة توظف قرابة ثلث القوة العاملة في السعودية.
وتتوازى خطة التقشف مع تراجع عوائد النفط منذ عام 2014، حيث انخفض سعره بمقدار أكثر من النصف.
وعانت السعودية، وهي أكبر منتج للنفط في العالم، من عجز غير مسبوق في ميزانية العام الماضي. ويمثل النفط المصدر الرئيس لإيرادات المملكة الخليجية.
ويبقى القول بأن الغريب حقا أن يظل الاقتصاد اليمني الذي تعرض لحرب شاملة وحصار غير مسبوق وممارسات تخريبية كسحب وإحراق العملة المحلية وتجفيف الموارد وغيرها من تلك الممارسات أن يظل صامدا ولم يتطرق إلى إجراءات تخفيض رواتب الموظفين بعكس السعودية التي أودى بها جنون قادتها في اليمن وسوريا والعراق وليبيا إلى إعلان الإفلاس وبداية عهود التقشف والمعاناة.