السلام عليكم .. من صعدة (2-4)
أحمد يحيى الديلمي
* صعدة صباح العيد
رغم الجراح، المدينة تعيش أبها أيام العيد بعكس ما يروجه الإعلام المعادي وما تبثه القنوات المأجورة من أخبار ملفقة عن المدينة كان العيد في صعدة الأكثر حركة وحيوية من بقية المدن اليمنية ، الشوارع غاصة بالناس .
مع أن طائرات الأعداء لا تبرح سماء المدينة أو تعود إليها بين الفينة والأخرى إلا أن الجميع لا يعبأ بها بل أن البعض يستوحش ويقلق إذا غابت عن التحليق أكثر من ساعة .
كانت آخر زيارة لي للمدينة أثناء المشاركة في تشييع جثمان الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه وعندما أتصل بي الأخ العزيز المحامي أحمد قاسم الديلمي وعرض علي فكرة المشاركة في مبادرة ( النصر المبين ) المنظمة من قبل عدد من منظمات المجتمع المدني المتصلة بالمحاماه والحقوق وجدتها فرصة للإطلاع على أحوال المدينة الصامدة ومشاركة المجاهدين الأبطال الفرحة بعيد الأضحى المبارك والانتصارات الكبيرة في جبهات القتال الأمامية ما لبثت الفكرة تعززت بالمبادرة الذاتية من قبل العزيز العميد يحيى المهدي مدير عام دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة الذي أختار أن يقضي العيد مع كوكبة المجاهدين رجال الرجال أصحاب القوة والبأس والشجاعة من أبطال الجيش واللجان الشعبية .. كانت المفاجأة أننا لم نلحظ أي شيء مما تروجه قنوات الدفع المسبق، صحيح إن الدمار طال كافة المباني الحكومية والمنازل والمساجد والجسور والطرق والمدارس والمزارع وحظائر الأغنام إلا أن كل ذلك لم يفت في عضد البشر ولم يؤثر على ما يدخرونه من إصرار وتحد وصمود.
ونحن نشاهد أبناء صعدة صباح يوم العيد والوافدين إليها من المديريات الأخرى أحسسنا بالفخر والعزة والكرامة ، الانشغال بزيارة الأرحام ونحر أضاحي العيد لم يثنهم عن القيام بالواجب الأهم الممثل بمواساة الجرحى في المستشفيات وزيارة مقابر الشهداء ومعاودة أسرهم فكان المشهد بديعاً بكل المقاييس عكس طبيعة التكافل الاجتماعي وأكد الوحدة العضوية بين المقاتلين في الجبهات وبين القاعدة الخلفية ، هذا المشهد لمسناه أكثر أثناء الزيارات الميدانية للمعسكرات التابعة للجيش والأمن ، من خلال الحوارات الخاطفة مع بعض الجنود والضباط وجدنا أنهم يتلهفون شوقاً للحظة الانطلاق إلى جبهات الشرف والعزة والكرامة كونهم الرديف العملي والقوة الاحتياطية لجبهات القتال .
* محمد جابر عوض – محافظ صعدة
خاطب الجرحى من أبطال الجيش واللجان الشعبية أو المدنيين من ضحايا الغارات الجوية الغادرة قائلاً :
– أنقل إليكم تحيات قائد المسيرة القرآنية وأؤكد لكم أن قلوبنا معكم لأنكم ضحيتم بأغلى ما يمتلكه الإنسان وهو الدم في سبيل كرامة وعزة الوطن وإن شاء الله النصر قريب بفضل الله واستبسال وشجاعة إخوانكم المرابطين في جبهات القتال من أبطال الجيش واللجان الشعبية .
* عميد ركن أمين الحميري – قائد المحور قائد الشرطة العسكرية بصعدة
العميد الركن أمين الحميري دمر الأعداء مكتبه ومنزله مع ذلك يعاود طيران الأعداء قصف المهدم بين اليوم و الآخر رداً على من سأله متى ستغادر صعدة قائلاً :
– لن أغادر هذه الأرض الطاهرة إلا جثة هامدة وليعلم العدو أننا له بالمرصاد مهما تمادى في القصف والهدم والدمار لن يثنينا عن التضحية وصناعة النصر إن شاء الله .
* دكتور عبد العزيز الديلمي – مدير المستشفى الجمهورية بصعدة
رغم شحة الإمكانيات والنقص في الأطباء والأجهزة وكادر التمريض إلا أننا نواصل العمل ليلاً نهاراً من أجل إنقاذ الجرحى رجال الرجال بحيث تجاوز أعداد المتواجدين في المستشفى أضعاف أضعاف طاقته الاستيعابية إلا أننا لا نألوا جهداً في سبيل إنقاذ الجرحى واستقبال أي أعداد يوفدون من جبهات القتال ومن الله سبحانه وتعالى نستمد العون ونسأله التوفيق .
* فاضل أبو فيصل – جندي:
لن يهدأ لي بالاً حتى أكون في تخوم نجران وجيزان وعسير أشارك رفاقي في السلاح من أبطال الجيش واللجان الشعبية الاستبسال في الدفاع عن الأرض والعرض وأنال شرف المشاركة في تحرير أرضنا المحتلة من دنس آل سعود أو الفوز بالشهادة .
* علي أبو فارع – جندي:
عدونا جبان يصر على استباحة دماء الأطفال والنساء وهدم المنازل فوق الآمنين ، لماذا لا يواجهنا في جبهات البطولة والشرف ؟ لا يدري أننا لن نستسلم ولن نخضع وسندافع عن سيادة الوطن حتى آخر قطرة من دمائنا وما ضربته الأيادي الحقيرة بجبنها .. ستبنيه الأجيال بسواعد عزتها .
* أبو وليد – أستاذ جامعي :
أنا لن أتحدث عن العدو السعودي ودوافعه في شن هذا العدوان السافر لأن حقده على اليمن واليمنيين دفين متراكم حقد تاريخي أسهم الفار هادي وثلة المرتزقة والعملاء في إخراجه من مكنون الصدور الفاجرة وأعدوا أولئك مبرراً لهذا العدو الصلف ليشن عدواناً بربرياً همجياً سافراً يتعمد إهلاك الحرث والنسل وتدمير كل مقومات الحياة . كأهم المآرب الخبيثة التي يسعى إليها .
مع ذلك يصدق حفنة المرتزقة أن ما يجري من أجلهم ويحدثون أنفسهم بالعودة .. عن أي عودة تتحدثون يا هؤلاء بعد أن أحدثتم جروحاً غائرة في قلوب كل اليمنيين ، كل يوم جرح جديد في جسد الوطن المثخن بالجراح أصلاً ، القلوب تقطر دماً من الصعب أن تندمل ومن الصعب أن يغفر لكم الشعب هذا السقوط المهين بعد أن تخليتم عن القيم وبعتم المبادئ ومواصفات الانتماء للوطن بأبخس الأثمان . من تلطخت أيديهم بأموال العمالة والارتزاق لا مكان لهم في يمن العزة والكرامة .
* عبد الله أبو حسين – مدرس:
أفقنا ذات صباح على قذائف وصواريخ شيطانية هبطت من السماء على حين غفلة تمزقت أضلاع البشر وتوزعت أشلاءهم إلا أن القلوب ظلت قوية تنبض بالحرية والكرامة والتحدي وستظل كذلك إلى أن يتحقق النصر إن شاء الله .
* أبو عبد الله – طالب علم:
هذه الحرب الظالمة جعلتنا نكتشف أن محنة إصابة العقل الإسلامي ببشاعة وقبح الوجوه المتخمة بالحقد والإفراط غير المسبوق في استخدام القوة التدميرية.. مبعثة الأفكار السوداء التي أدخلت العقيدة والمسلمين في بوتقة ضيقة خالفت لغة وخلطت لغة العقل والمنطلق وأغلقت أفق التفكير السليم ، حتى ضاقت الحروف بأسفار التأويل والتعسف في استنباط الأحكام ، في ظل الفكر الوهابي تاهت العقول وتجمدت الضمائر وأتسع نطاق التكفير والتفسيق . لذلك لا نستغرب أن نجد من يدعي الانتماء للإسلام يمارس القتل لذات القتل ويرى في المسلسل الدموي الأعمى طريقاً وحيداً لتحقيق الغايات والمآرب المتراكمة في الصدور . ما يبعث الغثيان موقف إخواننا اليمنيين الذين يتباهون بالخيانة ويعتبرونها بطولات خارقة وآخرين يجبرون أنفسهم على الصمت وآخرين عجزوا عن فهم العمالة ولم يدركوا معنى الاتهام بالخيانة . أليست مشاهد وتفاصيل سقيمة تبعث الحزن والشفقة على أمثال هؤلاء . مللنا هذه الأفكار المسكونة بـ الحقد والكراهية . المسلمون اليوم بحاجة ماسة إلى فكر نقي يصحح المسار ويسد الخواء الذهني .