بيعة الدم والهدم

عباس الديلمي
أبسط يدك أبابُعك … الدم بالدم والهدم بالهدم … هذه البيعه لم تكن بين هولاكو وجنكيز خان، ولابين هتلر وموسليني .. ولا بين اثنين من المتعطشين للدماء المتلذذين بالهدم ولم تحدث قبل نزول الاديان السماوية أو قبل اجتهادات الأديان الوضعية والتعاليم الأخلاقية التي حرمت وجرمت سفك الدماء وهدم الديار ولكنها تمت وقد لا تصدقون بعد نزول القرآن والرسالة الإسلامية المحمدية بإثني عشر قرن “هجرياً” وفي مكان ليس بالبعيد عن مهبط الوحي والكعبة المشرفة وقبر الرسول صلى الله عليه وآله الكرام.
أما بين من كانت هذه البيعه؟ فبين الشيخ محمد بن عبدالوهاب مؤسس السلفية الوهابية الحنبلية وبين حاكم الدرعية محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى.
إنها أول بيعه من نوعها في الإسلام بل في التاريخ فما عرفناه عبر التاريخ الإسلامي أن البيعة تكون بما نصه نبايعك على السمع والطاعة ما أقمت فينا العدل إلخ أو نبايعك في السراء والضراء في السلم والحرب ما تمسكت بكتاب الله وسنة رسوله وأقمت العدل وعصمت الدماء والحقوق أو نبايعك
على ما أمر به الإسلام وإقامة العدل ورفع الظلم وصيانة الدماء والأعراض والحقوق.. الخ
وغير ذلك من صيغ البيعة والمعاهدة في الإسلام .. أما أن تكون البيعة كما سلف وعلى “الدم بالدم والهدم بالهدم” فما سمعنا بهذا حتى في أساطير العتاة السفاحين وفي أفلام الرعب أو الأكشن .
قد لا يصدق البعض هذه الرواية خاصة أولئك الذين جذبتهم السلفية الوهابية أو المذهب الوهابي وقد يقول البعض أني قد تحاملت وقولت بن عبدالوهاب ما لم يقله أو أنى قد اعتمد على مرجع لأحد معارضي مملكة بني سعود والمذهب الوهابي .. ولكني أنفي عن نفسي كل ذلك إذ ليس من أخلاقي ولا ما تعلمته من أمانة المهنية وشرفها .. فقد اعتمدت على كتاب من إصدارات الندوه العالمية للشباب الإسلامي الرياض وحدة الدراسات والبحوث المُعد من قبل عدد من الباحثين الذين تم اختيارهم بعناية من قبل السلطات السعودية لإعداد ما اسموها بـ”الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة” لمواكبة انعقاد الندوة العالمية للشباب الإسلامي في الرياض لعام 1392 هـ 1972م .
وستجدون نص البيعة في الصفحة 274 “الطبعة الثانية” 1999م الرياض وستجدون أيضا في تلكم الصفحة وما قبلها حكاية انتقال محمد بن عبدالوهاب إلى الدرعية وقيام التحالف المتين بينه وبين محمد بن سعود أو ما بين السلطة الدينية والسلطة الحاكمة والسياسية… وعلى أي أساس تم هذا التحالف الذي مازال يحكم شمال الجزيرة العربية حتى اليوم تحت مُسمى مملكة تُنسب لبني سعود .. المملكة العربية السعودية.
اعتقد أنه بعد الوقوف أمام تلك البيعة “بيعة الدم والهدم” صار من الواضح للجميع ما خفى عليهم من جذور سفك الدماء والهدم المدمر الممنهج على أيدي هذه المملكة .. ليس في اليمن وسورية والعراق ولبنان وليبيا وغيرها من دول الوطن العربي فحسب بل وفي دول إسلامية وذات طوائف إسلامية في باكستان وأفغانستان ونيجيريا والهند وغيرها.. إنها بيعه الدم بالدم والهدم بالهدم.

قد يعجبك ايضا