أدباء ومثقفون :
لقي التوقيع على اتفاق تأسيس المجلس السياسي الأعلى، الصدى الكبير نظراً لما يمثله من أهمية في هذه الظروف التي تمر بها بلادنا، ولكونه سيكون خطوة عظيمة لتعزيز تلاحم الجبهة الداخلية ضد قوى العدوان والحفاظ على وحدة الوطن وأمنه واستقراره، كما يعد تأسيس المجلس من المكاسب الوطنية الهامة.
في السطور التالية بقية آراء وانطباعات مجموعة من المثقفين والأدباء حول تأسيس هذا المجلس والتي كنا نشرنا مجموعة منها خلال الأيام الماضية:
هل جاء التوافق السياسي متأخرًا؟
يقول الأديب والناقد الدكتور أحمد هادي باحارثة: أحسنت القوى الوطنية في صنعاء، إذ اجتمعت كلمتها وأجمعوا أمرهم على توحيد جهودهم في كيان سياسي موحد، وهو الذي حمل اسم (المجلس السياسي الأعلى)، ووقع عليه أهم مكونين سياسيين والمتمثلين في حزب المؤتمر الشعبي العام وجماعة أنصار الله، وهذا التوافق السياسي وإن تأخر زمنًا إلا أنه لم يتأخر من ناحية النضج الظرفي المهيئ لإعلانه، وهو النضج التي يبدو لنا ماثلا في ثلاثة محاور كان لابد من وجودها لتنتهي بذلك الحدث السياسي العظيم.
أما أولها، فهو ضرورة التخفيف من حدة الخطاب الثوري الزاعق إعلامياً وسلوكاً والذي ساد اليمن منذ نحو خمس سنوات عجاف، وذلك كي يحل محله الخطاب العقلاني والمسار القانوني، الذي يغلب مبدأ التعاطي الشرعي والدستوري مع الأحداث الجارية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي .
وثانيها، في بروز اليقين باستحالة انفراد طرف سياسي بحكم البلاد، دونما شراكة حقيقية من سائر القوى السياسية، بحيث يتحمل الجميع عبء قيادة الوطن المجروح إلى بر الأمان، ومن ثم التوجه نحو المحيط الخارجي بصوت واحد يستمد شرعيته من التوافق الوطني والمنطلق القانوني.
وثالثها، في ثقة الشعب وقواه بمدى صمودهم في الهجمة الغادرة التي اقتحمت السيادة الوطنية، وبددت السلام على أراضيه، وتكشفت لمن في قلبه شك في سوء مرامي المعتدي وحلفه، وأنه لا يستهدف بشعاراته البراقة سوى استقلال اليمنيين وقرارهم السيادي، وتعمد إيقاف تقدمهم وتطورهم، ووأد طموحاتهم في العيش الكريم في وطن مستقر وآمن وعزيز.
ويضيف: المأمول الآن أن تعزز القوى الوطنية ذلك النهج الذي سلكته، وهذا الخيار الذي توافقت عليه، بوصفه خطوة أساسية نحو اعتراف خارجي ومن ثم سقوط حجج المعتدي الغادر وعودة السلام والوئام ليمن الإيمان والحكمة.
لحظة تاريخية
ويقول مدير مكتبة البردوني بذمار الأديب عبده الحودي: اللحظة التاريخية التي تأسس فيها المجلس السياسي الأعلى، جاءت في ظل استمرار العدوان، وتجاوز الأزمة السياسية اليمنية للحدود الجغرافية، وبعد أن طالت الحوارات واستطالت المشاورات السياسية، وأصبحت مطروحة على طاولة “الأمم المتحدة”، التي أصبحت قراراتها وطرائقها في حل الأزمات السياسية العربية، منتجة لثقافة مفرخة للإرهاب والتطرف، ومرتبطة بظواهر تعطي أولوية لظهور تيارات إرهابية تستنزف طاقات وإمكانات المجتمع، وتحدث حالة من التمزق وخلخلة القيم الاجتماعية، وتكرس فكرة استمرار (الحرب العالمية على الإرهاب) وتقديم خدمة للقوى العالمية المستفيدة من هذه الظاهرة، واعتقد أن تأسيس المجلس قد فوت الفرصة وجنب البلاد من كارثة كادت أن تتحقق.
وانطلاقاً من قراءة لواقع اللحظة الراهنة، يؤكد الأديب الحودي أن ثمة أجواء مناسبة بإمكانها أن تعطي المجلس السياسي أولوية لخطاب وفعل سياسي قادر على خلق ثقافة سياسية وسطية متسامحة ومتعايشة مع الاختلاف، ومدركة لما يمكن أن تحدث من تحول جذري بين ما قبله وما بعده.
ويضيف: إدارة المجلس للشأن السياسي، تستدعي من أعضائه بلورة خطة استراتيجية وصياغة آلية للتنفيذ، نحو الخروج التدريجي من (زمن سلطة الأزمة السياسية المفتوحة)، إلى (زمن السلطة السياسية التي تقوم على أساليب التفاوض وفقا لمنظور البحث عن المصلحة العليا للوطن، المستوعبة للواقع ولديها رؤية مستقبلية ورؤى وتصورات للخروج من الأزمة تستمد شرعيتها من رضا وقبول كافة أبناء الشعب بمختلف تواجهاتهم)
أي قراءة سطحية وجزئية للواقع، وبدون رؤية مستقبلية، سيظل المجلس عرضة للنقد، ولن يتمكن من لعب دوره السياسي الحقيقي، والبقاء في حالة(مكانك سر).
متمنياً التوفيق والنجاح والتفاعل والانفعال قياسيا لما سيأتي بعد كل: -ماذا حدث؟ -لماذا حدث؟!!!
خطوة لا بد منها
فيما يضيف الأخ محمد عبدالرحيم –دراسات عليا- جامعة صنعاء: إن تشكيل المجلس السياسي هي خطوة كان لابد منها للخروج باليمن إلى بر الأمان ووقوفاً أمام العدوان الذي بلغ التمادي، حتى أصبح التغاضي عن جرائمه من قبل منظمة الأمم المتحدة والكثير من دول العالم، متمنياً لهذا المجلس القيام بواجباته الوطنية في ظل هذا الوضع الاستثنائي التي تمر به بلادنا وتغليب مصلحة الوطن العليا، والنظر إلى معاناة هذا الشعب الذي لا يزال يتطلع إلى الأمن والاستقرار وإعادة الحياة الطبيعية إلى ما كانت عليه قبل العدوان.
إعادة تطبيع الحياة
وتؤكد الأخت نجاة يحيى – ماجستير- جامعة صنعاء أن إعلان المجلس السياسي لم يأت إلا بعد جولات من المفاوضات وأشهر من العدوان، وهي خطوة ضرورية في استقلالية القرار السياسي وترك التبعية، والعمل على إعادة تطبيع الحياة ومواجهة العدوان وتقوية الجبهة الداخلية ومنعاً لانهيار مؤسسات الدولة، وهو أيضاً خطوة هامة لإيجاد شراكة حقيقية بين المكونات السياسية المختلفة، مضيفة أن هذا المجلس سيكون مفوضاً من قبل الشعب الذي خرج السبت الماضي في مليونية تأييداً له من أجل التخاطب مع الخارج من خلال مؤسسات الدولة الحقيقية، مهنئة للشعب اليمني هذا الإنجاز الذي يضاف إلى منجزاته العملاقة، ومطالبة المنظمات الدولية والعربية والإقليمية الانصياع لقرارات اليمنيين.