عبد الوهاب شمهان
ستظل السياحة محل اهتمام وعنايةِ العالم والمنظمات الدولية ما بقي السلام، وما بقي الإنسان الحر والمناضل، وما ازدهرت الحياة، ولكن لنا نحن اليمانيين حكاية وقصة مع المنظمة العالمية للسياحة فبلدنا عضو من أعضاء المنظمة التي ارتقت علاقتها بها من العام 2006م بشكل ملفت للأنظار، وفي هذه المقال المختصر نتعرف على جانب من جوانب المنظمة الذي أظهر أحد الرؤى ذات الأهمية والتي تعنينا في هذه الظروف، وهو ما تناولته ديباجة المدونة العالمية لآداب السياحة، حيث ورد فيها الآتي (نحن أعضاء منظمة السياحة العالمية ممثلي صناعة السياحة في العالم مندوبي الدول والأقاليم والمشاريع والمؤسسات والهيئات التي اجتمعت في الجمعية العامة للمنظمة في سانتياغو تشيلي في هذا اليوم الأول من أكتوبر 1999م، إذ نؤكد من جديد الأهداف التي نصت عليها المادة 3 من النظام الأساسي لمنظمة السياحة العالمي، وإذ ندرك ما لهذه المنظمة من دور مركزي وحاسم أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في تنشيط السياحة وتنميتها من أجل المساهمة في التنمية الاقتصادية والتفاهم الدولي والسلام والرفاهية والاحترام العالمي لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وتوفيرها للجميع دون تمييز من حيث العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.
وإذ نؤمن إيماناً راسخاً بأن السياحة من خلال ما تحدثه من اتصالات مباشرة وعفوية غير متناثرة بوسائط الإعلام بين رجال ونساء ينتمون لثقافات مختلفة ويتبعون أساليب حياة متباينة تمثل قوة حيوية لإحلال السلام وعاملا لتعزيز الصداقة والتفاهم بين شعوب العالم.
نكتفي هنا بهذه النبذة المختصرة من الديباجة لنبدأ بحكاية فصل من فصول قصة السياحة اليمنية مع المنظمة العالمية للسياحة لا شك بأن وزارة السياحة اليمانية كانت تفخر وتعتز بعلاقتها بالمنظمة ونمو تلك العلاقة وتطورها وفي ظلها كانت الغفلة وعدم إدراك بأن المنظمات أيضاً تتأثر بما يحيط بها من أحداث ومواقف تؤثر على قرارها و تفقدها قيمتها الإنسانية وعلاقتها المتوازنة، فموقف المنظمة من اليمن ومن السياحة اليمنية لم يستمر على ذلك المنوال الرائع والإنساني في مساعدة اليمن فقد تغير مع بدأ العدوان ووصل إلى نقطة الصفر فلم تعير المنظمة أي عناية لما أصاب قطاع السياحة اليمنية من نكبة وكارثة إنسانية في الداخل الذي تعرض لعمليات عسكرية بالغة القسوة والشدة ولم تشارك المنظمات الأخرى الدولية في نقل الصورة الحقيقية للوضع السياحي بعد العدوان كمجال إنساني وحالة سياحية يمكن أن تتكرر في أي منطقة في هذا العالم وما اليمن إلا بداية المشوار الجديد للسياسة الدولية والمسار الأول لما يسمى التحالف العربي المدعوم أمريكياً لا لشيء إلا سعياً وراء الثروة ومحاولة لتحقيق أهداف سياسيه صعب تحقيقها سابقا فكانت الفرصة التي هيئتها الأجواء والخلافات العربية لجعل تلك الأهداف في متناول اليد وأولها حماية إسرائيل وتدمير البنية التحتية وإعاقة النمو والوعي العربي.
إن الدعوة لإحلال السلام وتأكيد الصداقة بين الدول الأعضاء من أهم الغايات للمنظمة العالمية للسياحة واللحن الجميل الذي يسمع وتغنت به الشعوب وعملت من أجله ولم تكن تعلم أن المخطط التآمري يحاط بهذا العالم ابتداء باليمن ووحدته وشعبه وبأدوات تنفيذ عربية مستعينة بالشركات الأمنية للولايات المتحدة وما تمتلكه من قدرات لوجستية وإمكانات عسكرية هائلة ليكون الظلم العالمي والعدوان الطاغية دون مبرر أو سبب لدول التحالف؛ لأن الحاكم الفعلي أصبح أيد سفرائهم، فهم الحكام والمسيرون للنظام والميسرين لكل فوضى كنتيجة لحسن النوايا اليمنية والثقة التي نقدمها للغير دون حساب أو تردد، وهكذا هو حال وزارة السياحة في تعاملها الدولي ضمن خطط وبرامج إدارة الأزمات السياحية حيث تعاملت بجدية لتحقيق أمن السياح وقد شاركت في عدد من ورش العمل منها ورشة نظمتها المنظمة وبمشاركتها وذلك في العاصمة صنعاء وفيها أكدت أن اليمن في طور التكوين الأولى للتنمية السياحية، وأنه لا زال بحاجة ماسة للمساعدة والدعم الفني بالدرجة الأولى والذي لا يمكن الاستغناء عنه وأن على المنظمة تقع المسؤولية في مساعدة السياحة اليمنية على تجاوز الصعاب والمعوقات سعياً لتأكيد دورها الفعلي في تنشيط السياحة الدولية وتنميتها بل وحمايتها من الأضرار البالغة والمتعمدة أثناء الأزمات ولم يكن في حسابات اليمن أن يأتيها غزو عربي غربي في تحالف نزع عنه كل جانب أخلاقي وإنساني والذي بدأ بربيع عربي أحرقت فيه كل الأزهار، ثم تلاه إشراف دولي خليجي كما سبق الإشارة إليه، تبعه إلحاق اليمن بالبند السابع ثم إعلان العدوان بمباركة أممية من مجلس الأمن وتناسوا السلام وأمن الشعوب.
وبدأ البحث عن أمن حكومة وأفراد وتخلى المجتمع الدولي عن دوره في حماية الأمن والسلام الدوليين وعن الشعب اليماني وأمنه وسلامة أراضيه وجعل نصب عينيه مليارات النفط وكيفية الحصول عليها هذا هو العالم الذي سارت في فلكه المنظمة العالمية السياحية وتخلت عن أهدافها ومبادئها وغايتها العظيمة وأوقفت التعامل مع وزارة السياحة اليمنية الكيان القائم في الداخل وعلى مساحة أكثر من خمسمائة وخمسة وخمسين ألف كيلو متر مربع وشعب يزيد عدده اليوم عن 27 مليون إنسان وتستمر في التعامل مع فرد أو أفراد لم يعد له أولهم أي صلة فعلية باليمن وشعبها وبهذا نزعت عن نفسها مسؤولية الاتصال والتواصل ومتابعة ما يحدث وما أصاب ويصيب قطاع السياحة اليمنية من أضرار بالغة وصلت حد التدمير الممنهج لكل المنشآت السياحية وهي منشآت مدنية صرفة.
وللأسف لم تكلف المنظمة ذاتها أقل ما يمكن تجاه بلد عضو فيها كاستقبال الاستغاثة والنداء المرسل إليها والتعامل معه بروح الإنسانية وبما يؤكد تعزيز الصداقة والتفاهم . لقد تحول دور المنظمة العالمية للسياحة إلى دور ينفذ السياسة العدوانية ويطبق سياسة المحافظة على المصلحة ولم تسع لوقف تدمير قطاع السياحة في اليمن بما لها من صلات دولية وعلاقات حميمة.
مع ذلك لا زالت الوزارة تؤمن بأن العلاقات السياحية بين الدول لن تكون إلا من خلال مبادرات المنظمة وفق أهدافها ومبادئها ونشاطها المستمر، لذلك تلتمس لها العذر ولكيانها الإداري والتنظيمي لاتخاذهم تلك المواقف المشينة بدافع الحفاظ على مصالحها مع الدول الراعية للعدوان وبما يتوافق والدور الأممي الذي وضع شعباً بأكمله تحت القصف والحصار ليفقد العالم حياديته وإنسانيته ومبادئه، ويلبس قناع الحرب، ويتنكر لأهدافه، ويبحث عن مبررات زائفة يروجها في شعوبه، وتأمل بناء علاقة جديدة يسودها التفاهم وتعلوها مصالح البلدان والشعوب وما خلالها يتم التعاون في معالجة قضايا قطاع السياحة اليماني الذي يعاني من تدمير المنشآت، ووقف النشاط، وتسريح العمالة وتعرضها للإبادة والتشريد والنزوح والهجرة بشهادة المنظمات الدولية المعنية وغياب المنظمة العالمية للسياحة التي تأبى النظر إلى الواقع بمسؤولية إنسانية.
ولا شك أن هناك مسؤولية ملقى على عاتق وزارة السياحة التي تعرضت لصنوف كثيرة من المعوقات أفقدتها القدرة على إرسال الرسالة بشأن عرض الواقع السياحي للعالم، وما أصاب المستثمر المحلي من شلل افقده كل ممتلكاته بسبب العدوان لتعيش السياحة اليمانية معاناة العدوان في ظل التجاهل الدولي.