تحقيق/ عبدالباسط النوعة –
منذ 14 عاما وقانون الحفاظ على المدن التاريخية يتنقل من مكتب إلى آخر ومن لجنة لأخرى بحثا عن الإقرار كي يكون الضامن الأوحد للحفاظ على مدن اليمن التاريخية وخلال الأشهر الماضية أدرج في جدول مجلس النواب بعد أن تمت إحالته من مجلس الوزراء إلى مجلس النواب قبل قرابة أربع سنوات ومنذ ذلك الحين وهو معتكف المجلس الموقر ولم يخرج منه حتى الآن مع أن الأسابيع الماضية قد شهدت حراكا لا بأس به حيث ناقش المجلس معظم مواده ولكن وجدت عراقيل سواء تحول دون إقرار ولا يزال يضع الكثير من علامات الاستفهام في حين أحد المسئولين صرح لـ”الثورة” أن القانون تم سحبه من مجلس النواب فما حقيقة هذا الخبر وهل يحق سواء للحكومة أو مجلس النواب أو أي جهة أخرى سحبه وقد تمت المصادقة على معظم بنوده هذا ما سنعرفه في الأسطر التالية:
لأول مرة يسحب قانون
في البداية يؤكد الأخ عبدالقادر هلال أمين العاصمة أنه تم سحب القانون من مجلس النواب حيث قال لأول مرة في مجلس النواب يتم سحب قانون والتصويت على مواده من قبل أعضاء المجلس قد بدأ بل وتم التصويت على مواد كثيرة من هذا القانون وسحب القانون من مجلس النواب يعتبر مخالفاٍ تماما للوائح والأنظمة المعول عليها في المجلس..
مشيرا إلى أن الحملة التي كان من المفترض أن تنطلق للحفاظ على صنعاء القديمة كانت معتمدة بشكل كبير على الإطار القانوني الذي كان سيوفره صدور القانون فقد احتوت مواد القانون على مواد من شأنها سد الثغرات التي ينفذ منها المخالفون من المدن التاريخية بشكل عام وصنعاء القديمة على وجه الخصوص وأضاف لكن سحب القانون لن يثنينا عن المضي في تنفيذ هذه الحملة الحفاظية وبالتالي تأخرنا عن تدشين الحملة من أجل ترتيب أوراقنا بالحد الأدنى من التغطية القانونية للوقوف أمام المخالفات والتعامل معها وكشف هلال أن سحب القانون من مجلس النواب جاء بطلب من إحدى المحافظات ولم يكشف عن هذه المحافظة..
لا يجوز سحب قانون بدأت مناقشته
هذا ما أوضحه أمين العاصمة وكان متأكداٍ من كلامه فماذا يقول المسئولون والمختصون حول سحب القانون يقول الأخ ناجي ثوابة القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية.
نوقشت قرابة 95٪ من مواد القانون من مجلس النواب ولولا إجازة المجلس لكان تم التصويت عليه منذ أسابيع وأيضاٍ كان هناك خلاف في إطار وزارة الثقافة أدى إلى تأخر مناقشة القانون وتحديداٍ في المواد التي تحدد التزامات صندوق التراث المالية لصالح الهيئة.
واستبعد ثوابة وبشكل ليس فيه شك أن يكون القانون قد سحب من مجلس النواب لأن لائحة مجلس النواب تقول أنه إذا بدأت مناقشة قانون ولو بمادة واحدة فلا يجوز سحبه مطلقاٍ.
وأكد أنه لم تبلغ الهيئة حتى الآن بأي معلومة من الجهات المعنية من المجلس بأنه تم سحب القانون وبانتظار عودة انعقاد المجلس بعد إجازة لكي يتم الجلوس معهم على أساس إكمال المناقشة وهم سوف يخبرون الهيئة إذا كان سحب أم لا وقال: إذا ما سحب فهي كارثة بكل المقايس وإذا كنا لا نتصور ذلك ولو بجزء من احتمال بسيط فلا يحق للحكومة ولا حتى لمجلس النواب سحب القانون وقد بدأ النقاش حول مواده ونحن نثق كثيراٍ بالمجلس والتزامه بلوائحه وأنظمته.
ولفت ثوابة إلى أن الاجتماع الاستثنائي للحكومة في الحديدة جاء مجموعة من أبناء زبيد مطالبين بسحب القانون وفعلاٍ رئيس الحكومة طالب مجلس النواب بسحبه..
مجلس النواب و علامة الاستفهام
كذلك استغربت أمة الرزاق جحاف القائم بأعمال وكيل الهيئة والتي كانت تتابع مناقشة القانون من المجلس الأنباء التي تقول أن القانون سحب وهذا ما تسمعه لأول مرة وقالت: صحيح أن هناك رسالة وجهت لمجلس النواب من قبل رئيس الحكومة بسحب القانون إلا أن رد رئيس مجلس النواب الأخ يحيى الراعي أنه لا يمكن سحبه طالما وقد بدأ النقاش على مواده بل وحتى آخر جلسة نقاش للقانون تمت المصادقة على أكثر من 95٪ من مواده وفعلاٍ أثناء المناقشة قدم أبناء زبيد اعتراضاٍ على القانون خاصة على المادة التي تنص على أن للهيئة الحق في إزالة أي مخالفة دون العودة إلى النيابة الرسمية والاكتفاء بنيابة الآثار والمدن التاريخية وقد علمنا أن مجلس النواب شكل لجنة تقصي إلى زبيد ولكننا لم نبلغ أو نشارك فيها كما أننا لم نبلغ بما وصلت إليه من نتائج.
وأكدت أنها ليس لديها أي فكرة حول سحب القانون وهذا قانوناٍ لا يحوز وإذا ما حصل وهذا أمر مستبعد سيكون أمراٍ مسيئاٍ ليس للمدن التاريخية وإنما للمجلس نفسه.
وأوضحت أن المجلس كان باستطاعته أن يخصص ساعة من جلسة قبل إجازته لمناقشة بقية المواد وهي قليلة جداٍ ولكن يبدو أن هذا القانون لا ينظر إليه باهتمام من قبل الكثيرين والدليل على ذلك أنه عندما نوقشت المواد السابقة كانت قاعة المجلس شبه فارغة باستثناء بعض النواب وهذا في كل جلسة نوقشت فيها مواد قانون الحفاظ وهذا يجعلنا نضع الكثير من علامات الاستفهام فالقانون في المجلس الموقر صار له من 4 – 5 سنوات.
مشيرة إلى وجود مؤامرة كبيرة على المدن التاريخية فقد كان الاعتقاد أن المواطنين هم من يعرقلون عملية الحفاظ واتضح أن الدولة نفسها تعرقل الحفاظ على المدن التاريخية.
وأضافت: نحن ندرك أن التأخير ليس في صالح القانون ويدعو إلى الارتياب خاصة أننا نشاهد تهاوناٍ من البرلمان ضد القانون وتراخي باتجاه التصويت وعلامة الاستفهام قائمة منذ أن دخل المجلس في إجازة وترك القانون معلقاٍ رغم أنه كان يحتاج ربما لدقائق وينتهي وتستكمل بقية الإجراءات للمصادقة عليه وصدور قرار جمهوري به.
قانوناٍ لا يجوز سحبه
ويقول القاضي محمد الكستبان رئيس نيابة الآثار والمدن التاريخية: نعول على القانون في الكثير من الأعمال المستقبلية فنحن نعمل على أساس هش ولا يوجد ما نعتمد عليه في ضبط المخالفين والإسهام في عملية الحفاظ باستثناء مادة ضعيفة ترجع إليها في قانون الآثار وعندما علمنا أن قانون المدن التاريخية أوشك على الصدور استبشرنا خيراٍ فهذا القانون سوف يعطينا دفعة قوية تعزز موقفنا القانوني الذي كنا نفتقر إليه والذي كان يشكل العقبة الأساسية في عملية الحفاظ .
رأي مجلس النواب
وكان لزاما علينا التوجه إلى مجلس النواب لمعرفة الحقيقة من داخل المجلس الموقر حيث التقينا الأخ عبده الحذيفي رئىس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة في المجلس والذي نفى بشدة أن يكون قانون المدن التاريخية قد سحب من المجلس لأنه لا يجوز بموجب اللائحة التي صدرت عن المجلس وبقوة الدستور وهي أعلى من قوة القانون بأنه لا يجوز سحب قانون تم البدء بمناقشته وقانون المدن التاريخية تمت مناقشة 92 مادة من أصل 102 وبالتالي لم يبق إلا القليل وقد تمت تأجيل مناقشته حتى عودة اللجنة التي شكلها المجلس للنزول إلى زبيد والالتقاء بهم حول العريضة التي وجهوها للمجلس طالبين فيها بسحب القانون وقد توصلت اللجنة إلى حلول معينة مع المواطنين وستتم مناقشة بقية القانون في الدورة القادمة لمجلس النواب إلا أنه رفض الإفصاح عن الحلول التي وصلت إليها اللجنة مع أبناء زبيد.
مشيرا إلى أن قانون الحفاظ على المدن التاريخية لا يشمل زبيد لوحدها ولكنه يشمل كل المدن والمعالم التاريخية في اليمن.
وقال: لا يحق للحكومة دستورياٍ أو لائحياٍ أن تسحب قانوناٍ بدأ المجلس في مناقشته ولا صحة للأخبار التي تقول إن قانون المدن التاريخية سحب من المجلس.
وحول ما إذا كان مجلس النواب نفسه يحق له سحب القانون أجاب: يحق للمجلس سحب القانون إذا تم التصويت على ذلك أما الحكومة فلا تستطيع وسحب القانون مستحيل سواءٍ من مجلس النواب أو الحكومة أو غيرهما وأنا المسؤول عن كلامي.
ونفى أن يكون المجلس قد تلقى رسالة طلب من الحكومة أو رئيسها بسحب القانون لأن هذا مخالف وبالتالي لن تقع الحكومة في هذا المطب القانوني.
القانون يمضي للأمام
الأخت هدى أبلان نائب وزير الثقافة تؤكد أنه لا يجوز قانوناٍ ودستوراٍ سحب القانون فقد تم التصويت على (92) مادة وبالتالي أصبحت قوانين يصعب التراجع عنها وقالت: صحيح حصلت احتجاجات من قبل أبناء زبيد وطلبوا سحب القانون ولكن لا يمكن أن يتم ذلك فقط على لجنة الثقافة والإعلام أن تعمل على جمع وجهات النظر بين الناس والجهات المعنية وزارة الثقافة وهيئة الحفاظ على المدن للوصول إلى حلول مناسبة لمشاكل ناتجة عن سوء فهم ولدينا تأكيدات من قيادة البرلمان أن القانون سوف يمضي إلى الأمام وأنه سيحظى بأولوية في أول جلسة للمجلس خلال انعقاده في دورته المقبلة..
وتمنت أن تتم المصادقة على القانون قبل اجتماع مؤتمر كمبوديا للتراث العالمي منتصف يونيو المقبل والذي سيقرر إخراج زبيد من عدمه من قائمة التراث ولكننا سنسعى من خلال التواصل والعمل الدبلوماسي من أجل إبقاء الحالة كما هي ووضع المدينة في قائمة الخطر وإعطاء مهلة مستندين على الوضع والحالة التي تعيشها البلدان منذ سنوات..
وأوضحت أن هذا القانون يمثل استحقاقاٍ ملزماٍ لبلادنا أمام الجهات والمنظمات الدولية خاصة بعد أن أصبحت المدن التاريخية اليمنية على مرمى خطر كبير ولعل أنضمام صنعاء القديمة إلى وضع زبيد المزري يجعلنا أكثر حرصاٍ وبالتالي يصعب ويستحيل على اليمن التلاعب في هذا القانون من أجل أمزجة بعض الأشخاص أو وجود فهم خاطئ للبعض أو قصور وانعدام للوعي لدى شريحة من الناس..