“تبغ المضغ”.. إحدى المواد المسرطنة

اجتاحت أوساط الطلاب

تربويون: انعدام الرقابة الأسرية وزهد الثمن وراء تعاطي الطلاب لهذا الخطر
متخصصون: تبغ المضغ يحوي مواد مسرطنة تصيب الفم والكبد تحدث خللا في التركيز

تحقيق / رجاء عاطف
حذر المختصون في المجال الطبي والصحي من تبعات استخدام الأطفال- وطلاب المدارس تحديداً- لمادة التبغ غير المدخن أو ما يسمى بـ”تبغ المضغ”، إذ تعَدّ هذه المادة من المنتجات الممنوع تداولها وإنتاجها واستيرادها في قوانين كثير من الدول، لما تحويه من مواد مسرطنة..
في هذا التحقيق سنتتبع مشاهد انتشار هذه المادة بين المتعاطين لها خاصة الطلاب الأطفال والشباب والذي يشجعهم في تناولها رخص ثمنها وسهولة الحصول عليها إلى جانب أن بلادنا تعيش ظروفاً استثنائية بسبب الحرب جعلت ضعفاء النفوس يروجون وينشرون بيع هذه المنتجات حتى صار تداولها سهلاً لدى طلاب المدارس.. وسنعرج على التركيب الكيميائي لهذه المادة وأضرارها الصحية….. إلى التفاصيل:
(س. م ) – 13 عاماً أحد الطلاب الذين يدرسون بمدرسة سالم الصباح فترة ما بعد الظهر، كان أحد المتعاطين لحوت المنتج الذي صنّف من منتجات تبغ المضغ وحد قوله أنه لم يتعاطها كثيراً وإنما قام وهو وبعض من زملائه بتجربته من باب الفضول للتحقق من تأثيره عليهم كما يصف البعض له وكانت التجربة في مقيل القات أي خارج إطار المدرسة والذي بعد أن تعاطاها لمرة واحدة أشعرته بالدوخة إلى حد الإغماء وعدم القدرة على السير.
فيما يصف أحد الطلاب 16 عاماً بالمرحلة الإعدادية رفض ذكر اسمه منتج حوت (hot) بأنه من أنواع الشمة، ولكنه يأتي على شكل أكياس صغيرة ويوضع في الفم إلى أن يؤدي مفعوله وأعراضه الدوخة وقال: إن التأثير يكون قوياً على الطلاب أو الأطفال الذين يكون أعمارهم أقل من 13 سنة بينما إذا كان العمر فوق 15 عاماً فهو لا يؤثر بقوة ولكن يعمل دوخة ومع التعود يصبح الشعور عادياً حيث كان يتعاطاه من ستة أشهر وانقطع بعد ذلك عن تناوله.
ثمن زهيد
فيما أكد (أ.أ) 14 عاماً أن هذه الأصناف من المواد موجودة ومنتشرة في الأسواق بكثرة ومتداولة في أيديهم وبسعر 150 ريالاً خاصة الطلاب إذ يجتمعون في مقيل واحد ويتعاطوه وربما داخل المدرسة دون أن يشعر أحد أنهم تعاطوه أو يكتشفهم كي لا يدخلون في إشكالات مع أولياء الأمور أو إدارة المدرسة.
كانت هذه عينة لمن تناول تبغ المضغ بالمنتج المغلف ذي العبوة والشكل الجديد والتي لاقت رواجاً واسعاً في الأسواق والتي وصفها أحد العاملين في هيئة الموصفات والمقاييس أن شكلها يدفع الشخص للقيام بتجربته حتى إن لم يريد ذلك، ناهيك عن تعاطي الكثير من هؤلاء الأطفال والطلبة للشمة المسمى بالبردقان أو التنمبل وغيرها من تبغ المضغ والتي لا يعلمون مخاطرها الصحية غير أنهم وقعوا فريسة لرفقاء السوء وإغراءات المنتج  وبسبب ضعف الرقابة الأسرية وأساليب التنشئة الاجتماعية الخاطئة التي أدت بهم إلى ممارسة سلوكيات خاطئة من بينها تعاطي التبغ بكافة أنواعه وقد يؤدي هذا إلى التعود عليه وعدم القدرة على التوقف عنه وبالتالي تسبب لهم مشاكل صحية ونفسية واجتماعية قد تكون سبباً في إهمال الدروس والشعور بالكسل والتغيب عن المدرسة باستمرار.
الأخصائي الاجتماعي
أمام هذه الظاهرة يأتي سؤال دور الأخصائي الاجتماعي في المدرسة في محاولة مساعدة الطلبة على تخطي هذه المشكلة.. وفي هذا السياق قالت هدى الفضلي – أخصائية تربوية ومشرفة صحية بمديرية شعوب: قمنا بمتابعة الموضوع في الفصل الدراسي الأول خاصة عندما وجدنا منتجاً من منتجات تبغ المضغ اسمه حوت في متناول بعض الطلاب الذين أعمارهم من 13 عاماً وما فوق وبعد أن وجدنا أعراض تناوله عليهم والشعور بدوخة ونوم وأكدوا بأنه منتشر بشكل كبير في المحلات التي تبيع المعسَّل والتمباك، وأضافت: جاء الطلاب يحدثوني من تلقاء أنفسهم بشعورهم بالأعراض والسبب أنهم تعاطوه وبعدها أبلغنا مكتب الصحة بالأمانة لمتابعة ذلك، وبدورنا كمدرسة قمنا بعمل إجراءات توعوية لِطُلاّب المدرسة خاصة الطلاب الذين تعاطوه وتم حثهم بعدم  تكرار تعاطيه أو شراء مثل هذه الأشياء أو أي منتج إلا بعد التأكد من أنه غير ضار بالصحة وكما نحاول أيضا من تكثيف البرامج والتوعية عبر طابور الصباح والعديد من الأنشطة ، وترى أن ما ساعد في انتشار هذه المنتجات بين الطلاب هو رخص ثمنها وسهولة استخدامها وتبادلها والترويج فيما بينهم والذي قد يجدون أن له تأثيراً ويهدئ المزاج ، والغريب في الأمر أن بعض الطلاب يؤكد أن هذا النوع متداول من قبل سنتين في محافظة الحديدة.
ضمن التبغ
الدكتور عادل البرطي– نائب مدير الصحة المدرسية بالأمانة من جانبه – قال متحدثاً عن الظاهرة : تعاملنا مع المنتج المسمى عند الطلبة الحوت من قبل نزول التعميم وإرسال رسالة إلى الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس والجودة للاستفسار عن المنتج الذي كان الدعاية والشائعات وصلت إلينا كأنه منتج يحوي مخدرات وأشياء اخرى تؤثر على الأولاد والبنات ، مشيراً إلى أن تعاطي المنتج التبغ بين أوساط الطلبة خاصة له تأثير سلبي وسيئ على صحتهم وتركيزهم الذهني من خلال ما جاء من بعض المشرفين الصحيين والأخصائيين في المدارس فإن تأثيره يسبب الدوخة وزغللة العين وكما وصف الطلاب عند تعاطيهم لهذا المنتج وغيره من المنتجات التي تدخل ضمن تبغ المضغ ناهيك عن الأمراض التي تسبب السرطان والتهاب اللثة.
منع تداولها
وعن وجود تعميمات محلية وعربية تمنع تداول منتجات تبغ المضغ، يؤكد أبو الحسن النهاري – مدير إدارة تأكيد الجودة بالهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس: إن لمنتجات تبغ المضغ أضرار ومخاطر على الفئة المستخدمة أو المتناولة لهذا المنتج وهم شريحة الأطفال وكما هو معلوم أنه يتم بيعها أمام المدارس، وقال: إن دخول بعض المنتجات المخالفة هو أمر متاح أمام المهربين لأن حدودنا البرية والبحرية مفتوحة خاصة في الظروف الراهنة التي  تعيشها اليمن بسبب الحرب، ونوه النهاري بأن الهيئة قامت بعمل تعميم على جميع فروعها ومكاتبها بمنع هذه المنتجات وعدم السماح بإدخالها  أو الإفراج عنها وإنزالها الأسواق من المنافذ إلى جانب مخاطبة الجهات المعنية في الرقابة على الأسواق الداخلية بضرورة سحب هذه المنتجات من الأسواق لأنها منتجات مخالفة لايوجد لها مواصفات  ويمنع إنتاجها محليا أو استيرادها.. وأشار إلى أن محتويات المنتج الذي جاء من قبل الصحة المدرسية بمكتب التربية تحت مسمى (حوت) يصنع خارج اليمن وهو هندي المنشأ ومخالف، للقوانين ولوائح الصحة في محيطنا الإقليمي والدولي، وحسب ما هو معلوم ومعلن على بطاقة البيان الخاصة به هو من تبغ المضغ ومن المنتجات الممنوعة الذي اعتبرته الصحة العالمية من المنتجات الممنوع إنتاجها او استيرادها الذي بلا شك أن لها انعكاسات خطيرة تمس صحة وسلامة المستخدم خاصة على شريحة الأطفال والطلاب، ونتمنى ان تقوم الجهات المختصة بدورها.
مواد كيميائية
“إن الاهتمام بصحة الفم والأسنان من الأشياء الأساسية التي يجب على الجميع المحافظة عليها، وهناك أمراض وعوامل تؤثر على صحة الفم والأسنان إحداها التبغ غير المدخن الذي يسبب أمراضاً للفم والأسنان ويستخدم عن طريق المضغ أو الاستنشاق والذي يعتقد الكثير أن لا مخاطر له بينما أول الأعضاء تأثراً هو الفم لأنه معرض مباشرة للمواد الكيميائية والمسرطنة الموجودة به”.. هذا ما أوضحه الدكتور يحيى علي القعود- طبيب عام في المركز الصحي حوش الوقف بصنعاء القديمة: إن مكونات تبغ المضغ (الشمة) تصنع من التنباك والجص (الجير) وكذلك عظام غير معروفة مطحونة وملح ، ويقول: إن التبغ بشكل عام يؤدي إلى عدة أمراض ومشاكل صحية قد لا يعي المتعاطي لهذه المواد خطورتها والتي تبدأ بحدوث مشاكل والتهابات في الفم لأن الأنسجة الرقيقة الموجودة في الخدين واللثة والشفتين واللسان هي الأكثر تأثراً بها، وأضاف كما أنها قد تسبب التهابات في الحنجرة والرئة والشعب الهوائية  وكذلك الجيوب الأنفية والتحسس في الصدر إلى جانب أنه قد يسبب رائحة لأن المواد التي يحتويها التبغ تؤدي إلى خروج رائحة كريهة جداً من الفم بالإضافة إلى تغير في لون اللسان وتشقق الشفتين.
وأضاف القعود: هذه المادة تسبب الإصابة بأمراض أخرى كارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين تزيد عند متعاطي التبغ الممضوغ والذي يعتقد كثير من الناس أن مضغه أو تنشقه أكثر أماناً من تدخينه ولكن خطورة التبغ لا تتوقف عند تدخينه فحسب فمضغُ التبغ وتنشقه يحمل مخاطر كثيرة.. محذراً من تعاطي الطلاب لهذه المادية التي تؤدي بهم إلى الإدمان وبالتالي يحدث دوار وعدم القدرة على التركيز أو عدم النوم المنتظم إلى جانب حدوث غثيان وقيء ورعشة في اليد وخفقان القلب وزيغ في النظر ودوار وقرحة في المعدة وتسبب أمراض وتسمم الكبد..
سرطان الفم
واختتم القعود حديثه بالقول: يعد التبغ غير المدخن أحد أهم الأمراض وأخطرها على الإطلاق وهي سرطان الفم ومن بعض أعراضه ظهور تقرحات في الفم تدوم لفترات طويلة ولا تختفي وهي سبب في كثير من أمراض الدم كما قد يسبب سرطان اللثة وسرطان الرئة وسرطانات بشكل عام ، وتابع أن استعمال التبغ من دون دخان يسمح لكمية أكبر من النيكوتين بالدخول إلى جسم الإنسان وذلك بالمقارنة مع تدخين السجائر والنيكوتين هو مادة مخدرة تسبب إدمانا شديداً فتجعل الإقلاع عن استخدام التبغ أمراً صعباً..

قد يعجبك ايضا