ضوء .. وظلام
محمد المساح
ومضى صاحبي يطرق الرصيف ، يحمل في ضلوعه حزنه الخاص وحزني.
بقيت في منتصف الظلال والضوء واقفاً وبقايا سيارات كانت تمرق بين الحين والآخر على الإسفلت، الذي بدأ لي حينها يسترخي على امتداد الشارع الطويل يتأهب للنوم لكن صرير العجلات المسرعة كان يجعله يتفزز وينط ويعود إلى اضطجاعه المعتاد، وبدون أن يعاود تلك المحاولات، التي تصورتها أنها تحدث له، وعاد إلى اعتياده شارعاً مجرد شارع كان ذلك في الليل أو النهار.
حتى مضى صاحبي، كان الوقت بعد منتصف الليل بقليل، وأنا أغيب في وقفتي في منتصف الظلال والضوء، التي تصنعهما أعمدة الكهرباء المتعبة، وأعود إلى تقليب أوجه الكلام الذي تبادلناه أنا وصاحبي.
تهت في سرحان طويل والكلمات كانت قد رحلت ومضت مع مضي الصاحب، حاولت أن استرجع الكلام، لكنها تمردت وذهبت في فضاء السماء الواسع، حاولت تلقيطها .. لكنها كانت كالجمر، ظلت تشتعل حين كان صاحبي بجانبي، وبعد مضيه انطفأت رماداً.
ومن ذلك الرماد المكتوم في القلب، نبت الحزن، وذبل ذبول الورود حين تذهب ويظل بقايا الأريج.
مابين رحيل الصاحب، ووقفتي في مساحة الضوء والظلال .. كان هناك ذلك الحزن الخفي الذي نحمله في النفوس.