جمال كامل
قبل عام وفي مثل هذه الأيام شنت السعودية وتدول مجلس التعاون عدا سلطنة عمان، حربا ظالمة على الشعب اليمني الأعزل دون أدنى مبرر، خلفت دماراً شاملاً في جميع مناحي الحياة في هذا البلد العربي الفقير، وأزهقت أرواح أكثر من تسعة آلاف إنسان بريء أغلبهم من النساء والأطفال، وأصابت عشرات الآلاف بجروح بالغة، وشردت مئات الآلاف وجوعت الملايين.
بعيداً عن كل الحروب النفسية التي شنتها السعودية على الشعب اليمني، وبعيدا عن شراء السعودية لذمم بعض الحكومات العربية بهدف المشاركة في عدوانها على اليمن أو تأييد هذا العدوان وحتى الوقوف على الحياد، كما اشترت قرارات دولية لتغطية عدوانها، بعيدا عن كل ذلك، تبقى الحقيقة الناصعة والتي لا يمكن تغطيتها بغربال الكذب والخداع، وهي أن السعودية شنت حربها المدمرة على اليمن لإعادة التنين اليمني الذي حشر لعشرات السنين في القمم السعودي، بعد أن تجرأ ليس على الخروج من القمقم فحسب بل حطم هذا القمقم والى الأبد.
ومن أجل أن نعرف الثمن الذي دفعه الشعب اليمني من اجل الخروج من هذا القمقم، وكذلك حجم الجريمة الكبرى التي ارتكبتها السعودية لتدفيع الشعب اليمني ثمن هذا “التمرد” و”التجرؤ”، سنمر سريعا على حجم هذا الثمن وحجم هذه الجريمة، وبالأرقام كما ذكرتها التقارير الأممية، ومنها:
بلغ عدد غارات العدوان السعودي على اليمن ستين ألف غارة، حيث تجاوز ما تم تنفيذه في الحرب العالمية الثانية بنسبة أَكثر من 30 %، وتم استخدام كل أنواع الأسلحة المحرمة دولياً ومنها العنقودية والانشطارية وقنابل الدخان الخانق.
قتلت السعودية 9366 مواطناً بينهم أكثر من 4254 امرأة وطفلاً، وأصابت أكثر من 17663 مواطناً، بينهم أكثر من 4351 امرأة وطفل.
دمرت السعودية 346103 منزلاً، و14 مطارا، و10 موانئ، و35 جسرا وطريقا، و140 محطةً كهربائية ومولدا، عدا عن تضرر 167 شبكة ومحطة اتصال، كما تم قصف 163 شبكة مياه، ودمر 810 مدرسة ومعهد، و41 منشأة جامعية بالإضافة إلى تدمير 285 مستشفى ووحدة صحية، فيما بلغت المساجد المتضررة 664 مسجدا، ووصل عدد النازحين إلى 2.714.579 نازحاً.
ألحقت السعودية خسائر كبرى بالاقتصاد اليمني، وتسببت بركود اقتصادي حاد في مختلف القطاعات الإنتاجية والحيوية في البلد، ما تسبب بتراجع النمو الاقتصادي إلى نسبة 34 %، في وقت تجاوزت فيه معدلات الفقر والبطالة الـ60.
الحصار السعودي أدى إلى ركود حاد في مختلف القطاعات وأفقد نحو ثلاثة ملايين مواطن فرص أعمالهم. وأوقف أكثر من 373 مشروعاً؛ منها 200 مشروع ممولة من الدول المانحة، بالإضافة إلى توقف حركة البناء والعمران.
وتسببت السعودية بتوقف نشاط 40 ألف منشأة صغيرة ومتوسطة، فضلاً عن توقف مئات الآلاف عن أعمالهم، بالإضافة إلى 570 مخزن غذاء تابعة للقطاع الخاص في عدد من المحافظات وسبع صوامع غلال.
هاجمت السعودية 436 شاحنة غذائية ودمّرت 376 سوقاً ومجمعاً تجارياً في 12 محافظة يمنية. وبلغ إجمالي خسائر القطاع الخاص حوالى 49 مليار دولار.
استهدفت السعودية قطاع التعليم العام والمهني والتعليم العالي، وبلغ إجمالي المعاهد المهنية والتقنية التي دمرتها الى 44 معهداً، وست كليات. وفي الإطار نفسه، بلغ إجمالي عدد المنشآت الرياضية المدمرة 70 منشأة في 12 محافظة، وبلغت التكلفة التقديرية للدمار 367 مليوناً و616 ألف دولار تقريباً.
دمرت السعودية 37 منشأة نفطية بصورة مباشرة، بالإضافة إلى تدمير 248 محطة وقود في مختلف المحافظات و197 شاحنة محملة بالمشتقات النفطية، وأكثر من 340 منشأة صحية متنوعة بين مستشفيات ومراكز صحية.
شنت السعودية غارات مكثفة على المنشآت السياحية، ما أدى إلى توقف أكثر من نحو 15 ألف منشأة سياحية كبيرة ومتوسطة وصغيرة عن العمل.
شنت السعودية 2024 غارة ضد الحقول الزراعية، و915 موقعاً وحقلاً زراعياً منتجاً.
رغم كل هذا الدمار المتواصل على مدى عام كامل، لم تحقق السعودية أي هدف من أهدافها المعلنة، بل إن التقارير الميدانية المحايدة، تؤكد وجود عجز واضح لدى الجانب السعودي في تغيير دفة الحرب، بل إن الجيش السعودي تلقى ضربات موجعة على الحدود مع اليمن، فقد كشف المغرد السعودي المعروف مجتهد أن خسائر السعودية بلغت 3 آلاف قتيل، وكل مكاسبها الميدانية تنحسر في إطلاق يد “القاعدة” في عدن وبعض المحافظات الجنوبية.
يقول الصحفي جمال جبران: “في واحدة من ليالي القصف تلك، نجحوا في إخراج جثة امرأة كان لافتاً أنها ترتدي كامل ثيابها. تلك الثياب التي تُطابق ما ترتديه النساء عادةً عند خروجهن من بيوتهن إلى السوق أو لزيارة أقارب. هي تلك الثياب التي ترتديها المرأة، أيّ امرأة في هذه البلاد المُحافِظة حين تقرر الخروج من بيتها. ترتدي ثياباً لا تكشف منها شيئاً سوى عينيها عبر فتحة تساعدها على تأمّل خطواتها على الطريق.
كتب طالب صنعاني على «فايسبوك»، أن والدته الطاعنة في السن أخبرته عبر الهاتف أنها أصبحت تذهب للنوم وهي ترتدي كامل ملابسها. «أشتي (أريد) أموت مستورة» قالت لابنها. لقد صارت كل أماني هذه السيدة أن تموت «مستورة» وألّا ينكشف أي جزء من جسدها أمام عيون غريبة حين يأتون لرفع التراب عنها وقد صارت جثة تحت ركام بيتها. ترتدي كامل ثيابها قبل النوم حتى لا ينكشف جسدها”.
ما أراد جبران قوله في هذه السطور، هو أن الشعب اليمني مصمم على رفض العودة إلى القمقم السعودي، وهذا الرفض يشارك فيه كل أبناء الشعب اليمني دون استثناء، وهو ما أكدته نتائج العدوان خلال عام كامل، فلا السعودية تمكنت من إخضاع الشعب اليمني وكسر إرادته، ولا استطاعت أن تحافظ على حدودها من ضربات الجيش اليمني ولا قوات أنصار الله، الأمر الذي جعل فكرة الوصاية السعودية على الشعب اليمني شيء من التاريخ.
* كاتب عربي