محطات البترول “المتنقلة”.. الحياة بجوار الكارثة

تحقيق / هشام المحيا

جاء العدوان حاملا أدوات القتل والمعاناة ليوزعها في كل الاتجاهات..لم تبق منطقة واحدة في خارطة اليمن بعيدة عن أزمة المشتقات النفطية التي تولدت منها مخاطر أبرزها المحطات المتنقلة والبيع على السيارات في كل مكان..
لقد صارت السوق السوداء الخاصة بالمشتقات النفطية ملمحا سوداويا يؤشر إلى أن البلد انزلقت إلى الأسوأ..لأن كل الشرائح الاجتماعية تضررت.. بعد أن أصبح الغذاء صعب المنال لتصاعد أسعاره بسبب ارتفاع أجور النقل..
لكن في هذا السياق نتحدث عن المخاطر المحتملة التي قد تنتج عن المحطات المتنقلة في شوارع المدن والتي تحولت إلى خطر يهدد السكان.

في بداية الأمر أحببنا أن نطرح الموضوع بين يدي متخصصين ليوضحوا لنا مدى خطورة الظاهرة التي نشأت منذ حوالي عام بالتزامن مع قص شريط العدوان الذي لم تستثن أحداً إلا وطاله عذابه.. المهندس عمار عبد الجبار مهندس نفطي يقول ” بداية تجدر الإشارة إلى نقطة مهمة للغاية هي بالأصل معلومة يعلمها أغلب المواطنين تلك المعلومة هي أن الشركات النفطية تحرص على وضع تحذير بالخط العريض فوق الناقلات النفطية أو المحطات الخاصة بالتعبئة وكل الأماكن التي تستخدم لأغراض المشتقات النفطية وفحوى هذا التحذير يرمى إلى حماية المواطن من خطورة تلك المادة فهي تمنع التدخين بالقرب من أي مكان تتواجد المشتقات النفطية فيه فما بالك بالمشتقات النفطية التي تعج بالشوارع دون وجود لأي من عوامل سلامة المواطن..
وتأكيدا يقول :ومن هنا يجب العلم بأن وجود أدنى شرارة نارية سواء بقايا سجائر أو عيار ناري فإن أمر اشتعال النار في المكان يصبح حتميا وبالتالي سيحصد خسائر بشرية كبيرة خصوصا وأن الأسواق السوداء حاليا تتواجد في أماكن مكتظة بالسكان وفي شوارع مزدحمة بالمركبات والمارة “.
واقع مفروض
ابو جلال محمد أحد الأفراد المنتمين لوزارة الداخلية علق على الظاهرة بقوله: انه واقع فُرض على الجميع ويجب أن نتعامل معه بأكثر من طريقة لتقليل الآثار السلبية التي قد يخلفها ومن ثم إيجاد حلول جذرية للقضاء عليها..
وللتوضيح أكثر يوصل محمد حديثه ويقول ” منذ أن شنت السعودية وحلفاؤها الحرب العدوانية على الشعب اليمني واربكت النظام العام للدولة وتسببت في خلق الكثير من الأزمات حتى أن المواطن بات يجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى الخدمات الأساسية لاسيما المشتقات النفطية التي كانت تنعدم من داخل المحطات في أحيان كثيرة..
الأمر الذي ادى إلى ظهور ما يسمى بالأسواق السوداء بشكل واسع اذ اتخذت من الشوارع العامة والفرعية اماكن خاصة بها وذلك من خلال وضع براميل و”دبات” مختلفة الأحجام في جنبات الطريق.
وتابع :المشكلة أن الوضع لم يتوقف عند هذا الحد بل تعدى إلى ما هو أبعد إذ لا تتواجد أي معايير تحفظ للمواطن سلامته ولو بأقل الأضرار.. وبما أن المجتمع بحاجة إلى المشتقات النفطية فإنه يتوجب على الجهات ذات الاختصاص أن تعمل على توفيرها في جميع المحطات وبكميات كافية حتى لا يضطر الناس للجوء إلى تلك الأسواق.
ومؤكدا أن نحن وزارة الداخلية ستعمل وقتها على تطبيع الأوضاع ومنع أي مخالفات أما والوضع الحالي باق كما هو فإن اتخاذ أي إجراءات سيخلق أزمة واسعة وفي ذات الوقت لن نتمكن من إنهاء المشكلة.
حلول مؤقتة.. ولكن!
وضاح الأصبحي صاحب محطة متنقلة في مدينة إب يقول “الدنيا حرب والبترول والديزل وغيره من المشتقات النفطية لا يتواجد في المحطات الرسمية في الوقت الذي يكون فيه الناس بأمس الحاجة إليه ولذا فإني لا أرى في المحطات المتنقلة إلا حلا مؤقتا يساعد الناس على تسيير أمورهم خلال هذه الفترة”.
وعن المخاطر الأمنية التي يمكن أن يتعرض لها المواطنون يقول ” نحن بدورنا كعمال في هذه المحطات يجب علينا أن نكون على قدر كبير من الوعي بمخاطر المشتقات النفطية وبالتالي يجب أن نبقى بعيدين قدر الامكان عن الازدحام السكاني وكذا الابتعاد عن الأماكن التي يمكن أن تكون سببا في إشعال حرائق في هذه المحطات كالأفران والمطاعم والورش.
ويرى ضرورة منع التدخين وما شابهه بالقرب من هذه المحطات وعدم التساهل أو التغاضي في هذا الموضوع..
وأضاف: وإذا ما استطعنا أن نطبق هذه التعليمات بشكل صارم فإننا سنكون عندها قد تمكنا من تحجيم مخاطر المشتقات النفطية ووفرنا عوامل سلامة لا بأس بها وستعمل إلى حد كبير على حماية المواطنين.
شرارة لخطر كبير
عامر كهلان سائق مركبة نقل يبدى استياءه من الظاهرة ويعتبرها طريقا سالكا نحو كارثة مجهولة الوقت والمكان.
و يقول :نشوب حريق في محطة واحدة يكفي لتفحم عشرات الجثث وربما سيمتد الخطر إلى ما هو أبعد من ذلك فقد تمتد شرارة النار إلى منازل مجاورة مكتظة بالسكان وبالتالي سنكون أمام مأساة إنسانية فضيعة..
لكن في ذات الوقت يرى كهلان في المحطات المتنقلة ضرورة ملحة لتلبية احتياجات الناس من المشتقات النفطية خصوصا وأن شركة النفط لم تعد ترفد المحطات الرسمية بالكميات الكافية..لذا يتوجب على الجهات المعنية – كما يقول – أن تتحمل المسئولية الكاملة للقضاء على هذه المشكلة بدءا بتوفير المشتقات إلى جميع المحطات الرسمية وانتهاء بتطبيق القوانين اللازمة التي تحول دون وجود مثل هذه الأفعال العشوائية التي تهدد أمن وسلامة المواطن.
زكريا عبدالعزيز مواطن يقطن في أمانة العاصمة يوافق كهلان في حديثه ويضيف : أن ضحايا هذه الظاهرة لن يكون لهم غريم قانوني بمعنى أن هذه المحطات ستكون كقاتل طليق.
ويطالب عبدالعزيز الجهات المعنية باتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون وقوع ضحايا.
ختاماً..
أمران يجمع من التقيناهم عليهما.. وهما: أن عدم وجود المشتقات النفطية في المحطات الرسمية بكميات كافية خلق ما يسمى بالأسواق السوداء وبالتالي بروز المخاطر الأمنية لها..أما الأمر الثاني فهو ضرورة تحمل الدولة مسئوليتها ومحاربة تلك المشكلة على الواقع.

قد يعجبك ايضا