الرئيس المنتخب يتسلø◌ِم مقاليد الحكم من سلفه


كتب:محمد العزيزي –

احتشد في مثل هذا اليوم من العام الماضي 21 فبراير 2012م ما يزيد عن 6 ملايين مواطن يمني ليقولوا كلمتهم الفصل في يوم لم يشهد له الوطن مثيلاٍ ولأول مرة في تاريخ اليمن يحصل زعيم يمني وربما عربي على كل هذا التأييد والمساندة وذلك من خلال الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي حملت معها أول عملية تبادل سلمي للسلطة في تاريخ اليمن.

وجاءت انتخابات فبراير بعد أن تصاعدت ثورة التغيير الشبابية في اليمن مطالبة بواقع جديد فيما اشتدت نزعة الصراع الحزبي والسياسي وسط موجة من العنف قطعت فيها أوصال المدن الرئيسية والشوارع بين تلك الأطراف التي كادت أن تجر البلاد نحو الهاوية والاحتراب والانقسام والدخول في أتون الحرب الأهلية.

لولا موقع اليمن الاستراتيجي وأهميته بالنسبة للمجتمع الدولي والعالم ودول الإقليم لكانت نتائج وإفرازات ما حدث خلال عام ونيف كارثية بما تحمله الكلمة من معنى.. وعواقب لا يمكن لأحد تخيلها أو توقعها .. ولأن الواقع كان كذلك والمشهد السياسي متأزم حرص المجتمع الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي على عدم انزلاق اليمن في أحداث وحروب لن يخرج منها ولو بعد ردح من الدهر ºº إلى جانب الأضرار والمشاكل التي ستلحق بدول الجوار والعالم مما قد تؤول إليه الأوضاع في اليمن .. وتحسباٍ ودرءاٍ للاحتمالات بشأن اليمن جاءت المبادرة الخليجية في الوقت المناسب برعاية من قادة دول مجلس التعاون الخليجي وتأييداٍ ومباركة المجتمع الدولي والدول العظمى والأمم المتحدة º وبعد شد وجذب اتفقت الأطراف السياسية على التوقيع على المبادرة الخليجية في الرياض العاصمة السعودية في ديسمبر 2011م وأفضت أو نصت هذه المبادرة على إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة التي حددها الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية في مثل هذا اليوم 21م فبراير 2012م.
من عايش الأحداث في المدن اليمنية كافة من الغليان الشعبي والشبابي وعدم الاستقرار السياسي وحالة الخوف والرعب والترقب والركود الاقتصادي والاجتماعي والشلل التام الذي أصاب الحركة التجارية والمزاج العام وعطل كل مفاصل الدولة والخدمات العامة والخاصة جراء تلك النزاعات والصراعات والثورة الشبابية والأحداث ºº كان يعتقد الناس ومن عايشوا تلك الأوضاع أن الحل بات صعباٍ وبعيد المنال وأن إيقاف انهيار الدولة بات من سابع المستحيلات استنتاجاٍ لواقع الحال واستخلاصا لتلك الأسباب والعوامل والنتائج التي يتتبعها كل أبناء الشعب اليمني والعالم بأسره.
ونتيجة لتصاعد التوتر والاختلاف تبددت الآمال خصوصا ما شهدته بعض البلدان العربية من حروب عندما تحولت الثورة السلمية إلى ثورة مسلحة ومواجهات عنيفة بين الأنظمة الحاكمة وجموع من الشعب المطالب بإسقاط النظام والبدء بالتغيير في نظام الحكم º حيث أسفرت هذه المواجهات عن سقوط ألاف المواطنين ضحايا وقتلى وجرحى ومشردين ولاجئين .. وبمشيئة الله تجلت الحكمة اليمنية بعد أن رأى الجميع في اليمن انه لا مخرج مما هْمú عليه في ظل عدم قدرة كل طرف على اجتياز الآخر في السيطرة على الحكم كما حدث في ليبيا وتونس ومصر.. بالإضافة إلى حجم الضغوطات الدولية والإقليمية بحل الأزمة اليمنية على النحو الذي نعيشه اليوم والمساعي والجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب الجهود الجبارة التي بذلها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر لحلحلة الأزمة وتقريب وجهات النظر بين الأطراف اليمنية.
شْكلت حكومة الوفاق وبدأت العمل وحدد الرئيس عبدربه منصور هادي موعد الانتخابات الرئاسية لتبدأ الأمور والأوضاع تعود ولو بشكل بطيء بدأ الناس يستشعرون إمكانية عودة الحياة مرة أخرى متفائلين بالرئيس أن يعبر باليمن والشعب إلى بر الأمان والاستقرار واستعادة الآمال التي كاد الجميع أن يفقدها من وقت لآخر.
منذ الصباح الباكر من يوم 21 فبراير كان الناس قد عقدوا العزم وأخلصوا النيات للوقوف صفا واحدا بجانب رئيسهم المنتظر º حيث احتشد الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه أمام مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم وأعطي الرئيس المنتخب قوة يستمدها من الشعب الذي صوت له بالإجماع وأفرزته نتائج الاقتراع بحصيلة تربو على 6 ملايين ناخب وناخبة من أبناء الشعب .. مؤكدين بهذه الحصيلة التي لم يبلغها أي زعيم من قبل – أن الشعب اليمني يدعم الرئيس هادي وبقوة ليجنب البلاد الانزلاق في أتون الحرب والدمار والخراب والصراع º وتعبيراٍ من أبناء الوطن عن إرادتهم الحقيقية للبدء في عملية التغيير والتداول السلمي للسلطة بالطريقة الحضارية والمثالية والصحيحة والسهلة والسلسلة التي ارتضاها الجميع كأساس لأي تغيير ومنهج ديمقراطي لنظام الحكم والذي يجب تطبيقه وبتلك الطريقة التي شاهدناها عند لحظة الانتخابات وأداء الرئيس عبدربه هادي اليمين الدستورية أمام البرلمان ليصبح رئيسا للبلاد وأول رئيس يخلف الرئيس السابق بطريقة الانتخاب والتداول السلمي للسلطة والتي تكللت في تسلم الأخ عبدربه منصور هادي مقر رئاسة البلاد من الرئيس السابق علي عبد الله صالح في مشهد يحدث لأول مرة في اليمن أن يستلم الرئيس المنتخب مقاليد الحكم من سلفه º واعتبرت أول عملية تبادل سلمي للسلطة في اليمن عبر التاريخ.
مراسم توديع الرئيس السابق
شهد دار الرئاسة يوم الاثنين الموافق 27 فبراير 2012م بالعاصمة صنعاء يوماٍ استثنائياٍ في تاريخ اليمن والمنطقة العربية كما وصفه كثيرون والمتمثل بقيام الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية السابق بتسليم السلطة إلى الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية المنتخب في حفل تاريخي حضرته قيادات الدولة والبعثات الدبلوماسية المعتمدة في اليمن والأمين العام للجامعة العربية وممثل الأمين العام للأمم المتحدة السيد جمال بن عمر…وقد جرت مراسم توديع الرئيس السابق لليمن علي عبدالله صالح حيث عزف السلام الجمهوري واستعرض حرس الشرف ليودعه الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية لدى مغادرته دار الرئاسة.

قد يعجبك ايضا