النازحون في محافظة صنعاء: معاناة مستمرة في غياب الدعم والإغاثة

صنعاء/ إبراهيم القرضي

محافظة صنعاء كغيرها من المحافظات التي تعرضت للقصف من قبل العدوان السعودي الغاشم والظالم والذي ألحق أضرارا كبيرة وخلف المئات من الشهداء والجرحى من المواطنين جلهم من النساء والأطفال والمدنيين.. ونتيجة لذلك نزح الكثير من السكان إلى مناطق بعيدة ومديريات أخرى. إذ يبلغ عدد النازحين من أبناء محافظة صنعاء وأمانة العاصمة 125 ألف نازح، كما يوجد نازحون في المحافظة من محافظات أخرى وقد عشت بنفسي تجربة النزوح في مناخة لمدة شهرين وها أنا أكتب من وسط المعاناة.
الأوضاع مأساوية صعبة ، لا تجد من يعينك ولا من يهتم بك أو يقدم لك معونة أو مساعدة، وإن وجدت بعض هذه المعونات من فراش “اسفنجات” فإن توزيعها يتم عشوائيا وتنعدم فيها عدالة التوزيع للمستحقين الفعليين.
رأيت الكثير من النازحين يضطر إلى بيع ذهب زوجته أو يبيع من أثاث منزله ليسد رمق جوع أطفاله أو يتسلف مبالغ مالية من بعض الأصدقاء أو الأهل.. هذه هي حالة النازحين في المحافظة.

تعاون الأهل
وهنا التقينا بعض النازحين الذين عبروا عن أواضعهم ومعاناتهم.. والبداية كانت مع الوالد الحاج سعد الحرازي وهو أحد النازحين من الأمانة إلى مناخة حراز، وهو من منطقة “الثلث”، سألته عن سبب نزوحه.. فأجاب قائلاً: نظراً للقصف الظالم من قبل العدوان السعودي الغاشم نزحنا إلى مناخة ومنها إلى بلاد الثلث أنا وأولادي الأربعة، والحقيقة أن نزوحنا جاء ضرورة لتجنب أخطار القصف، ولولا أن معنا أهلاً في القرية لما نزحنا، فقد استقبلونا وقاموا بعنايتنا وقدموا لنا الفراش وغرفة في البيت القديم حقنا، ولم نجد أية معونة من منظمات أو جمعيات خيرية، وهذا الدور أصبح غائباً تماماً، لا تجد من يأويك ولا من يقوم بعونك أو مساعدتك.
خوف وقلق
سألنا أم محمد عن أوضاعها والمعونات التي لمستها من الجهات المختصة أو المنظمات أو غيرها فقالت: نزحنا من صنعاء إلى بلادنا “القرية”، نظراً لأننا خفنا من آثار قصف الصواريخ، وما كانت تسببه من أضرار وخوف بين الناس، فاخترت أن أنزح أنا وبناتي وزوجي إلى البلاد، لأنه لو تنزح إلى مدينة أخرى غير بلادك فلن تجد من يأويك ولا فراش ولا أكل ولا شرب ولا ملابس ولا أي شيء، وأقل واحد سيقول لك سير المدرسة، فكيف سيكون حالك في فصل مدرسي وبرد شديد.
وأضافت أم محمد: في الحقيقة أننا نزحنا إلى بلادنا منشأ الصبا ووجدنا تعاوناً وتكاتفاً من الأهل والأسرة أفضل من تلقي المساعدات من المنظمات التي هي اسم بلا فعل ولا فائدة.. والحمد لله على كل حال الأمور على خير، لكن بصراحة لقد بعت من الذهب حقي لأن الظروف قاسية ونحن نازحون وزوجي لم يعد لديه إلا المعاش “خمسين ألف ريال” لا نعلم كيف نصرفها ولا تغطي متطلباتنا ومتطلبات العيال ومصاريف تنقل من صنعاء إلى البلاد، وهكذا نحن نعاني أشد المعاناة ونتألم كثيرا.. وزوجي اقترض مبالغ مالية طائلة بهدف تسديد احتياجات العيال، يعني نشكو حالنا وحزننا إلى الله تعالى، ولا رحم الله السعودية التي أذاقتنا العذاب ونشتكي بها إلى الله المنتقم القوي العظيم.. يعني نحن الضعفاء والمساكين الضحية ما حصلنا حتى فرش ولابطانيات.. كانوا يوزعونها بدون عدالة ولكن نشتيكي حالنا إلى الله أن يرحم بحالنا ويلطف بنا.. ونحمد الله ونشكره على كل حال فله الحمد والشكر في السراء والضراء، فهو المتكفل بنا وبالعباد جميعا وحسبنا الله ونعم الوكيل.
125 ألف نازح
بعد لقاءاتنا مع عدد من النازحين كان لا بد من التواصل والالتقاء بالمختصين في الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، والتقينا الأخ عبدالوهاب شرف الدين مدير الوحدة التنفيذية، وسألناه عن الدور الذي قامت به المنظمات والجمعيات وغيرها في تقديم الدعم وتوفير احتياجات ومتطلبات النازحين.. فأجاب قائلاً: بداية لقد بلغ عدد النازحين في محافظة صنعاء والأمانة حوالي 125 ألف نازح، بإجمالي أسر 17600 أسرة نازحة، ومثلهم لم يتم تسجيلهم وآخر نزوح قبل يومين، ومتوقعين زيادة العدد إلى 350 ألف نازح.
وأضاف شرف الدين: والحقيقة أن دور المنظمات الدولية والمحلية وفقاً للوضع يكاد يكون غائباً، وكما هي عادة اليمنيين من التراحم والترابط والتكافل الاجتماعي فنجد أن المجتمع هو من يقوم بدور لا بأس به في عملية الإغاثة وتقديم المستطاع، إضافة إلى جانب العمل ورأس المال الوطني، يعني بعض رجال الأعمال وليس الكل، ويجب على الجميع أن يتفاعلوا في هذا الجانب.. كذلك لا ننسى الدعم والمساعدة التي قدمتها شركة “يمن موبايل” و”تيليمن للاتصالات” فهؤلاء لهم دور بارز في دعم النازحين، وأما بقية القطاعات الاقتصادية فأدعوهم من خلال الصحيفة إلى التفاعل والمساهمة في دعم النازحين.. ويجب أن يكون هناك دعم سخي لدعم النازحين ويجب أن يكون لهم اهتمام خاص واهتمام متزايد كونهم بحاجة إلى من يخفف من معاناتهم ومتاعبهم وآلامهم وهمومهم ومشاكلهم.
ووجه مدير الوحدة التنفيذية نداءً إلى اللجنة الثورية العليا بأن يعملوا على إصدار قرار باستقطاع قسط يوم من مرتبات موظفي الدولة لصالح النازحين الذين هم بحاجة للتخفيف من معاناتهم وكونهم بحاجة لمن يساعدهم ويقدم لهم الدعم اللازم خاصة ونحن الآن في فصل الشتاء والبرد القارس.. ونجد أن هؤلاء النازحين بحاجة إلى تقديم العون لهم والمساعدة وتوفير متطلباتهم واحتياجاتهم اللازمة في أقرب وقت.
وحول دور المنظمات والجمعيات الخيرية ورجال المال والأعمال يقول شرف الدين: أوجه لهم رسالة بأنه يجب عليهم القيام بدورهم الفاعل والبارز لهؤلاء النازحين الذين هم بحاجة لعون ومساعدة واهتمام..
إعداد كشوفات فقط
كما التقينا بعضو المجلس المحلي لمديرية مناخة عبدالله عباس المروني للتعرف على دور المجلس المحلي في مساندة النازحين حيث قال: المجلس المحلي يقوم بدوره وفقاً للإمكانيات المتاحة، نحن نقوم بتسجيل الحالات برفع الكشوفات وما زال البحث جارياً عن مصادر للدعم ونأمل من المنظمات المعنية بهذا الشأن أن تتفاعل مع معاناة النازحين، وكذلك رؤوس الأموال يجب أن يكون لهم دور في دعم النازحين.
بحسب الإمكانيات
توجهنا إلى مكتب محافظة صنعاء، وإلتقنيا وكيل المحافظة العميد عبدالله بن علي العنسي والذي أكد أن المحافظة وقياداتها تقوم بدور بارز ودور كبير بحسب إمكانياتها، وتقدم كل ما هو متوفر، كما أن المحافظة والمديريات وأمناء العموم للمجالس المحلية بالمديريات يقدمون كل التسهيلات وبحسب الإمكانيات سواء كانوا نازحين من أبناء المحافظة أو نازحين من محافظات أخرى.
وأضاف العميد العنسي: ندعو منظمات المجتمع المدني وخاصة المعنية بهذا الشأن الإنساني أن تكون موجودة ومتفاعلة سواء في المحافظة أو المحافظات الأخرى، كون ذلك يحتاج إلى تكثيف الجهود الممكنة وتضافر الجهود المشتركة.. وأوجه الشكر لأبناء المحافظة الذين برهنوا وأثبتوا وفاءَهم وحبهم للوطن.
وقال الوكيل: لقد التقى محافظ صنعاء مؤخراَ بالقائم بأعمال الممثل المقيم لمنظمة الإغاثة الإسلامية في اليمن، وبحث معه الخطط والبرامج التي تنفذها المنظمة بالمحافظة.. حيث أكد ممثل المنظمة أن محافظة صنعاء ضمن أولويات المحافظات التي تحتاج للإغاثة الطارئة في مجالات الصحة والتعليم وإغاثة النازحين المتضررين من العدوان السعودي الأمريكي على اليمن.

قد يعجبك ايضا