مدارس تعز..قصف العدوان عزز صمود التربويين

إدارة التحقيقات

هكذا أراد العدوان السعودي لليمن أن تكون منهارة القوى فاشلة في كل المجالات وفي مقدمة القطاعات التي خطط العدوان لإفشالها قطاع التعليم الذي كان يظهر تفوقا باهرا بالنسبة لهم ، ولم يكن التعليم بالنسبة للعدوان هدفا جانبيا أو ثانويا بل أساسيا إذ عملت طائراتهم على تدمير البنية التحتية للمرافق التعليمية في مختلف المحافظات وكان القسط الأكبر من التدمير من نصيب محافظة تعز..
لم يكتف العدوان بتدمير الكثير من المدارس عبر غاراته الجوية بل وزاد على ذلك بأن حول الكثير منها إلى ثكنات عسكرية ومراكز تدريب للمسلحين المدعومين من قبلها… في سياق التحقيق التالي تجدون حجم المأساة التعليمية التي سببها العدوان إلى جانب موقف ومطالب الطلاب والمختصين.. نتابع.
في محافظة تعز يعاني قطاع التعليم مأساة منقطعة النظير وتتمثل الكارثة التعليمية هناك بالقصف المتواصل الذي يقوم به العدوان السعودي على المرافق التعليمية في مختلف مديريات المحافظة كما يتمثل أيضا بتحول الكثير من المدارس إلى ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة ومراكز تدريب لمسلحين من مختلف الانتماءات وهو الأمر الذي عمق المشكلة بشكل كبير وبحسب المعلومات التي توصل إليها كاتب التحقيق من مصادر عدة فإن العدوان تسبب في توقف حوالي 90 % من المدارس في المحافظة سواء المدارس الحكومية أو الأهلية..
ويعود توقف تلك المدارس إلى أكثر من سبب وفي مقدمة تلك الأسباب قصف الطيران لـ35 مدرسة بشكل مباشر مما أدى إلى تدمير بعضها بشكل كلي والبعض بشكل جزئي ورغم التدمير الجزئي لتلك المدارس إلا أنها قد خرجت رسميا عن إمكانية استخدامها..
صمود الناس
تعثر التعليم في المحافظة أصبح سمة بارزة ومن بين أسباب ذلك الخوف من استهداف المدارس أثناء تواجد الطلبة فيها خصوصا وأن العدوان لا يضع أي اعتبار لمثل هذه الأوضاع ، أيضا تقع الكثير من المدارس الحكومية والأهلية في مناطق صراع مسلح بينما بعض المدارس لا يستطيع الطلبة الوصول إليها كون الطرق المؤدية إليها غير آمنة ، ولم يكن تعثر استمرار العملية التعليمية بسبب العدوان في محافظة تعز فحسب بل في محافظات أخرى..رغم ذلك يعكس صمود الناس حالة نادرة من التحدي ربما هي لازمة يتمتع بها اليمنيون..ويبدو ذلك في استمرار العملية التعليمية في اليمن وبشكل مستتب.
وطبقا لتقارير متخصصة في رصد انتهاكات العدوان على قطاع التعليم في اليمن وكان آخرها تقرير الإئتلاف المدني لرصد جرائم العدوان فإن طيران التحالف قام باستهداف 478 مدرسة خلال الثمانية الأشهر الماضية كما تسبب العدوان بتوقف 7350 مدرسة.
مدرسة ذي مرين في مديرية صبر الموادم كانت إحدى المدارس التي تعرضت لقصف الطيران السعودي ودمر أغلب مبانيها وهو الأمر الذي أدى إلى عدم قدرة الطلبة والمعلمين على البدء في عام دراسي جديد وعمق المشكلة أن هذه المدرسة هي الوحيدة في العزلة ولا يوجد مدارس قريبة منها مما أرغم الجميع على الصبر حتى يعاد إعمار المدرسة أو يجاد حلول أخرى.
أعمال مشينة
التربوية جميلة حميد في مستهل حديثها عن استهداف العدوان للمنشآت التعليمية دعت جميع الأطراف إلى تحكيم العقل وإعمال المنطق لإنهاء الحرب الدائرة ومن ثم إعمار الوطن بسواعد الجميع فالوطن ـ كما قالت ـ ملك للجميع وليس لجهة أو فصيل دون آخر.
حميد تحدثت عن الجرائم التي يرتكبها العدوان السعودي في حق التعليم ومنشآته متابعة بالقول :إن ما يقوم به العدوان هو جرائم حرب ضد الإنسانية وتعاقب عليها كل القوانين النافذة المحلية والإقليمية والدولية.
وأشارت إلى أن العدوان السعودي دمر عشرات المدارس في محافظة تعز وأجهض عملية التعليم في ما تبقى من مدارس بأكثر من طريقة كتخويف الطلاب من الذهاب إلى المدارس أو بالتحليق المستمر في أجواء المحافظة أو بإشعال نار الحرب في الأحياء السكنية هو الأمر الذي يمنع ويعيق الطلبة من الوصول إلى مدارسهم.
أما الناشط الحقوقي والمدرب الإداري “صدام فلاح” والذي يعمل في مجال رفع الكفاءة التعليمية في المدارس فقد تحدث عن الوضع المتردي للتعليم في اليمن والذي كان للعدوان السعودي اليد الطولى في إيصاله إلى هذا الوضع فقال ” لا يخفى على أحد أن التعليم في اليمن كان يعاني من الكثير من المشاكل لكنه بشكل عام كان ما يزال واقفا على قدميه وبإمكانه التغلب على الصعوبات والمشاكل التي تواجهه بين الحين والأخر لكن ما قام به العدوان السعودي مؤخرا من استهداف متواصل للمنشآت التعليمية عمل على تعثر المسيرة التعليمية في اليمن.
“وأضاف: برأيي أن ما تقوم به السعودية عمل ممنهج يهدف إلى شل التعليم بشكل كامل وتتويه الأجيال وإجبارهم على التوجه إلى حقول إنتاج الإرهاب وهو ما يحدث الآن على الأرض ، والدليل أن العدوان استخدم أكثر من طريقة للوصول إلى ذلك ولعل أبرز ما قام به قصف طيرانه لعشرات المدارس في مختلف المحافظات وتحويل الكثير منها إلى ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة وأماكن تدريب مسلحين تابعين لها وكذلك بث روح الرعب والخوف في نفوس الطلاب المطالبين بالعودة إلى المدارس من خلال التحليق المكثف للطيران فوق سماء اليمن وبالتالي جعل المدارس أهدافاً مباشرة لها وهو الأمر الذي أدى إلى منع أولياء الأمور لأبنائهم من الذهاب الى المدارس خوفا من قصف الطيران خصوصا وأن العدوان لن يرعوي عن فعل ذلك.
حنين وعراقيل
في محافظة عشقت العلم وتسلقت الصعاب لتصل إليه فكان من الطبيعي جدا أن يشتاق أهلها لحاضناتهم التعليمية ويرغبون وبشدة للعودة إليها ، الطالب عامر على ناجي ردمان أحد الطلاب الذين انتظروا بفارغ الصبر قرار العودة إلى المدارس لكنه كغيره من اترابه أجبر على مواصلة مشوار الصبر..
عامر الذي يدرس في مدرسة الارشاد بمديرية صبر الموادم في الصف الثامن قال أنه يتمنى العودة إلى مدرسته فقد اشتاق إليها كثيرا وتمنى أن يتوقف العدوان والحرب بأي شكل من الأشكال ليعود الناس إلى أعمالهم ويعود هو إلى مدرسته.
أما الطالب سمير عبدالجبار أول ثانوي يقول :أنه يشعر بالحنين إلى مدرسته وزملائه ويتمنى لو أن الحرب تنتهي ليعود كلٌ إلى عمله ويتسنى له العودة لمدرسته..
لكن سمير يرى أن حلمه ذاك بعيد عن المعانقة كون العدوان لم يتوقف عن استهداف المنشآت التعليمية ، وبعد أن أفصح لنا سمير عن مشاعره الجياشى تجاه مدرسته أخذ يتحدث عن العدوان الذي قال عنه ” أنه همجي وجبان”.. ولم يكن عامر وسمير حالتين استثنائيتين بل عبر الكثير من الطلاب عن مطالبهم ومشاعرهم والتي لاتبتعد عن مطالب الطالبين عامر وسمير.
ختاما
يشعر طلاب المدارس عموما وتعز على وجه الخصوص باستياء كبير من الأعمال الهمجية التي يقوم بها العدوان السعودي وعلى رأسها استهداف المدارس والمنشآت التعليمية وطالبوا جميع المنظمات الدولية والإقليمية بالتدخل لوقف تلك الأعمال كما طالبوا أطراف الصراع بتجنيب المؤسسة التعليمية ويلات الصراع والحروب.
وأكدوا صمودهم الكبير في وجه العدوان خاصة وأن كثير من أبناء تعز لم يتوقفوا عن الدراسة بل ذهب بعضهم إلى إب للالتحاق بالمدارس والجامعات دونما تأخير مما يعكس حالة صمود قبل نظيرها..وبانتظار أن تتطهر تعز من الإرهاب والتطرف والعدوان الغاشم.

قد يعجبك ايضا