الشعب‮.. ‬حاضر بقوة وقت لهيب الثورة‮ .. ‬غائب وقت المغانم


محمد سيف القراري –
أشكال وصور الدعم الشعبي‮ ‬للثورة السلمية تعددت وكثرت قصصها لدرجة لا‮ ‬يمكن رصدها حتى في‮ ‬مجلدات‮ ‬وما‮ ‬يثير ذلك الدعم‮ ‬غير المعلن الذي‮ ‬تسابق أصحابه ليقدموا كل ما لديهم وما‮ ‬يستطيعون دون انتظار الشكر أو الإشادة أو بهدف الحصول على المغانم عندما تنتصر الثورة كما‮ ‬يفعل الساسة والانتهازيين الذين لا هم لهم إلا اصطياد الفرص التسلق على حساب دماء الشهداء أو من تم إعادة إنتاج الماضي ودعم شعبي‮ ‬بريء‮ ‬فجميع المواطنين شاركوا بثورة الشباب السلمية‮ ‬نساءٍ‮ ‬وشيوخاٍ‮ ‬وأطفالاٍ‮ ‬وأضعف المشاركات تلك الدموع التي‮ ‬كانت تذرف في‮ ‬القرى والمدن وفي‮ ‬كل بيت وأمام شاشات التلفزة والفضائيات ألماٍ‮ ‬وحسرةٍ‮ ‬على ما كان‮ ‬يتعرض له الشباب في‮ ‬مسيراتهم السلمية من قمع وتنكيل بشع‮ ‬الدموع تلك كانت زاداٍ‮ ‬غير منظور ولا محسوس لدعم الثورة خلال مسيرتها المليئة بالتعرجات والانكسارات والانتصارات‮.‬

تفاعل لا محدود
‮> ‬محيط الساحات تحول إلى ميدان مفتوح للدعم الشعبي‮ ‬فكثيراٍ‮ ‬ما كانت الساحات تتعرض لمحاولات اقتحام ومواجهات دامية‮ ‬غير متكافئة‮ ‬فالشباب بصدورهم المفتوحة والطرف الآخر بالقنابل المسيلة للدموع القاتلة والرشاشات وغيرها من أسلحة الموت‮ ‬فكان المواطنون‮ ‬يهبون لنجدة الشباب ومشاهد أصحاب الموتورات وهم‮ ‬ينقلون المصابين والقتلى خلال المواجهات في‮ ‬جولات الجامعة وكنتاكي‮ ‬وكأنهم ملائكة إنقاذ سقط بعضهم قتلى وجرحى في‮ ‬لحظات كانوا‮ ‬يقومون فيها بإنقاذ مِنú‮ ‬يستطيعون إنقاذه‮ ‬إنها مشاهد من الدعم الشعبي‮ ‬غير المنظم‮ ‬والتي‮ ‬رافقت مراحل الثورة الشبابية والمسيرات السلمية‮.‬
‮> ‬قصة الحقيبة المليئة بالمجوهرات والنقود‮ ‬والتي‮ ‬رواها لي‮ ‬الثائر محمد إسماعيل أحمد الرحبي‮ ‬الذي‮ ‬نجا من الموت بإعجوبة وظل مرابطاٍ‮ ‬في‮ ‬ساحة الحرية إلى أشهر من بعد توقيع المبادرة الخليجية‮ ‬وقصص الموتورات التي‮ ‬شاهدتها بأْم‮ ‬عيني‮ ‬ومزاد الحذاء الذي‮ ‬تناولته وسائل الإعلام حينها‮ ‬صور من صور الدعم الشعبي‮ ‬الذي‮ ‬رفد الثورة الشبابية بالجوية والقوة وأوصلها إلى طريق استطاعت أن تحقق بعض أهدافها رغم محاولات الالتفاف عليها بحبال وألاعيب السياسة التي‮ ‬غالباٍ‮ ‬ما تحصد ما‮ ‬يزرعه الآخرون‮.‬
قوافل الدعم الشعبي‮ ‬ليس لها حدود‮ ‬فالبصل الذي‮ ‬كان‮ ‬يتساقط من نوافذ وأسطح المنازل على الثوار خلال المواجهات لتخفيف تأثيرات‮ ‬غازات القنابل المسيلة للدموع‮ ‬شاهد آخر على الدعم الشعبي‮ ‬غير المنظور‮ ‬وصور الفل والورود تتساقط فوق رؤوس الشباب خلال مسيراتهم في‮ ‬الشوارع للتعبير عن المشاركة والفرحة بما‮ ‬يقومون به من عمل بطولي‮ ‬لصناعة تاريخ جديد‮ ‬زخات المياه الباردة وهي‮ ‬تنهمر على رؤوس المشاركين في‮ ‬المسيرات وللتخفيف من شدة حرارة الشمس‮ ‬أيضاٍ‮ ‬قصص وروايات ملحمية تؤكد التحام فئات الشعب بالثورة ودعمها وإنجاحها‮.‬

سخاء الميسورين
‮> ‬بعض الميسورين في‮ ‬الأرياف كانوا‮ ‬يقومون باستئجار باصات وحافلات تقل بشكل شبه‮ ‬يومي‮ ‬لنقل مِنú‮ ‬يرغب في‮ ‬الانضمام إلى ساحات الاعتصام بالمدن‮ ‬بل وتزويدهم بالمصاريف وشراء الخيم كمساهمة منهم في‮ ‬إنجاح الثورة‮ ‬وأعرف بعض هؤلاء وهو المحامي‮ ‬عبدالرحمن طه الشيباني‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يستأجر باصات كل خميس لكي‮ ‬يقوم بنقل مِنú‮ ‬لا‮ ‬يستطيع الانتقال ويريد المشاركة في‮ ‬الثورة من أبناء منطقته في‮ ‬الحجرية ونقلهم إلى ساحة الحرية‮ ‬بل وكان‮ ‬يزود بعضهم بالمصاريف النقدية‮ ‬وهذه من المشاركات الذاتية التي‮ ‬ليس لها هدف سوى إنجاح الثورة‮.‬
‮> ‬وتمثل الدعم الشعبي‮ ‬لثورة الشباب السلمية التي‮ ‬بدأت ارهاصاتها بالتزامن مع أحداث تونس ومصر ونضوجها ليلة إعلان سقوط نظام مبارك في‮ ‬مصر في‮ 11 ‬فبراير بعدة مظاهر وفي‮ ‬أكثر من طريقة نحاول استعراض بعضها كشواهد من خلال ذكر واسترجاع بعض الأحداث البسيطة والتي‮ ‬لم تدون أو توثق حينها رغم أهميتها الكبرى في‮ ‬إنجاح هذا الحدث الذي‮ ‬لا‮ ‬يزال الشعب‮ ‬يراقب تطوراته وتعرجات مسيرته عن كثب‮.‬
‮> ‬فالعشرات من الشباب وطلاب الجامعات والناشطين تحولو بفضل التفاف جماهير الشعب إلى ملايين‮ ‬يتجهون في‮ ‬ساحات الاعتصام ويخرجون في‮ ‬مظاهرات سلمية مليونية تحدث كل وسائل القمع وكانت أيام الجمع تشكل محطة لاستعراض ذلك الدعم الشعبي‮ ‬الآتي‮ ‬من كل جغرافية اليمن وفئات الشعب دون استثناء راسمين أبلغ‮ ‬الرسائل المطالبة بالتغيير رافعين أقوى الأصوات المطالبة بإسقاط النظام‮.‬

عام رئيسي‮ ‬للنجاح
‮> إذا كان الدعم الشعبي‮ ‬الظاهر والخفي‮ ‬هو أساس نجاح الثورات عبر التاريخ فلا‮ ‬يمكن لأي‮ ‬ثورة مهما كان التخطيط لها دقيقاٍ‮ ‬ومحكماٍ‮ ‬أن تنجح وترى النور وتتحول إلى واقع معاش بعد ذلك دون أن‮ ‬يكون لها قبول جماهيري‮ ‬ودعم شعبي‮ ‬يسعدها في‮ ‬العلن أو السر‮ ‬وإذا‮ ‬غاب هذا العنصر أو العامل الرئيسي‮ ‬تتحول الثورات إلى انقلابات فاشلة أو حركات تمرد‮ ‬يتوجب القضاء عليها أو أعمال شغب وفوضى ويزج بمن‮ ‬يقفون وراءها خلف القضبان تمهيداٍ‮ ‬لوضع رقابهم في‮ ‬المشانق‮.‬
وثورة الشباب السلمية في‮ ‬اليمن امتلكت عامل الدعم الشعبي‮ ‬وبزخم كبير جداٍ‮ ‬منذ بدايات انطلاقها الأولى‮ ‬حيث بدأت بخروج عشرات الشباب في‮ ‬مسيرات سلمية سرعان ما‮ ‬يتم السيطرة عليها وتفريقها من قبل سلطات الأمن واعتقال من لا‮ ‬يستطيع الفرار إلا أن إصرار الشباب على تكرار تلك المسيرات‮ ‬يومياٍ‮ ‬تأثر و استجابة لما جرى في‮ ‬تونس ومصر وما هي‮ ‬إلا أيام حتى تحولت تلك المسيرات قليلة العدد إلى مظاهرات أكثر قوة وإصراراٍ‮ ‬على تحقيق هدف التغيير وإسقاط النظام‮.‬
وبفضل الدعم الشعبي‮ ‬والجماهيري‮ ‬لتلك المبادرات الشبابية السلمية تحولت إلى مظاهرات مليونية وساحات اعتصام في‮ ‬كل محافظة‮ ‬يمنية بدأت في‮ ‬تعز وصنعاء ثم انتشرت في‮ ‬كل محافظات الوطن وسبب ذلك هو الدعم الشعبي‮ ‬والتفاف جماهير اليمن خلف مطالب التغيير الذي‮ ‬رفعه الشباب‮.‬

تصوير / محمد حويس

قد يعجبك ايضا