مصر التي كانت كبيرة

منذ نعومة أظفارنا ونحن نتعلم أن مصر هي قائدة العالم العربي وكان الكثير من أساتذتنا يعلموننا ذلك وبالفعل كنا نعتقد ذلك وبالتأكيد كان المصريون يقودون العمل العربي المشترك وكانت كل الدول تتبع مصر وتحاول أن تنال رضاها كما كانت العاصمة المصرية القاهرة مقصدا لكل السياسيين والمثقفين وكل الشخصيات العربية التي كانت تقصد القاهرة لتتعلم فيها ومنها وبالطبع فإننا هنا في اليمن تعلمنا من المصريين الكثير فكانوا هم الأساتذة الذين عملونا ودرسونا في مختلف مراحل التعليم وهذا يحسب لهم ومازلنا نحتفظ لهم بالجميل ولن ننساه.
وبالتأكيد فإن لمصر مكانتها الكبيرة في قلوبنا وهناك من الشخصيات التي تحظى باحترام وتقدير الكثير من الناس في العالم العربي والإسلامي من العلماء والمثقفين والأدباء والفنانين والإعلاميين و الرياضيين وغيرهم ومازلنا نحتفظ لهم بذكريات رائعة ومواقف متميزة على المستويين العربي والإسلامي وهذا ليس يخفى على أحد.
في هذه الأيام ومنذ فترة قصيرة تحولت مصر العظيمة إلى مجرد رقم صغير وعلى الهامش في كل شيء حتى في السياسة فقد فقدت القاهرة دورها الريادي لمصلحة بلدان أخرى صغيرة في المساحة والسكان والحجم السياسي لكن خزائنها مليئة بالأموال التي يتم نثرها هنا وهناك لشراء كل شيء حتى أنها اشترت مصر ومواقفها بحفنة من الدولارات وجعلت منها مجرد تابع ينتظر لكل ما يرمى إليه منهم.
منذ أن نشبت كذبة الربيع العربي أو بالأصح الربيع اليهودي في بعض الدول العربية كتونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والعراق لم تشهد المنطقة العربية أي استقرار بل زادت الانقسامات والاختلافات والحروب وأصبحت كل دولة عربية مشغولة بنفسها وأحداثها الداخلية التي طغت على كل ما عداها من قضايا مصيرية مثل قضية فلسطين التي كانت في يوم من الأيام هي الشغل الشاغل لكل الدول العربية والإسلامية لكنها اليوم لم تعد تمثل ولا واحد بالمائة من الاهتمامات العربية والإسلامية وفي مقدمتها جمهورية مصر العربية التي قادت العمل العربي واستضافت الجامعة العربية في عاصمتها وكما قلت أنها كانت القبلة الأولى لكل السياسيين والمثقفين والشعراء والأدباء والعلماء وحتى المواطن العادي كان يفضل الذهاب إلى مصر سواء للعلاج أو للسياحة أو غيرها لكن مصر اليوم صارت تابعا ذليلا لدول أقل منها في كل شيء وأصبح المال يعمي أبصار وبصائر الكثير من أصحاب القرار المصري بحيث جعلهم يقدمون تنازلات كبرى ويتنازلون عن مواقف الأخوة العربية وما تقتضيه وكذا التنازل عن دعم القضية المركزية للعرب والمسلمين والمتمثلة في قضية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأشد أنواع حروب الإبادة.
وفي موضوع اليمن فقد كان أبناء الشعب اليمني يتوقعون من مصر العربية التي قاطعها العرب في يوم من الأيام بسبب اتفاقية كامب ديفيد وبقيت اليمن مع بعض الدول على موقفها الداعم لمصر وقضاياها واستقلالية قرارها الذي اتخذته في ذلك الوقت لكن مصر اليوم خذلت الشعب اليمني حينما وقفت إلى جانب الجلاد السعودي الذي شن عدوانا غير مبرر على الشعب اليمني وأمعن في قتل المواطنين ودمر كل البنى التحتية المدنية والعسكرية لليمن بل إنها ساندت ودعمت هذا العدوان وأبدت استعدادها لإرسال جنود مصريين لليمن لقتل الشعب اليمني واحتلاله وكأن الدرس السابق الذي لقيته القوات المصرية التي جاءت إلى اليمن في الستينيات من القرن الماضي لم يتم استيعابه جيدا وأنا اقترح على المسؤولين المصريين أن يدرسوا التاريخ اليمني جيدا وما حصل لجيشهم في اليمن حتى يراجعوا حساباتهم ويتراجعوا عن أي خطوة من هذا القبيل.
ثمة اعتقاد لدي أن الشعب المصري العظيم الذي نكن له جميعا كل الحب والتقدير ليس راضيا عما تعمله قيادته والتي جعلت من مصر تابعا وليس متبوعا كما كان في السابق وأن هناك حراكا قويا في مصر لإعادة المسئولين المصريين إلى رشدهم وصوابهم حتى تعود مصر في قمة القيادة وليس في أسفل السلم ولا يجعلوا المادة تتحكم فيهم كما يقول المثل اليمني الشهير ” القرش يلعب بحمران العيون.

قد يعجبك ايضا