.والأحرف تبحث عن نفسها !!
عبدالرحمن بجاش
تحاول في شتاتك هذا أن تجمع الحروف من كل صوب , تلملم بها الكلمات , لتكون فعلا , أو على الأقل قولا , توجهه إلى من لا يزال يسمع أو يعقل , تتوه منك الحروف , تستدعي شتاتك وشتاتها , فيتشكل أمامك عالم هلامي , كنت تتخيله أو تتصوره عالما حقيقيا بنيته حرفا, حرفا , فاصلة, فاصلة, نقطة, نقطة , فلا تجد سوى سراب , يستدعي كل قوتك لتلاحقه في كل الاتجاهات , لتكتشف أنها حتى الاتجاهات لم تعد موجودة, فالشرق صار يشار إليه على أنه بداية أيام الدبور والتعالي, والشمال تأتي منه دائما الرياح المحملة بالغبار فلا نعد نرى ما أمامنا ولا جنبنا , ومن الجنوب أو الجنوب صار عنوانا للايقين المستشري في نفوس الناس ليبقى الغروب مآلات من كانوا يحلمون بقصيدة علها تشعل شعبا , فاكتشف ان القصيدة صارت على أبواب الجوازات صباحا تزاحم علها تستخرج جوازها وترحل من هنا , حيث لم يعد للحرف وهجه , وصار خاملا كما هي مشاعر وأحاسيس الناس , وكلما تخيلت أنك تجمعها الأحرف لتصير هديرا , فتكتشف أن الأحرف لم يعد لها نفس الألق , نفس التأثير , وفي بلد يقتل حرفه , فلا يتولاك اليقين بمستقبل , هو الآخر صار مغتربا , يذكرك بنفسه عبر الرسائل , وبعض نقود للأولاد الذين لم يعودوا حتى قادرين على لبس ملابسهم , فمن كثرة الشقوق عليها , صارت أحيانا تلبسها من العرض , وأخرى بالطول , وفي كل حين من أي ثقب تجده أمامها , ما الذي حصل ¿ ما الذي جرى ¿ كيف فقدنا الاتجاهات , لنفقد الاحرف !! , لنفقد القدرة على استخدامها , ألم يقولوا أن الكلمة أقوى من الطلقة ¿ يبدو أن الرصاصة ستحتل مكان الحرف , وتتحول نهاراتنا إذا لم يبق للفعل فرصة التيقن إلى نهارات يقتات منها الإنسان كل العدم , يا أيها الناس : حين يفقد الحرف قيمته , فماذا يتبقى للإنسان من حوائط دفاع عن الحياة¿ ويا أطفالنا غادروا طفولتكم فقد فقد الكبار كل ذرة حكمة قيلت عنهم وهي الآن تتبرأ منهم مكرهة !!! , أيتها الاحرف لا تتركينا برغم أننا فقدنا القدرة على لملمتك في حنايا أنفسنا كما كنا نلجأ اليك كلما أدلهمت اللحظات , صارت الأنفس تلهث متعلقة ببقايا يقين من أجل استمرار الحياة , يكون السؤال في اللحظة التي لا لون لها ولا طعم سوى طعم التراب : إلى أين تذهبين يا كل الأحرف منا ¿ وإلى أين نحن تائهون ¿¿¿.