نريد عيدا.. بدون خوف
محمد العريقي
تطل علينا مناسبة عيد الأضحى المبارك هذا العام في ظل أحداث متسارعة.. جعلتنا في حالة من الذهول, ونشكر الله أن بلادنا لم تنزلق إلى حافة الهاوية, ومع ذلك فلا نزال نعيش الحيرة من أمر المستقبل, فمؤشر الأمن والاستقرار يحتاج إلى الكثير من الخطوات التي تطمئن النفوس وتهدي القلوب .
إن كل ما يحدث للإنسان من شر هو من سوء تصرفه ومن صنع يديه, أما هذا الكون فإن الله سبحانه وتعالى يسيره ويتحكم فيه بنظام وانتظام محكم, وسخر للإنسان من الخيرات والمناسبات لينعم منها ماديا وروحيا ليعيش في الدنيا سعيدا وفي الآخرة في نعمة ونعيم .
ومناسبة عيد الأضحى المبارك تذكرنا هذه الأيام بعظمة العطاء الرباني, حيث تتجسد قيمة التضحية والعطاء والطاعة والرحمة والمحبة, كما جسدها أبونا ابراهيم وابنه اسماعيل عليهما السلام .
وفي هذه المناسبة أيضا تتقاطر قوافل الرحمن باتجاه بيته العتيق لأداء فريضة الحج, حيث يجتمع المسلمون في جبل عرفات, ويرمون الجمرات كرمز على نبذ الشيطان, ويطوفون حول البيت الحرام, كل تلك شعائر لها معاني ودلالات عظيمة, تصب في تطهير الروح وتحللها من الذنوب.
وحرصا على هذه الشعيرة العظيمة فقد وفق الله عددا من إخواننا وآبائنا من اليمن أن يحجوا هذا العام ومنهم عدد من جيراني الذين خرجوا يوم كان هناك أصوات القذائف والرصاص, وقلت في نفسي يا لها من مفارقة عجيبة, ناس متجهين إلى الحج, وآخرون يتبادلون قذائف الموت, وهذه سنة الحياة, لذلك نرجو أن يكون العيد بعيدا عن أجواء التوتر, وعلى الجهة المسؤولة عن الأمن أن تزيل كل مظاهر الخوف والفزع , فلابد أن يعيش المواطن حياته كما هي, ليستمتع بأيام العيد, فأغلب الناس بل جميعهم, يمقتون كل من يتسبب في تعكير الأجواء, وهم يصرون أن تمضي حياتهم, دون استسلام لليأس والإحباط .
ولذلك سنشاهد المواطنين مع أسرهم محتشدين باتجاه الحدائق, ليعيشوا لحظات الفرحة مع أطفالهم, رغم قلة هذه الحدائق في المدن الرئيسية, وانعدامها في المدن الثانوية, وهذا ما يجعلنا نكرر المطالبة بضرورة, تخصيص مساحات أوسع, عند تخطيط الأحياء الجديدة, والعناية بالحدائق الحالية, فالا تزال تنقصها التنسيق, والتشجير, والمرافق المختلفة .
ومن هنا نقول لكل الأسر: عيشوا فرحة العيد, كلا حسب قدرته, فيكفي في هذه الأيام الالتصاق بحياة الأطفال والإحساس بمشاعرهم, إن فرح هذه الوسط يولد فرحنا كآباء, لنطرد الرسميات ونعيش كالأطفال, سنكتشف أن الطفولة لا تزال كامنة في نفوسنا, وأن البراءة هي النعمة والنعيم, فلا نحرم أنفسنا ونحرمهم, هذه المتعة, مهما كانت دوائر الضيق والكرب المحاطة بنا كآباء .
فمشاركة أطفالنا مرحهم وضحكاتهم فيه ما يكفل بطرد الإحباط والتوتر من نفوسنا .
وفي زيارة الأرحام والأقارب ستشعر بسعادة ما بعدها سعادة فالأمر لا يستدعي أكثر من مشوار للتهنئة والمباركة وفرصة اللقاء بالأهل ربما لم تراهم منذ فترة, فالفرحة لن تكتمل إلا بمشاركة الآخرين لأفراحهم, كما هي العبادات الجماعية .
كما أن هناك واجبات والتزامات تجاه الآباء والأمهات وكبار السن وإخواننا وأقاربنا المرضى, فزيارتهم وتقديم التهنئة وتلمس أحوالهم والاطمئنان على صحتهم من الأمور الإنسانية والأخلاقية والدينية الضرورية, فالتهنئة بالعيد تسهم في زرع الود في القلوب, وفي مثل هذه المناسبات فإن الواجب يجعلنا نتذكر إخواننا وأبناءنا في القوات المسلحة والأمن الذين يحمون أمن وسيادة الوطن, ندعو لهم بالصحة والعافية والسداد والتوفيق, وكذلك لكل مرابط في عمله في مثل هذه الأيام ليقدم خدمة للآخرين على حساب راحته, نقول لهم وللجميع (عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير) .