للأحلام وقت آخر!!
جميل مفرح
* ” ما الذي تتوقعه وما الذي تريده من الحكومة القادمة”!!
هذا السؤال وصلني في رسالة خاصة من زميل صحفي يجري تحقيقا صحفيا حول توقعات المواطنين عن الحكومة الجديدة وأدائها بعد الأحداث التي شهدتها البلاد وتأسيسا على تلك الأحداث وما جرى إزاءها أو خلالها من متغيرات في خارطة وواقع النظام السياسي.. ذلك في شق من شقي السؤال.. بينما ذهب الشق الآخر من السؤال إلى طموحات وأحلام أبناء الشعب ومطالبهم من الحكومة الجديدة التي يأتي تشكيلها من واقع فعل تغييري شعبه ثوري غاضب ورافض للواقع الذي كان يعيشه أو عاشه كنتاج لتحرك تغييري لم يلب مطالب الشعب بالشكل الذي كان مأمولا نظرا لتدخل رؤى وأهداف وإرادات القوى السياسية التي صادرت الإرادة الشعبية العامة ما أدى إلى تخبط في الأداء واستغلال الحدث..
* والسؤال الذي يطرحه الصحافيون والإعلاميون بشكل عام حول توقعات وإرادة الشعب من أي حدث أو ثورة أو انقلاب تغييري سؤال ساذج للغاية ولا يتوافق مع مثل هذه الأحداث حين يشارك فيها الشعب لا تتشكل إلا على إرادة شعبية واسعة ورؤى احتجاجية على واقع سيئ يعيشه الشعب وطموحه في التغيير إلى واقع أفضل من ذلك الواقع المنتقد والمرفوض الذي قام وتجسد ذلك الحدث من أجل اجتثاثه أولا ثم تغييره بالدرجة الثانية.
* إن ما يريده الشعب من الحكومة الجديدة هو بالطبع ما أراده ويريده حين أعلن رفضه لواقعه فلم يكن الشعب ولن يكون طرفا في إرادات وحسابات سياسية أيا كانت تلك الإرادات والحسابات.. الشعوب تبحث عن حياة كريمة وإن في أدنى مستوياتها على الأقل.. الشعوب تنشد الأمن في كل شيء الأمن في الحياة والحفاظ على النفس من المخاطر والمهالك الأمن في توفر الغذاء والصحة والتعليم ثم تاليا لذلك تحسن المستوى المعيشي الذي يضمن له حياة أفضل وأرغد حياة آمنة يستطيع فيها الاستقرار وبالتالي التفاؤل بالقادم والتخطيط له وعلى ذلك يأتي التأسيس لمستقبل أفضل وبناء أجيال قادمة ناجحة يمكن أن تؤسس للتفاؤل والاطمئنان.
* ما الذي يريده أبناء اليمن.. سؤال يمكن أن يجيبك عنه فلاح بسيط أو عامل بالأجر اليومي أو جندي راتبه لا يكاد يغطي حاجته الشخصية كفرد فما بالك حين يكون عائلا لأسرة وأبناء يخطط لهم ولمستقبلهم يجيبك الجميع بأنهم لا يطمحون ولا يحلمون بواقع مثالي متخيل خصوصا بعد ما شهدته البلاد من قلق وقلاقل مرعبة ومتغيرات لا يبعث شيء منها على الأمان والاطمئنان.. الجميع يريدون فقط أن تعود الحياة إلى طبيعتها على الأقل قبل ما شهدته البلاد من محاولات تغييرته صادرها السياسيون تحت راية الإرادة الشعبية.. يريدون نسبة معقولة من الاستقرار والأمان ليعودوا إلى مواقعهم الطبيعية في الحياة ليعولوا أنفسهم وأسرهم وأطفالهم.
* الشعب اليوم لا يهمه ولا يعينه ويشغله شكل الحكومة أو نظام الحكم الذي سيعيش في ظله وإن يكن ما يكون!! بقدر ما يهمه ضمان الاستقرار والأمن ليمارس حياته ويعود للكد والجد والمثابرة من أجل تحقيق أقل قدر من مستويات العيش.. وذلك برأيي كاف ما دام في ظل الأمن والاستقرار.. إنها مرحلة البحث عن حياة في أي شكل من أشكالها شريطة أن تكون بعيدة عن القلاقل والخوف والرعب الذي عاشه ويعيشه المواطن اليمني منذ أكثر من ثلاث سنوات ولو أجرى ذلك الصحفي أو سواه استطلاع رأي لوجد أن أكثر من تسعين في المائة من أبناء الشعب لم يعد يهمهم شيء من تلك الشكليات النظامية.. بعد أن كان مهتما بها في السابق حين كانت حياته مستقرة ومهيأة لأن يخوص غمار الاهتمام بالسياسة وأشكال ونظم وطرق الحكم.
* عموما إن سؤال طموحات وتوقعات المواطنين في الآتي سواء حكومة أو نظام حكم يرتبط في الوقت الراهن بعودة هؤلاء المواطنين إلى ساقية الحياة الاعتيادية التي تضمن لهم استقرارا كافيا للشعور بالأمان المعيشي اليومي ثم بعد ذلك من الممكن أن نناقشه ثم بالإمكان أن نتحاور معه حول متخيله وأحلامه..
* وبالتالي فإن ما يطمح به الإنسان اليمني اليوم ويتمناه وجدد حكومة توفر له تلك الأرضية الصحيحة التي يبني عليها استقراره وتوقف لهاثه وراء لحظة الأمان والاستقرار التي تمثل في اللحظة الراهنة مطلبه وحلمه وطموحه الأول بأي حال من الأحوال.