مرحى يا عراق ثمان العمودي
–أ.د عمر عثمان العمودي
الأيام دول وتلك الأيام نداولها بين الناس الدول قديما لا تستغني عن قادتها الأقوياء من أهل الطموح والبسالة وبالقادة الأقوياء تقوى الدول وتبقى حيوية ومنعة الدول وبالقادة الضعفاء تضعف الدول وتصغر في عين الأعداء هيبة ومكانة ويطمح الغير فيها وهكذا كان حال الدولة العباسية والخلافة العباسية في بغداد الرشيد منذ منتصف القرن الهجري الثالث.
كان الخليفة المعتصم قد أكثر من الاعتماد على العنصر التركي رغبة في تجنب أخطار الصراع بين الفرس والعرب ولكنه أوقع الدولة تحت هيمنة وسيطرة العنصر التركي كما ظهر ذلك في عهود الخلفاء العباسيين بعده وأغلبهم من الضعفاء غير المؤهلين للحكم وبدأ القادة العسكريين الأتراك في فرض سيطرتهم ونفوذهم على الحكم وسياساته وظهر بعد ذلك أكثر من إمارة وأكثر من سلطنة مستقلة بذاتها وتحت سيادة الخلافة العباسية اسميا وتصارعت فيما بينها وصولا إلى السيطرة على الخلافة والخلفاء وسار ونهج البوهيون وهم من الفرس والديلم وحكموا باسم العباسيين أكثر من قرن من الزمن وفرضوا الهوان والمسكنة على خلفاء بني العباس وكانوا من الشيعة الزيدية ثم تغلبت عليهم قوة أخرى وهم السلاطين الأتراك السلاجقة ولمدة تزيد على قرنين وكان من أهم سلاطينهم الأقوياء السلطان ألب أرسلان ثم أبنه وخليفته السلطان ملك شاه وكانوا من السنة وعاملوا الخلفاء العباسيين أفضل من البوهيين وإن ظلوا هم وحدهم أصحاب القرار والحل والعقد ومن أشهر وزرائهم نظام الملك الوزير القدير اللامع والشهير في عهدهم وظهر في ظل تلك السلطنة المفكر والعالم الشهير الإمام حجة الإسلام محمد بن محمد الغزالي المتوفى عام 1111م وبعده الإمام الماوردي ويحسب السلاطين السلاجقة دفاعهم العظيم عن الإسلام وديار المسلمين ضد أطماع الدولة الرومانية البيزنطية العدو الأول للدولة الإسلامية في معارك ووقعات حربية عديدة كان لهم النصر في أكثرها وكانت أكثر مناطق آسيا الصغرى وأجزاء عديدة في وسط آسيا تتبع نفوذهم وخاضوا الكثير من المعارك العسكرية ضد المغول والتتار قبل وبعد وصولهم إلى بغداد وتدميرها وقتل آخر خليفة عباسي فيها والأتراك العثمانيون خلفاء الأتراك السلاجقة في آسيا الصغرى وما حولها هم في الأساس من رجال وقادة السلاجقة وقد منحوهم إمارة صغيرة في شمال غرب آسيا الصغرى وقد نجحوا في الدفاع عن الإسلام ودياره ضد دولة بيزنطة وتوسعوا بعد ذلك في شمال وشرق وغرب وجنوب دولتهم وكلما ضعف شأن الأتراك السلاجقة زادت قوتهم حتى حلوا مكانهم في السيادة والحكم وتوسعوا داخل أوروبا وتمكنوا من فتح القسطنطينية وإنهاء وجود الدولة البيزنطية عام 1453م ثم في مرحلة أخرى اتجهوا جنوبا وضموا إليهم سوريا ومصر والعراق.