الأزمة السياسية اليمنية … هل من عقلاء لرأب الصدع بين الفرقاء¿

د/عبد الله الفضلي

 - 
في كل عصر يجد فيه الإنسان نفسه أمام مفترق طرق حاسم. أو يرى نفسه عاجزا عن مواجهة تحديات أقوى منه, وابعد عن سيطرته بأن زمام الأمور قد أوشك على الإفلات من يده وان هناك قوى عاتية لا
د/عبد الله الفضلي –
في كل عصر يجد فيه الإنسان نفسه أمام مفترق طرق حاسم. أو يرى نفسه عاجزا عن مواجهة تحديات أقوى منه, وابعد عن سيطرته بأن زمام الأمور قد أوشك على الإفلات من يده وان هناك قوى عاتية لا سلطان له عليها توشك أن تودي به إلى الدمار والخراب. ولكن وفي كل عصر كان الإنسان يعود إلى نفسه ويراجعها باحثا ومنقبا وكان في الأخير يقنع نفسه بأن حل مشكلاته يكمن في داخله وفي عقله وفهمه لنفسه قبل أن يكمن الحل في الجهات الخارجية.
ولذلك فإن حل الأزمة السياسية الجارية في اليمن لا تكمن في الاستعانة بالخارج من قبل أي طرف من الأطراف مهما كانت قوة ووزن وثقل وجبروت هذا الخارج ما لم يكن الحل يمنيا خالصا بنسبة 100% وقد قالها بن عمر في مجلس الأمن الدولي في التاسع والعشرين من شهر آب/أغسطس الماضي 2014م إن الحل الأزمة السياسية في اليمن والخروج منها ينبغي أن ينبع من الداخل اليمني أي من قبل أبناء البلد الواحد والدين الواحد واللغة الواحدة والتاريخ الواحد والطبيعة الجغرافية الواحدة والمزاج اليمني الواحد والمصير والمستقبل الواحد , إذا لماذا نختلف كل هذا الاختلاف العميق ونتصارع ونتقاتل ونحن ننتمي إلى وطن واحد والى ملة دينية واحدة ومن حق كل مواطن ينتمي إلى تراب هذا الوطن أن يمارس حقوقه كاملة التي منحها إياه الدستور والقانون دون تمييز أو انتقاء أو تهميش أو إقصاء , فالحوثيون هم يمنيون ولهم ما عليهم والإصلاحيون يمنيون ولهم ما عليهم والمؤتمر الشعبي يمنيون ولهم ما عليهم من حقوق وواجبات وكل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني هم أيضا يمنيون ومن حق الجميع أن يشاركوا في بناء الوطن كل في مجاله أو اختصاصه ووظيفته ولا ينبغي لأي أحد أن يدعي بأنه الأحق الوحيد في حكم اليمن أو بناء اليمن, حيث ينبغي أن يكون كل اليمنيين شركاء في كل شيء لا أجراء أو مستخدمين. قال الله تعالى 🙁 واتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) كما قال والصلح خير , وقال تعالى في وصفه لبلاد اليمن 🙁 بلدة طيبة ورب غفور). كما وصفنا النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بأهل الحكمة والإيمان . فأين الحكمة والإيمان في ما يحدث في أرض اليمن التي تكاد تنزلق إلى الهاوية نتيجة لغياب أصوات العقل وأولوا الألباب والحكمة والإيمان.
إن ترويع المواطنين في بيوتهم الآمنة وترويع التلاميذ في مدارسهم وتخويفهم من وقوع حرب مدمرة لا تبقي ولا تذر والتي تحشد لها كل الأطراف المتنازعة والمتصارعة على السلطة قد جعل سكان العاصمة بملايينهم الثلاثة يعيشون رعبا وخوفا شديد الوطأة ويقولون ما ذنبنا كمواطنين آمنين ومسالمين ان تنقل المعارك إلى شوارعنا وبيوتنا وتصل شظاياها إلى غرف نومنا ولماذا دائما يكون المواطن المسالم هو الضحية وهو كبش الفداء , وبالتالي ماذنب أطفالنا ونساءت وشيوخنا وهم يعيشون مرعوبين وقلقين وخائفين من أيام الحرب القادمة لو قدر الله والتي تجري الاستعدادات لقيامها في الشوارع على قدم وساق .فأين المفر¿ وهل ستتكرر حرب عمران في صنعاء¿ وتتشرد مئات الآلاف من الأسر وتهجر منازلها وتترك متاعها لأيام مجهولة.
وبالتالي متى سنعي أن الحرب وآثارها المدمرة لن تكون أبدا هي الحل مهما طالت أو قصرت لأن الخاسر الأكبر في قيام الحرب هو الوطن والمواطن.
فيا عقلاء اليمن وياعلماء اليمن يا ورثة الأنبياء ويا أقطاب الصراع السياسي تحاوروا وتناصحوا ثم تفاهموا ثم استقيموا كما أمركم الله حتى تصلوا إلى حلول لكل هذه الصراعات وإخراج بلادنا إلى بر الأمان, ولا تجعلوا بلادنا أضحوكة بين الأمم وبرهنوا للعالم أنكم فعلا أصحاب حكمة وإيمان وانظروا إلى من حولكم وما آلت إليه الأوضاع في الدول العربية الشقيقة في سوريا والعراق وليبيا , وهل ستوصلون اليمن إلى ما وصلت إليه تلك الدول ¿
اتقوا الله في أنفسكم وفي وطنكم وفي مواطنيكم.

قد يعجبك ايضا